بيروت
التراث الحضاري الوطني والعمراني بشكل خاص، شاهد على إنجازات أسلافنا.
قدره أن يبقى في صراع مستمر مع الزمن.
ظاهرة تناقصه المستمر يدفعنا إلى التضامن والمبادرة للحفاظ على ما تبقى منه.
وهو مسعى على قدر أهميته، على قدر ما هو صعب ومعقد.
يؤدي الإرث الحضاري دورًا معنويًا في بناء الأوطان.
هو عود إلى الجذور وهو حاضن للعناصر الثقافية والإجتماعية والروحية.
كثيرون من المواطنين من تراهم غافلين عن أهميته، لا يكترثون لصيانة تراثهم الثقافي.
لا وعي لديهم للحفاظ على الروابط بين ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم.
إن هنري بريغسون (1859 – 1941) يعتبر الرائد في هذا الحقل، مطلق فكرة التراث الوطني والثقافي في اطروحته الفلسفية التي نشرها في السنة 1921.
من رحم هذه الأطروحة، ولدت اللجنة الدولية للتعاون الثقافي وتعتبر الأب الروحي لمنظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) التي أبصرت النور في العام 1945.
تعززت هذه الفكرة وأخذت تتبلور في بعد شمولي في العام 1972، تاريخ إعداد لائحة التراث العالمي وفيها مواقع تاريخية من مختلف بلدان العالم.
مع بداية القرن الحادي والعشرين تطور مفهوم التراث الثقافي، ما دفع اليونيسكو إلى طرح لائحة جديدة أضيفت على الأولى، أطلقت عليها تسمية "ذاكرة العالم".
إن الإعتراف بأهمية التعددية الثقافية والبيئية الإنسانية والعمل على تطوريهما إستنادًا على مبدأ التنمية المستدامة بات عنوان التناغم في مختلف عناصر الأصالة التاريخية.
كلّنا مدعوون لحماية تراث لبنان الوطني وتعريف العالم على أهمية حواضره وعلى تميزها.
أما داخليًا، فيقع علينا واجب غرس شعور الإعتزاز في نفوس المواطنين لاسيما الأجيال الشابة، وحثهم على الحفاظ على ثرواتهم الثقافية والتاريخية والطبيعية كونها إطار شخصيتهم المعنوية وهويتهم وعلامة تميز مجتمعهم ووطنهم.
كلنا مدعوون، وأكثر من أي وقت مضى، للتضامن والتلاقي للنهوض بالعاصمة المنكوبة وإعادة الحياة إلى شوارعها وحماية ذاكرتها والحفاظ على تراثها ومشهدية الجمال فيها التي أبهرت السواح والرحالة والعالم أجمع.
علينا أن نعيدها، على هذا البحر المتوسط، جوهرة براقة تضاهي مدن العالم جاذبية.
على أنقاضها، ونحن أبناؤها الأوفياء، تشدّنا هذه المدينة المتأملة فنسرع بالإمساك بأبنائها المفجوعين بيد وبتراثها المدمر باليد الأخرى.
علينا واجب الحفاظ على هذا التراث.
علينا أن نعيد ترميمه وأن نورّثه إلى أبنائنا بنبضه الراعش إرثًا لهم يرثونه ويتوارثوه.
لا يجوز أن ندع تراث بيروت ولبنان يتفتت ويندثر ويغيب في طوايا النسيان.
الإرث الحضاري نتاج خبرات إنسانية تكدّست جيلاً بعد جيل وتكثّفت.
هو تأكيد لهوية ضاربة في الزمن، صامدة بوجه التحولات والأعاصير، واستمرت مدى العصور واقعًا حسيًا تلحظه عيننا وتلمسه يدنا.
ولأن حوار الحضارات لا يقوم بدون حوار التراث ولأن تواصل التنوع الثقافي هو ثروة تحتاج لتنمية مستدامة كي تستمر.
ولأن التراث عامل جذب سياحي وثقافي وأركيولوجي.
لأجل ذلك، هو أيقونة أمس ورفيق حاضر وبداية غد.
هو هويتنا في المستقبل، به نكون أو لا نكون.
واجبنا أن نحافظ على ما تبقى وأن نسترجع البائد، وأن لا نسمح بزوال ما يتهدده الزوال.
