المشهد اللبناني
المشهد اللبناني من يوم الإثنين 30 حزيران 2025، حتى يوم الأربعاء 30 تموز 2025، إعداد أنطوان فضّول
عاد مجلس النواب اللبناني إلى الانعقاد في الأول من تموز بعد أن فُقد النصاب مساء اليوم السابق، الإثنين 30 حزيران 2025، نتيجة تصاعد الخلافات بين عدد من الكتل المسيحية وبعض النواب التغييريين من جهة، ورئاسة المجلس من جهة أخرى، وذلك على خلفية إدراج قانون الانتخاب، لا سيما مسألة اقتراع المغتربين والميغاسنتر، ضمن جدول الأعمال.
وقد أعلن الرئيس نبيه بري حينها أنه لم يتسلّم عريضة موقعة من أكثر من 65 نائباً تطالب بتبني اقتراح القانون المعجل المكرر، ما زاد من حدة التوتر.
جاء هذا الاشتباك النيابي في وقت بالغ الحساسية، إذ تزامن مع تطورات إقليمية كبرى ترسم معالم جديدة للشرق الأوسط، ولم يكن لبنان بمنأى عنها.
واحتدم النقاش مجددًا حول منح المغتربين حق التصويت الكامل، بينما بدأت اللجنة الثلاثية الممثلة للرؤساء الثلاثة جهودها لصياغة رد موحد على المقترحات الأميركية التي حملها الموفد الأميركي طوم براك إلى بيروت قبل أيام.
وشهد القصر الجمهوري في بعبدا اجتماعات مطولة للجنة التي ضمّت ممثلين عن الرئيس جوزف عون والرئيس نبيه بري والرئيس نواف سلام، واستمرت لساعات صباحًا ومساءً، وسط تكتم شديد، بهدف بلورة موقف لبناني موحد يعكس توافقًا داخليًا.
وأجمعت مصادر سياسية مطلعة على أن هناك إرادة رسمية جامعة لإخراج رد متماسك، يراعي التوازن بين المطالب الإسرائيلية وتصورات حزب الله، وخصوصًا ما يتصل بحصرية السلاح ومسألة الدفاع الوطني.
وقد كشفت مصادر «اللواء» أن حزب الله ربط أي تفاهم حول السلاح بالتوصل إلى استراتيجية دفاعية حقيقية، مؤكدًا أن ورقة القوة اللبنانية لا يجب أن تُسحب قبل تنفيذ إسرائيل كامل التزاماتها في اتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل الانسحاب من النقاط الحدودية الخمس، ووقف الاعتداءات، وتثبيت الحدود، وإطلاق الأسرى، وإعادة الإعمار.
في السياق ذاته، عمل الرئيسان عون وسلام على الضغط باتجاه تنفيذ وقف إطلاق النار وتسهيل انتشار الجيش اللبناني على طول الحدود الدولية، مع منع أي مظاهر مسلحة.
ورجّحت المصادر أن يُنجز الرد اللبناني خلال أيام قليلة، ليشمل أبعادًا تقنية وسياسية وعسكرية وأمنية.
وخلال الجلسة النيابية التي انعقدت عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر أمس، أُقرت عدة اقتراحات قوانين، قبل أن يُرفع الاجتماع عند الثانية والنصف ليُستأنف مساءً، وسط مشادات بين النواب، لا سيما بعد رد الرئيس بري على تهديد النائب جورج عقيص بالانسحاب، مؤكدًا أن العريضة لم تصل بعد، وأن المجلس مستمر "من دون تهديد".
وشهدت الجلسة أيضًا تصريحات حادة من النواب جورج عدوان وسامي الجميل وميشال معوض، الذي دعا إلى جلسة مناقشة مع الحكومة حول حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، معتبرًا أن المعركة مستمرة ولا أحد يمكنه الوقوف بوجه إرادة اللبنانيين، واصفًا ما حدث بـ"جريمة بحق الاغتراب اللبناني".
