الدبلوماسية المصرية الهادئة والمسارات الهادفة

كتب أنطوان فضّول:
تعود مصر إلى لعب دور دبلوماسي مركزي في لبنان يقوم على تثبيت الاستقرار ومنع الانزلاق إلى مواجهات مفتوحة، مستفيدة من موقعها التاريخي كدولة وازنة قادرة على التواصل مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.
فمصر تنظر إلى الساحة اللبنانية بوصفها إحدى نقاط التماس الحساسة بين الأزمات العربية والإقليمية، وترى أن أي اهتزاز كبير فيها ستكون له ارتدادات مباشرة على الأمن العربي ككل.
وتهدف مصر إلى إعادة لبنان إلى الحاضنة العربية، ومنع تركه رهينة للمبادرات الدولية المنفردة أو للتجاذبات الإقليمية الحادة.
وتسعى إلى توفير مظلة عربية جامعة تواكب أي تسوية مقبلة.
هذا الدور العربي، وإن بدا هادئاً وغير صدامي، يشكّل عاملاً أساسياً لإعطاء الشرعية السياسية لأي تفاهمات مستقبلية، ومنع تصويرها على أنها تنازلات أحادية أو مفروضة من الخارج.
وتتعاطى مصر مع موضوع سلاح حزب الله، من منطلق الربط بينه ومسألة بناء الدولة إنطلاقًا من فكرة التدرج: دعم المؤسسات الشرعية، وفي مقدّمها الجيش، وتعزيز دورها الأمني والسيادي، بما يخلق بيئة داخلية تسمح بفتح نقاش وطني هادئ حول مستقبل سلاح الحزب بعيدًا من أي تفجير داخلي، وتهيئة للشروط السياسية والعربية التي تجعل الحل جزءاً من تسوية شاملة.
كذلك تلعب مصر دورًا غير مباشر نحو تعبيد الطريق أمام التفاوض اللبناني–الإسرائيلي، كونها تملك خبرة طويلة في إدارة المفاوضات المعقّدة مع إسرائيل، وتحظى بثقة أميركية وأوروبية، وبعلاقات مستقرة مع معظم القوى العربية.
ما يمكنها من خفض منسوب التوتر، وتشجيع مقاربة تفاوضية واقعية تقوم على تثبيت التهدئة أولاً، ثم الانتقال إلى ترتيبات أمنية وحدودية تضمن مصالح لبنان وتحفظ سيادته، من دون دفعه إلى مسار تطبيعي يتجاوز الإجماع والغطاء العربيين اللذين تعمل على تأمينهما ولو بالحد الأدنى، كي تمنح الدولة اللبنانية سنداً سياسياً في أي مفاوضات أو تفاهمات.
إن مصر تعمل على توفير شبكة أمان سياسية وديبلوماسية تسمح للبنان بالتحرك من موقع أقل هشاشة.
السبت (13/12/2025)