فلنكن على حجم الوصية، وعلى مستوى الإعتزاز بما ورثنا.
ولنتحمل مسؤولية إنقاذ تراثنا، سواء كان طبيعيًا في أرضنا أم حرفيًا أم محمية بيئية أم إرثًا شفويًا أم مخطوطًا أم أيقونة أم تحفة أم مسجدًا أم كنيسة أم معبدًا أم خانًا أم سرايا أم مسرحًا أم مدرجًا أم قلعة أم قصرًا أم ناووسًا أم حجرًا محفورًا أم قماشة أم طريقًا أم واحة أم ساحة.
هذا التراث العظيم هو خبز حضارتنا في معجن الإنسانية الجائعة للحياة والسلام.
بحسب السائح الإيطالي المالطي "ماجري"، شيّد المهندسون الإيطاليون القصر الفخم على الطراز الإيطالي فأحاطوه بالجنائن والإسطبلات وأقفاص الوحوش.
أما "ماريني" السائح الذي زار لبنان حوالي العام 1761، فزعم أن هذا القصر ليس من أعمال الإيطاليين بل هو من بناء المماليك. فستندًا في رأيه إلى الشكل العربي الذي تتميز به هندسة القصر.
تهدّم قصر الأمير هذا مع الزمن ولم يبق منه إلى أنقاض قبل أن تتم أزالتها بالكامل في عهد الإنتداب الفرنسي حين شيّد عبود عبد الرزاق مكانها بناية سينما أوبرا التي حلت محل البورصة القديمة في بيروت.
حرص الامير المعني على ان يجعل من الأراضي المحيطة بقصره حديقة غناء عامرة بأنواع الأشجار المثمرة وأن يجعل فيها مرابط لخيله. وحشر في ناحية منه الأنواع المختلفة من الحيوانات الأليفة والمفترسة. وفي موقع سوق سرسق، الحالي كان قائمًا خان الوحوش. وهو امتداد لحديقة البرج.
وهذه الحديقة المليئة بالأشجار ومرابط الخيل ومحاجر الحيوانات كانت تعرف عند الأقدمين باسم بستان فخر الدين. فيكون بستان فخر الدين أول اسم أطلق على ساحة البرج.
في أواخر القرن الثامن عشر، حكم بيروت أحمد باشا الجزار، منفردًا بالسلطة على المدينة، بعد أن استولى عليها من الامير يوسف الشهابي.
حاول الأمير يوسف أن يجلب القراصنة الروس ليسترجع معهم بيروت من قبضة الجزار. فاستعان بقائد الأسطول الروسي، في قصف المدينة. لكن المحاولة باءت بالفشل، حيث أن الجزار كان حصّن المدينة جيدًا ورمم قصر الأمير فخر الدين متخذًا منه برجًا لرد غارات المغيرين.
أنزل الأسطول الروسي مشاته في ضواحي المدينة لضرب البرج بالمدافع.
منذ ذلك التاريخ أطلق الناس على الساحة اسم ساحة المدفع.
وثمة رواية أخرى تعيد هذه التسمية إلى سنة 1860 يوم نزل نابوليون الثالث بمدافعه إلى هذه الساحة. والأصح هي الأولى
وساحة البرج لم تكن تابعة لمدينة بيروت التي كانت محصورة في الماضي ضمن سورها وأبوابها في طول لا يتجاوز 750 مترًا وعرض لا يزيد عن نصف طولها.
في السنة 1831، دخلت الجيوش المصرية بيروت تحت أقواس النصر بقيادة ابراهيم باشا واتخذت ساحة البرج معسكرًا لها.
إستفاد الفاتحون من حصون الجزار فرمموا البرج الذي كان يقوم بناؤه الرئيس في محلة سينما ميتروبول وأطلقوا عليه اسم البرج الكشاف، وكان ارتفاعه ستين قدمًا وسمك جداره 12 قدمًا.
منذ ذلك الوقت أطلق الناس على ذلك البرج إسم برج الكشاف الذي حرّفت العامة تسميته فأطلقت عليه اسم برج الكشاش.
ينبغي التنبيه أن البرج الذي أخدت منه الساحة التسمية (ساحة البرج) هو ليس برج الكشاف كما يعتقد الكثيرون ولكنه البرج الكبير الذي في عهد السلطان المملوكي الظاهر برقوق على قاعدة برج من أبراج خرائب قلعة قديمة، كما أثبت مؤرخ بيروت عبد اللطيف فاخوري في كتابه "منزول بيروت".