وأُقر خلال الجلسة تعديل مواد من موازنة 2025، إلى جانب إبرام اتفاقية قرض مع البنك الدولي لتنفيذ مشروع للطاقة المتجددة، كما أُقرّ فتح اعتماد إضافي لوزارة التربية لدعم صندوق تعاضد الجامعة اللبنانية، بالإضافة إلى تخصيص 1500 مليار ليرة لصندوق تعاضد القضاة، ومنح إعفاءات للمتضررين من الحرب الإسرائيلية من الضرائب والرسوم.
من جانبه، انتقد النائب جبران باسيل اقتراح إلغاء انتخاب النواب الستة للمغتربين، معتبرًا أن في ذلك سلبًا لحقوق الاغتراب.
وفي تطور إقليمي لافت، كشفت مصادر دار الفتوى أن المفتي عبد اللطيف دريان سيزور دمشق السبت المقبل على رأس وفد ديني كبير، للقاء الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع.
وأشارت المصادر إلى أن الوفد سيضم مفتي المناطق وقضاة الشرع وأعضاء المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى، وأن جدول اللقاءات لا يتضمن ملفات خاصة بل يناقش العلاقات العامة بين البلدين في ضوء المتغيرات.
أمنيًا، أعلنت السلطات توقيف خلية إرهابية نائمة على صلة بتنظيم "داعش"، ويُشتبه بتواصل عناصرها مع جهاز الموساد الإسرائيلي.
كما ضبطت الجمارك في مطار بيروت مبلغ 8 ملايين دولار بحوزة ثلاثة أشخاص قادمين من إحدى الدول الإفريقية، بعدما صرّحوا أن ما يحملونه لا يتجاوز 250 ألف دولار، وقدموا تبريرات غير مقنعة.
وفي الجنوب، أبلغ الرئيس عون القائد الجديد لقوات اليونيفيل الجنرال ديودانو ابنيار أن الظروف الراهنة تتطلب استمرار وجود القوات الدولية، دعمًا للجيش اللبناني في الحفاظ على الاستقرار، معتبرًا أن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة واحتلال التلال الخمس وعدم إطلاق الأسرى تُعدّ انتهاكًا لقرار مجلس الأمن 1701 ولإرادة المجتمع الدولي.
أما في موقف لافت، فقد أعلن الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة في لبنان كانت ولا تزال في موقع الدفاع، مؤكدًا التمسك بالأرض، ورافضًا أي دعوات لتسليم السلاح، معتبرًا أن الاحتلال مؤقت وأن التحرير دائم.
يوم الثلاثاء 1 تموز 2025، لبنان بين ضغوط الخارج وتقدم الداخل: توافقات سياسية وتشريعات مالية وخيارات دقيقة في مواجهة الاستحقاقات الكبرى
رغم الغيوم الكثيفة التي ظلّت تخيّم على المشهد اللبناني، بفعل الترابط الوثيق بين الملفين السوري والإقليمي، فإن الحركة السياسية لم تتوقف، وسجّل الداخل اللبناني اختراقات ملموسة على أكثر من مسار، أبرزها على مستوى العمل التشريعي والتفاوضي، في وقت واصل فيه الخارج ضغطه تحت عناوين السلاح والإصلاحات وإعادة الإعمار.
فعلى المستوى الداخلي، أحرز مجلس النواب خطوة نوعية بإقرار اتفاقية القرض مع البنك الدولي لتمويل مشروع التحوّل الأخضر في قطاع الأغذية الزراعية، ضمن رؤية للتعافي الاقتصادي، إلى جانب فتح اعتماد إضافي في موازنة 2025 لإعطاء منح مالية شهرية للعسكريين في الخدمة والمتقاعدين.
وبرز في هذا الإطار حرص الرئيس نبيه بري على إقرار جدول الأعمال رغم عراقيل النصاب، وسط دعوات لتفعيل المجلس من أجل تعديل قانون الانتخابات، وهو ما شدد عليه نائب الرئيس النيابي الياس بو صعب.
في المقابل، نشط المسار السياسي الرامي إلى بلورة موقف لبناني موحد رداً على الورقة التي نقلها الموفد الأميركي طوم براك، والتي عاد بها إلى بيروت، على أن يستكمل جولته في 7 و8 تموز المقبل، بعد أن طلب مواعيد مع الرؤساء الثلاثة: نواف سلام، نبيه بري وجوزف عون.
اللجنة الثلاثية الممثلة للرؤساء عقدت اجتماعات متواصلة في قصر بعبدا، ووضعت تصوراً من ثلاثة أقسام: أولاً، العلاقات مع سوريا من ناحية التجارة، الأمن، وترسيم الحدود؛ ثانياً، مسألة سلاح حزب الله والأسلحة غير الشرعية، مع التأكيد على حصرية السلاح بيد الدولة؛ وثالثاً، الإصلاحات المالية والإدارية المطلوبة لتأهيل لبنان لتلقّي مساعدات إعادة الإعمار، وفتح ورشة اقتصادية واسعة بعد رفع العقوبات عن سوريا.
وقد تضمّنت ورقة براك، وفق مصادر موثوقة، اقتراحاً بانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تحتلها، مقابل تسليم حزب الله لسلاحه بالكامل قبل نهاية العام، بالإضافة إلى إطلاق أموال إعادة الإعمار.
واعتبر الموفد أن هذه التسوية ستفتح الباب أمام وقف الضربات الإسرائيلية، وإشراف الأمم المتحدة على ملف الأسرى.
الرد اللبناني، كما تسرّب، تمسّك بالحصول على ضمانات لوقف الخروقات الإسرائيلية وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، فضلاً عن إطلاق سراح الأسرى وترسيم الحدود.
وبقيت بعض النقاط "العالقة" قيد النقاش، أبرزها آلية وتوقيت سحب سلاح حزب الله، خاصة في ظل غياب موافقة رسمية من الحزب على هذا الطرح حتى اللحظة.
وبموازاة ذلك، استضافت السفارة الأميركية في بيروت اجتماعاً لسفراء اللجنة الخماسية (الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر، وقطر) لبحث قضيتي السلاح والإصلاحات في ضوء الرد المرتقب من لبنان، فيما لوّح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر برغبة إسرائيل في توسيع اتفاقيات "أبراهام" لتشمل سوريا ولبنان، مكرراً أن الجولان سيبقى تحت السيادة الإسرائيلية.
في السياق الجنوبي، استقبل الرئيس نواف سلام قائد قوة اليونيفيل الجنرال ريودانو أباغنارا، حيث أكّد التزام لبنان بالقرار 1701، وحرصه على حماية عناصر اليونيفيل وتوفير البيئة المناسبة لتنفيذ ولايتها، مع التشديد على ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها.
أما على خط العلاقات الفرنسية، فقد زار وفد فرنسي برئاسة روماريك روانيان وزارة الخارجية اللبنانية، حيث ناقش مع الوزير يوسف رجي تمديد ولاية اليونيفيل والدور الفرنسي في الجنوب.
ميدانياً، استهدفت الغارات الإسرائيلية منزلاً في الجبل الأحمر بين شوكين وحاروف، ما أدى إلى إصابة مدنيين بجروح طفيفة، كما أطلقت القوات الإسرائيلية النار بكثافة على أطراف بلدة عيتا الشعب، وحلّقت الطائرات المسيّرة في أجواء الناعمة وخلدة والبقاع الغربي، في استمرار واضح للخروقات.
اقتصادياً، ثمّن قائد الجيش جوزف عون خلال استقباله وفد "اتحاد نقابات الأفران" الدعم العراقي للبنان، وكشف عن متابعة هبة القمح العراقية إلى خواتيمها، مؤكداً حرص الجيش على حماية لقمة العيش.