لفت فراغ الأرضي المجاورة للبرج القديم نظر فخري بك رئيس الدائرة البلدية، فعمل جاهداً لتنظيم ساحة البرج وإنشاء حديقة كبيرة بها، وقام بتنظيفها وتنظيمها وحوّلها سهلة للبرج (ساحة) إبتداءً من العام 1878 على غرار حديقة الأزبكية في القاهرة، وبنى حولها رصيفاً من الحجارة وجعل داخله إطاراً حديدياً غرس خارجه عدداً وافراً من أشجار الزنزلخت التي توفر الظلال في أيام الصيف. وأسماها الحديقة الحميدية نسبة للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني.
نقرأ في جريدة "ثمرات الفنون" لصاحبها المرحوم عبد القادر القباني – العدد 178 في السنة 1878:
"وجنابا لرئيس فخري بك عازم على وضع مسلة من الرخام في ذلك المنتزه بارتفاع أربعة أمتار فوق قاعدة الرخام، تُحاط بدرابزون متقن وينقش عليها مقدار ما يتبرّع به كل إنسان على ذلك العمل مع التنويه به، بحيث يكون أثرًا جميلاً. كما أن في عزم جنابه، أن يكون ذلك المتنزه في غاية الحسن والإتقان ويجعل فيه محلات للجلوس وقهوة تصلح لجلوس الجميع وتحضر فيه الموسيقى العسكرية وغير ذلك من المحسنات التي ستبرزها فكرة جنابا لرئيس وفطنته النقادة بما يكون إن شاء الله من أحسن الآثار".
نقرأ أيضًا في جريدة "ثمرات الفنون":
"ونتيجة لرغبة فخري بك، خصص المجلس البلدي في بيروت في موازنته، ثلاثماية ليرة تُضاف إليها ثلاثماية أخرى تركته مكارم عزتلو فخري بك، من معاشه، لإصلاح فسحة البرج وإنشاء الممرات والحدائق فيها. وأطلق عندئذ على المكان إسم منزه الحميدية نسبة إلى السلطان عبد الحميد الثاني.
تفرّع من ساحة البرج شارع يؤدي إلى سوق النورية حمل إسم سوق الحميدية.
في بدايات حقبة الإنتداب الفرنسي، وبعد بيكو، تولى كلٌّ من غورو وويغان ثم سيراي، منصب المفوض السامي الفرنسي. وفي أول كانون الاول 1925، عُيّن هنري دو جوفنيل خامس مفوض سام على لبنان الكبير. فبادر فور وصوله إلى صبغ الحكم بصابغ ديمقراطي داعيًا الأهالي إلى انتخاب جمعية تأسيسية تضع دستورًا ينظم الحكم، مع إبقاء البلاد تحت إشراف الموظفين الفرنسيين بصفة مستشارين.
وكانت بيروت وسائر المدن التي ألحقها غورو بمتصرفية جبل لبنان وشكّل من مجموعها دولة لبنان الكبير، يرفضون بغالبيتهم التجاوب مع دعوة دوجفنيل والإعتراف بالإنتداب الفرنسي وبفصلهم عن البلاد السورية، على عكس أعيان جبل لبنان الذين وجدوا في عضوية الجمعية التأسيسية فرصة لتكريس نفوذهم.
إحتشد البيروتيون في مدرسة جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في الخامس من كانون الثاني 1925 بدعوة من المفتي الشيخ مصطفى نجا، وصدر بيان عن المجتمعين يعلنون فيه رفضهم للإنتداب الفرنسي ويطالبون بالإتحاد مع سوريا على قاعدة اللامركزية. وأرسلوا بيانهم إلى كل من حكومة الجمهورية الفرنسية وعصبة الأمم في جنيف. كذلك أبرق عمر بك الداعوق باسم نواب بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع إلى عصبة الأمم بواسطة المفوض السامي الفرنسي يطالب باستقلال المدن المذكورة استقلالاً إداريًا مرتبطًا باتحاد لامركزي مع لبنان القديم وسوريا.