في موازاة ذلك، أصدر مصرف لبنان تعميماً جديداً (رقم 169) شدد فيه على المساواة بين المودعين، ومنع سحب الودائع إلى الخارج، في خطوة رأى فيها المراقبون محاولة لإعادة بعض الثقة بالقطاع المصرفي.
لكن الأزمة الاجتماعية لم تهدأ، إذ أعلن رئيس اتحادات النقل البري بسام طليس العودة إلى الشارع بسبب نكث الحكومة بوعودها، كما دعت الإدارة العامة إلى إضراب يمتد من 2 إلى 4 تموز، مطالبة بالعدالة في إعطاء الحقوق المالية للموظفين أسوة بغيرهم.
وفي ملف مكافحة الفساد، بدأت التحقيقات مع المدير العام لكازينو لبنان رولان خوري في إطار شبهات اختلاس، فيما نفى وكيله أن يكون قد تم توقيفه قضائياً حتى الآن.
هكذا بدا المشهد اللبناني في مطلع تموز: تفاعل دقيق بين محاولات التوافق الداخلي ومطالب الخارج، وسط ضغوط اقتصادية خانقة، وميدانية متفجرة، وخيارات مفصلية تنتظر كلمة الفصل.
يوم الأربعاء 2 تموز 2025، في ظل العدّ العكسي لتطورات مرتقبة على الصعد المحلية والإقليمية والدولية، ارتفع مستوى الاهتمام بالتحركات الجدية للجنة الممثلة للرؤساء الثلاثة، والتي كُلّفت بإعداد الرد اللبناني على ورقة المقترحات الأميركية.
وعُقد اجتماع حاسم اليوم في قصر بعبدا، لوضع اللمسات الأخيرة على هذا الردّ، قبل تسليمه إلى الموفد الأميركي طوم براك، الذي حجز مواعيد مع كلّ من القادة الثلاثة: قائد الجيش جوزف عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، تمهيدًا للقاء بهم يوم الاثنين.
إلا أن المشهد السياسي تعقّد مع إعلان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لاءات الحزب المكرّسة، رافضًا تسليم السلاح أو الرضوخ لما وصفه بالضغوط والإملاءات.
وقد أحدث هذا الموقف إرباكًا في أوساط السلطة اللبنانية عشية عودة المبعوث الأميركي.
وبحسب المعلومات المتوافرة، أنهت اللجنة الثلاثية إعداد مسودة شبه نهائية للرد على الورقة الأميركية، ورفع الرئيس نبيه بري نسخة منها إلى حزب الله، بهدف دراستها وإبداء الملاحظات عليها، على أن تكون الصيغة النهائية مقبولة داخليًا وخارجيًا.
وقد تضمن الرد اللبناني عناصر تطمئن المواطنين، وتردّ على الهواجس، وتؤسّس لاستقرار طويل الأمد لا يقل عن خمسين عامًا.
مصادر سياسية مطلعة أكدت أن اللجنة صاغت مسودة ردّ تستند إلى الموقف اللبناني الموحد القائم على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة وضرورة انسحاب إسرائيل.
وتباينت الآراء حول ضرورة عرض المسودة النهائية على مجلس الوزراء، إذ اعتبر الرئيس بري أن الرد اللبناني هو مجرد آلية لمواكبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، في حين رأى آخرون أهمية مناقشته حكوميًا قبل تسليمه.
ملاحظات حزب الله لم تكن قد وردت بعد، غير أن النقاشات استمرت بوتيرة حذرة، في ظل تمسك الحزب بموقفه الرافض للإملاءات، وإن وُجدت رغبة في استكمال التفاهم قبل عودة الموفد الأميركي إلى بيروت في السابع من تموز.
اللجنة الثلاثية التي مثّلت الرؤساء عون وبري وسلام عادت للاجتماع صباحًا في بعبدا لصياغة ردّ يُرضي الجانب الأميركي دون التسبب بخلل داخلي، خصوصًا مع حزب الله والبيئة الداعمة له.