لم تلق هذه الإعتراضات آذانًا صاغية إن من الفرنسيين أو من عصبة الأمم.
سار دو جوفنيل في سياسته واعتبر الجمعية التأسيسية ناطقة باسم الشعب، رغم مقاطعة غالبية أبناء المدن لها. ودعا هذه الجمعية للموافقة على دستور للبنان سبق أن وضعته لجنة برئاسة بول بونكور معيّنة من وزارة الخارجية الفرنسية في آيار 1926. وانتخب شارل دباس أول رئيس للدولة، التي حملت منذ ذلك التاريخ اسم الجمهورية اللبنانية وعاصمتها بيروت.
في أيار 1940، وبعد احتلال ألمانيا النازية لفرنسا، تسلّم الماريشال بيتان الحكم وبدأ عهد ما عرف بحكومة فيشي، وقد دخلت بيروت في فلكها قبل أن يجتاح الإنكليز السواحل اللبنانية وتضرب طائراتهم ومدفعيتهم بيروت بالقنابل موقعة العديد من الخسائر في الأرواح والممتلكات.
بتأييد من زعمائها المسلمين والمسيحيين، طالب رئيس الجمهورية اللبنانية ألفريد نقاش الجنرال دانتز بإعلان بيروت مدينة مفتوحة. إلا أن الجنرال الفرنسي رفض. لكن المعارك سرعان ما مالت لصالح بريطانيا وانتهت باستسلام حكومة فيشي وانسحابها من بيروت التي دخلها الإنكليز في 28 تموز 1941 ترافقهم مجموعة من الجنود الفرنسيين المنضوين تحت لواء الجنرال ديغول وحكومة فرنسا الحرة.
في اليوم عينه، غادر دانتز بيروت حاملاً معه احتياطي سوريا ولبنان من الذهب.
بعد سيطرة الإنكليز على البلاد وصل الجنرال ديغول إلى بيروت والتقى زعماءها وعيّن الجنرال كاترو مفوضًا ساميًا لحكومة فرنسا الحرة في سوريا ولبنان.
بعد تسلمه منصبه رسميًا كمفوض سامي لحكومة فرنسا الحرة في سوريا ولبنان، كانت خطوة كاترو الاولى بيانًا أكد فيه رغبة حكومته بإعطاء البلاد الإستقلال بموجب معاهدة تعقد لاحقًا بين فرنسا ولبنان.
كذلك ثبّت الجنرال كاترو ألفرد نقاش رئيسًا للجمهورية، ثم أعلن في السادس والعشرين من تشرين الثاني 1941 استقلال لبنان.
عارض الوطنيون بيان الجنرال كاترو وقدم رياض بك الصلح في عشرين كانون الأول 1941 مذكرة قال فيها: إن حدث السادس والعشرين من تشرين الثاني 1941 لم يحقق مطامح بلادنا الوطنية وهو لم يكتف بأن لا يحقق أمانينا الأكثر شرعية والمعبّر عنها مرارًا، بل إنه يمس مصالحنا القومية والسياسية والإقتصادية.
وإنه يسوؤنا أن تجيء تفسيراتكم للإستقلال نقضًا للوعود العلنية وللتصريحات الرسمية التي كان تفضل بها السادة تشرشل وإيدن والجنرال ديغول وليتلتون وسعادتكم.
إن النظام الذي وضعتموه للبنان والقيود السياسية التي فرضتموها تمنعه من أن يساهم في تحقيق الوحدة العربية التي تكلم عليها السيد آيدن وأن ينضم إليها بمطلق إرادته وبدون موافقتكم.
فمن أجل ذلك لي الشرف أن أقدم لسعادتكم هذه المذكرة وأن أقدم نسخًا منها لكل من الحكومات التالية...
وذكر الصلح كلاً من الحكومة البريطانية وحكومة الولايات المتحدة الأميركية وحكومة الجمهورية التركية وحكومات الدول العربية مصر والعراق والمملكة العربية السعودية.
يستشف من هذه الرسالة أن رياض الصلح كان يعمل من أجل الإستقلال التام للبنان وانضمامه إلى ما يشبه الإتحاد العربي.
في الحادي والثلاثين من كانون الأول 1941، أقيمت حفلة في السراي الكبير على شرف المستر هاملتون رئيس بعثة سبيرز الذي جاء رسميًا من قبل الحكومة البريطانية ليهنئ الرئيس ألفريد نقاش باستقلال لبنان.
وفي يوم الخميس 19 تشرين الثاني 1942 حضر إلى سراي الحكومة المستر ودزورس الذي تعين وزيرًا مفوضًا للولايات المتحدة الأميركية وقدم لألفرد نقاش رئيس الجمهورية بحضور وزير الخارجية أوراق اعتماده وألقى خطابًا أيد فيه استقلال لبنان وأعلن تاييد بلاده للدولة اللبنانية المستقلة.
أما مصر فلم تسارع إلى الإعتراف بهذا الإستقلال، رغم أنها اعترفت باستقلال سوريا.
وفي الحادي والثلاثين من آب 1943، جرت الإنتخابات في لبنان واشتد الصراع بين الكتلة الوطنية برئاسة إميل إده الموالي للفرنسيين والمؤيد لعزل لبنان عن البلاد العربية والكتلة الدستورية برئاسة الشيخ بشارة الخوري الموالي للإنكليز والمؤيد لتعاون لبنان مع البلاد العربية. وقد فازت الكتلة الدستورية في الإنتخابات.
في الحادي والثلاثين من آب 1943 جرت الإنتخابات في لبنان وكان الصراع على أشده بين الكتلة الوطنية برئاسة إميل إده والموالية للفرنسيين وبين الكتلة الدستورية برئاسة الشيخ بشارة الخوري والموالية للإنكليز.
وفي الحادي والعشرين من أيلول 1943 إنتخب النواب الشيخ بشارة الخوري رئيسًا للجمهورية اللبنانية.
فبادر بعد انتخابه إلى تكليف رياض بك الصلح بتاليف أول حكومة إستقلالية في لبنان فتشكلت على النحو التالي:
رياض الصلح رئيسًا للحكومة ووزيرًا للمالية
كميل شمعون وزيرًا للداخلية والبريد والبرق
سليم تقلا وزيرًا للخارجية والاشغال العامة
عادل عسيران وزيرًا للتموين والتجارة والصناعة والإقتصاد اولطني
الامير مجيد إرسلان وزيرًا للدفاع الوطني والزراعة والصحة
إلتأم بعدها مجلس النواب وتلي بيان الحكومة وأعطيت الثقة على أساسه.
وأعلن يومها رياض بك الصلح في كلمته أن لبنان وطن ذو وجه عربي يستسيغ الخير النافع من حضارة الغرب إن إخواننا في الأقطار العربية لا يريدون للبنان إلا ما يريده أبناؤه الأباة الوطنيون. نحن لا نريده للإستعمار إليهم ممرًا. فنحن وهم إذًا نريده وطنًا عزيزًا مستقلاً سيدًا حرًا.
قبل أن ينال لبنان استقلاله الفعلي، كان إعلان الإستقلال في كل مرة كلامًا في كلام.
فقد سبق أن أعلن الجنرال كاترو ألفرد نقاش رئيسًا للجمهورية.
قدّم رياض الصلح مذكرة اعتراضية في العشرين من كانون الأول 1941، قال فيها:
إن حدث السادس والعشرين من تشرين الثاني 1941، (تاريخ إعلان استقلال لبنان في ظل الإنتداب) لم ير فيه رياض الصلح تحقيقًا لمطامح بلادنا الوطنية وهو لم يكتف بأن لا يحقق أمانينا الأكثر شرعية والمعبر عنها مرارًا، بل إنه يمس مصالحنا القومية والسياسية والإقتصادية وإنه يسوؤنا أن تجيء تفسيراتكم للإستقلال نقضًا للوعود العلنية وللتصريحات الرسمية...
من أجل ذلك لي الشرف أن أقدم لسعادتكم هذه المذكرة...
وقدم رياض الصلح نسخة عن مذكرته بالإضافة إلى الجنرال كاترو إلى كل من الحكومة البريطانية وحكومة الولايات المتحدة الأميركية وحكومة الجمهورية التركية وحكومات الدول العربية أي مصر والعراق والمملكة العربية السعودية.
وفي جلسة البيان الوزاري لإعطائها الثقة، أعلن رياض الصح أمام النواب وبوصفه رئيسًا للحكومة اللبنانية:
إن لبنان وطن ذو وجه عربي يستسيغ الخير النافع من حضارة الغرب.