وفي موازاة ذلك، واكبت اللجنة الخماسية الدولية، المؤلفة من الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا وقطر ومصر، هذه التحركات من خلال اجتماعها في السفارة الأميركية في عوكر.
الرئيس نواف سلام أكد من جهته استمرار التنسيق مع الرئيسين عون وبري، واعتبر أن تسليم الرد الموحد للموفد الأميركي يصب في مصلحة لبنان.
وأوضح في كلمة له خلال جلسة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أن الدولة كثّفت الضغوط لتنفيذ القرار 1701، وبذلت جهودًا لبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح، وضبط التهريب، وتعزيز الأمن في مطار بيروت.
وأشار سلام إلى تقدم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، مع السعي لتوقيع اتفاق خلال ولاية الحكومة، لافتًا إلى إنجاز مشروع مطار القليعات، والقيام بجولات ميدانية إلى الجنوب والشمال والبقاع لتحديد الحاجات.
وأعلن عن آلية جديدة للتوظيف في القطاع العام تعتمد على الكفاءة لتحسين الخدمات، مؤكداً أن لا اقتصاد فاعل دون تدفق ائتماني جديد.
كما اعتبر الرئيس سلام أن المرحلة الراهنة دقيقة جدًا في ظل التحولات الإقليمية، مشددًا على أن لا استقرار في لبنان طالما استمرت الانتهاكات الإسرائيلية وبقي الاحتلال لأجزاء من أراضيه.
وفي تطور لافت، أبلغ السفير البحريني الجديد، وحيد مبارك سيار، الرئيس سلام نية بلاده إعادة فتح سفارتها في بيروت وتعيين سفير مقيم، مؤكدًا دعم المنامة للبنان في سعيه للتعافي وإعادة بناء مؤسساته.
أما الأمين العام لحزب الله، فاتهم إسرائيل بخرق اتفاق وقف إطلاق النار أكثر من 3700 مرة، معتبرًا أنها الطرف المعتدي، ورفض بشكل قاطع تسليم السلاح أو القبول بالضغوط، قائلاً إن المقاومة ستستمر حتى النصر، معتبرًا أن هذا وعد إلهي.
في سياق متصل، وصل إلى بيروت ليلًا الأمير يزيد بن فرحان، المكلّف من الديوان الملكي السعودي بمتابعة الملف اللبناني، وذلك قبيل وصول براك، في محاولة متزامنة للوقوف على الموقف اللبناني حيال ملف السلاح غير الشرعي.
وفي المواقف السياسية، أعاد النائب علي فياض، من كفرمان، التأكيد على لاءات حزب الله الرافضة لأي مساومة أو تطبيع أو خضوع للضغوط، مطالبًا الدولة بموقف واضح، لافتًا إلى أن العدو الإسرائيلي هو من خرق وقف النار.
من جهته، قال النائب أديب عبد المسيح من بيت الكتائب إنّ الحزب يلتزم بمسألة حصر السلاح بيد الدولة، داعيًا إلى وضع جدول زمني واضح لنزعه، ومرحبًا بأي قرار يصدر عن حزب الله بهذا الشأن قبل أن يأتي من الدولة، لتوفير مناخ مريح يمهد للاستقرار والاستثمار.
ماليًا، اجتمع وزير المال ياسين جابر مع حاكم مصرف لبنان كريم سعيد لبحث آليات إنصاف المودعين، فيما رحبت جمعية المصارف بالقرار 169 حول المساواة في التعامل، لكن جمعية "صرخة المودعين" رفضته بشدة، واعتبرته انقلابًا على القانون واعتداءً على حقوق الناس.
وفي سياق قضائي، أصدرت القاضية لورا الخازن إشارة بتوقيف المدير العام لكازينو لبنان رولاند خوري بتهمة تبييض الأموال والتهرب الضريبي، إضافة إلى جاد غاريوس.