إن إخواننا في الأقطاب العربية لا يريدون للبنان إلا ما يريده أبناؤه الأباة الوطنيون.
نحن لا نريده للإستعمار إليهم ممرًا. فنحن وهو إذًا نريده وطنًا عزيزًا مستقلاً سيدًا حرًا.
في العشرين والخامس والعشرين من تشرين الاول ١٩٤٣ سلمت الحكومتان اللبنانية والسورية، كل على انفراد، انذارا الى المندوب الفرنسي هللو تطلبان فيه تحويل المندوبية الفرنسية الى تمثيل دبلوماسي مع اعادة جميع مظاهر السيادة والصلاحيات لحكومتي البلدين.
يوم الاثنين الثامن من تشرين الثاني انعقد مجلس النواب عند الثالثة والنصف بعد الظهر لتعديل الدستور. صدق التعديل ٤٨ نائبا.
أما محضر تعديل الدستور فقد أخفاه النائب جوزف ضو تحت أحد شمعدانات كنيسة الكبوشية كي يحفظه من يد الفرنسيين.
عند الثالثة بعد منتصف ليل الخميس الحادي عشر من تشرين الثاني، اعتقلت العساكر الفرنسية الشيخ بشارة الخوري ورياض الصلح وعادل عسيران وسليم تقلا والشيخ عبد الحميد كرامي واحتجزتهم في قلعة راشيا طيلة أحد عشر يوما قبل أن تفرج عنهم بعد أن عمت البلاد المظاهرات والاضطرابات.
في الأثناء تألفت في بيت ال سلام في محلة المصيطبة في بيروت حكومة وطنية مؤقتة من الوزراء الذين لم يتم احتجازهم.
على أثر تدخل الدبلوماسية العربية والأجنببة أفرج عن الزعماء المعتقلين يوم الثاني والعشرين من تشرين الثاني الذي صار عيدا وطنيا لاستقلال لبنان.
ساحة الشهداء
تعود تسمية ساحة الشهداء إلى حدث السادس من آيار يوم علق على أعواد المشانق في الساحة الشهداء
قبل أن تتخذ هذا الإسم عُرفت هذه الساحة ببستان فخر الدين
إلى يوم أصبحت تحمل فيه اسم ساحة البرج ثم ساحة الشهداء
سابقًا كان ذاك البستان مركزًا لتجميع عربات الخيل وكانت الوسيلة الوحيدة المعتمدة للتنقل.
أما اليوم فصارت محجة لآلاف السيارات والشاحنات ووسائل النقل البرية
نشأت هذه المحلة منذ عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني بعد عودته من توسكانا في إيطاليا في الثلث الأول من القرن السابع عشر للميلاد.
فقد أراد أن يُدخل إلى بيروت النمط الهندسي الأوروبي ولذلك اصطحب معه المهندسين الإيطاليين وكلفهم بتشييد قصر لائق له في ضاحية بيروت الشرقية حيث تقع اليوم الساحة المعروفة باسم ساحة البرج.
بحسب السائح الإيطالي المالطي ماغري شيد هؤلاء المهندسون القصر الفخم على الطراز الإيطالي وأحاطوه بالجنائن والإصطبلاط وأقفاص الوحوش.
أما السائح ماريني الذي زار لبنان حوالي العام 1761 فرأى أن هذا القصر ليس من أعمال الإيطاليين بل بناه المماليك مستندًا في زعمه إلى الشكل العربي الذي تميزت به هندسة القصر. وقصر الأمير تهدم مع الزمن وبقيت منه أنقاض أزيلت في عهد الإنتداب الفرنسي في السنة 1932 يومها شيّد عبود عبد الرزاق في موضعه بناية سينما أوبرا التي حلت محل البورصة القديمة في بيروت.
حرص الأمير المعني أن يجعل منا لأراضي المحيطة بقصره حديقة غناء عامرة بالأشجار المثمرة ووضع فيها مرابض خيله وانواعًا مختلفة من الحيوانات المأليفة والمفترسة.
وفي الموقع الذي يعرف اليوم بسوق سرسق أقام خان الوحوش وهو امتداد لحديقة البرج
بهذا يكون بستان فخر الدين أول إسم أطلق على ساحة البرج.