أمنيًا، أعلن وزير الداخلية أحمد الحجار عن ضبط كمية كبيرة من المخدرات بتعاون وثيق مع وزارة الداخلية السعودية، مؤكدًا حرص المملكة على دعم لبنان.
بيئيًا، قدّمت وزيرة البيئة تمارا الزين دعوى أمام هيئة القضايا ضد من تثبته التحقيقات مسؤولًا عن حرائق القبيات – عكار.
ميدانيًا، واصلت إسرائيل اعتداءاتها في الجنوب، حيث ألقت طائرة مسيرة قنبلة على أحد المزارعين في بلدة يارين دون وقوع إصابات، ما يؤكد استمرار التوتر على الحدود اللبنانية الجنوبية.
يوم الخميس 3 تموز 2025، في عطلة عاشوراء، بقي الملف الأساسي في واجهة المشهد السياسي اللبناني متمثّلًا في إعداد الرد اللبناني الرسمي على ورقة المقترحات الأميركية، والذي كان من المنتظر تسليمه إلى الموفد الأميركي توم براك.
وقد تولّت لجنة ثلاثية تمثّل الرؤساء جوزف عون، نبيه بري ونواف سلام إعداد هذا الرد وسط تنسيق داخلي وخارجي حثيث.
وجاءت هذه المساعي في ظلّ حضور لافت لمستشار وزير الخارجية السعودي الأمير يزيد بن فرحان، الذي وصل إلى بيروت ليل أمس الأول، حيث زار فور وصوله الرئيس سلام، ثم التقى الرئيس عون في اليوم التالي، من دون أن تُعلن أي تفاصيل رسمية عن اللقاء.
لكن المعلومات أفادت بأن زيارته جاءت لمواكبة الاتصالات المرافقة لزيارة الموفد الأميركي، ولا سيّما في ظلّ تعثّر تنفيذ متطلبات اتفاق وقف إطلاق النار جنوبًا، من حصر السلاح بيد الدولة وانتشار الجيش.
وكان لافتًا أن لجنة ممثلي الرؤساء الثلاثة سلمت "حزب الله" عبر الرئيس بري صيغة أولية للرد على الورقة الأميركية.
وقد استقبل بري موفد الحزب، حسين الخليل، يوم الثلاثاء، حيث تسلّم منه مجموعة ملاحظات، نقلها لاحقًا المستشار علي حمدان إلى اللجنة التي ناقشتها في اجتماع موسّع مساء اليوم نفسه، ثم عادت للاجتماع مجددًا أمس لبلورة الموقف النهائي.
كما تطرّق لقاء عائلي جمع الرئيسين عون وبري مساء الأربعاء إلى هذه التطورات، حيث ناقشا بنود الرد اللبناني، إضافة إلى الأوضاع العامة.
وأكد مصدر مطّلع أن براك لم يحمل تهديدات مباشرة، بل جاء بخطة تربط بين "العصا والجزرة"، مشيرًا إلى أن الحزب لم يكن جاهزًا بعد لتقديم ردّه النهائي، وأن النقاشات داخل القيادة ما زالت جارية.
وفي مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، كشف براك أنه قدّم في وقت سابق خطة إلى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، تتضمّن مراحل واضحة لنزع سلاح "حزب الله" وإصلاح الاقتصاد اللبناني.
ولفت إلى أن الخطة تشمل تنفيذ الجيش اللبناني عمليات تفتيش بحثًا عن السلاح، رغم علمه بأنها قد تواجه مقاومة في بعض الأوساط الشيعية.
وأوضح أن الولايات المتحدة تسعى إلى تأمين دعم مالي سعودي وقطري لإعادة إعمار الجنوب، مشيرًا إلى أن تجاوب الطائفة الشيعية مرهون بما ستقدّمه واشنطن من دعم حقيقي.
لكن في المقابل، أكدت أوساط "حزب الله" أن مناقشة قضية السلاح لن تحصل قبل ضمان التزام إسرائيل الكامل باتفاق وقف إطلاق النار، وانسحابها من الأراضي المحتلّة، وإطلاق سراح الأسرى، والشروع بإعادة الإعمار.
وتبنّت الدولة اللبنانية هذا الطرح، مطالبةً هي الأخرى بضمانات أميركية واضحة تضمن تطبيق الاتفاق من الجانب الإسرائيلي.
وفي ظل هذا التوتر، عاد شبح التصعيد العسكري إلى الواجهة، بعدما شنّ الطيران الإسرائيلي غارات طالت مناطق جنوبية، واقتربت من العاصمة بيروت، حيث استُهدفت سيارة مدنية في منطقة خلدة، ما أدى إلى استشهاد شخص يُعتقد أنه من فيلق القدس، وإصابة آخرين.
كما تعرّضت مناطق عدة في الجنوب لغارات جوية كثيفة، طالت النبطية ومجرى الليطاني والعيشية وجبل صافي، وصولًا إلى غارات في البقاع الغربي استهدفت حمى زلايا.
وفي تطوّر ميداني خطير، تسلّلت وحدة من جنود الاحتلال إلى منزل في بلدة كفركلا، وقامت بتفخيخه وتفجيره، ما أدى إلى تدميره بالكامل، فيما استُهدفت منازل أخرى في ميس الجبل وحولا.
على المستوى السياسي والدبلوماسي، عقدت اللجنة الخماسية اجتماعًا في مقر السفارة الأميركية في عوكر، ضم سفراء مصر وقطر وأميركا وفرنسا، وغياب السفير السعودي بداعي السفر، في محاولة لمواكبة الرد اللبناني وضبط إيقاع الأزمة.
في هذا السياق، أكدت كتلة "الوفاء للمقاومة" على ضرورة أن يكون الموقف اللبناني واضحًا، سياديًا، ومتماسكًا أمام الورقة الأميركية، محذّرة من انحياز بعض الدول الكبرى لصالح إسرائيل بدلًا من إلزامها باحترام الاتفاقات.
ومع اقتراب زيارة براك الثانية إلى بيروت، اشتدت الضغوط من خلال تصعيد ميداني وعقوبات جديدة فرضتها الخزانة الأميركية، استهدفت سبعة أفراد مرتبطين بمؤسسة "القرض الحسن"، متّهمةً إياهم بالضلوع في عمليات مالية معقّدة تهدف إلى إخفاء مصادر الأموال التابعة لـ"حزب الله".
وفي سياق آخر، استكمل الرئيس بري أعماله التشريعية، فوقع عشرة قوانين أقرّها المجلس النيابي وأحالها إلى مجلس الوزراء.
كما التقى القائد الجديد لقوة "اليونيفيل" اللواء ديوداتو أبانيارا، حيث جرى عرض للأوضاع في منطقة عمل القوات الدولية، إضافة إلى استقباله ممثل البنك الدولي جان كريستوف كاريه لبحث مشاريع إعادة الإعمار.
رئاسيًا، استقبل الرئيس عون السفير الجزائري في بيروت لبحث التحضيرات المتعلقة بزيارته المرتقبة إلى الجزائر هذا الشهر تلبية لدعوة من الرئيس عبد المجيد تبون.
هكذا تكدّست الضغوط على لبنان في الأيام القليلة الماضية، بين مقترحات مشروطة، وغارات متصاعدة، وعقوبات متلاحقة، فيما البلاد تستعدّ لتقديم موقفها الرسمي الذي سيحدّد مسار المرحلة المقبلة في ظلّ اشتباك إقليمي مفتوح على كل الاحتمالات.
يوم الجمعة 4 تموز 2025، في تطور سياسي ودبلوماسي بارز، نجحت الاتصالات المكثفة التي جرت على غير صعيد في إعادة اللجنة الرئاسية، الممثّلة بالرؤساء الثلاثة، إلى سكة وضع الصياغة النهائية للرد اللبناني المرتقب على ورقة المقترحات التي كان قد سلّمها الموفد الأميركي طوم براك خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت قبل أكثر من أسبوعين.
وتابع رئيس الجمهورية حينها تنسيقًا حثيثًا مع رئيس الحكومة للبحث في مضمون هذا الرد، وجرى الاتفاق على عقد اجتماع للجنة المعنية بصياغته في قصر بعبدا.
وقد شكّلت زيارة الرئيس عون إلى وزارة العدل محطة مفصلية، إذ أطلق منها مواقف أكد فيها أن لا غطاء فوق رأس أحد، مشددًا على أولوية سيادة القانون، ومعلِنًا دعمه العلني للسلطة القضائية في وجه الضغوط، في وقت توسّع فيه ملف فتح التحقيقات في وزارات ومؤسسات حيوية كالكازينو والبيئة والاتصالات.
وعلى خط السيادة، أشارت مصادر مطلعة إلى أن اللقاءات التي عقدها عون انطلقت من مبدأ دعم حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، فيما التزمت اللجنة المعنية بمبدأ "الخطوة مقابل الخطوة"، أي انسحاب إسرائيل مقابل تسليم سلاح بعض الفصائل، في مقاربة بدت متكتمة إعلاميًا، لكن ثابتة من حيث الاتجاه.
وتوسعت المشاورات لتشمل العواصم الدولية، فظهر الموفد الأميركي في باريس بحثًا في الملفات اللبنانية – السورية، قبل أن ينتقل إلى بيروت مطلع الأسبوع، لتسلّم الرد اللبناني المفترض، وسط معلومات تحدثت عن إنجازه بالتنسيق مع حزب الله، وتضمّنه تأكيدًا لحصرية السلاح بيد الدولة بالتوازي مع انسحاب إسرائيلي تام وتطبيق القرار 1701.
بموازاة ذلك، نشط الموفد السعودي الأمير فيصل بن فرحان بلقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، بعد مشاركته في اجتماع اللجنة الخماسية ولقاءاته مع الرئيسين عون وسلام، حيث التقى لاحقًا جبران باسيل ونبيه بري وطلال أرسلان، وتواصل مع سمير جعجع ووليد جنبلاط.
وركّزت لقاءاته على ضرورة التزام لبنان بما وافق عليه، محذرًا من أن البديل عن التسوية هو التصعيد، وهو ما لا قدرة للبنان على تحمله.
وفي سياق الضغط الدولي، كشفت بعض الأوساط عن تلويح أميركي بسحب مبادرة براك إذا تعثرت المساعي، معتبرة أن التسوية يجب أن تُطبخ على نار حامية.
وتحدثت معلومات عن استعداد حزب الله لتسليم صواريخ بعيدة المدى ومسيرات مقابل انسحاب إسرائيلي من النقاط الخمس ووقف الهجمات، ما اعتُبر إشارة إلى انفتاح الحزب على النقاش وفق قاعدة "خطوة مقابل خطوة"، من دون أن يعني ذلك تسليمًا شاملاً وفوريًا للسلاح.
وواكب الرئيس عون هذه التطورات بلقاءات مع رئيس الحكومة، وجبران باسيل، وجورج عدوان، ووفد من "التوازن الوطني" برئاسة صلاح سلام، بالإضافة إلى لقاء مع السفير المصري علاء موسى، الذي أكد دعم بلاده لمقاربة عون الواقعية والهادفة إلى الاستقرار، مشيدًا بدوره في معالجة ملف السلاح.
وأوضح عون في هذه اللقاءات أنه يولي أهمية للوحدة الوطنية، ويعتبر الطائفة السنية ركيزة من ركائز الانتماء العربي والاعتدال، مؤكدًا التنسيق القائم مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ومع القيادة السورية.
في المقابل، نفت مصادر قصر بعبدا المعلومات التي تم تداولها عن دخول مجموعات مسلحة إلى لبنان أو الاستعداد لاقتحامات على الحدود مع سوريا، موضحة أن التنسيق الأمني مع دمشق مستمر على قدم وساق، خصوصًا في ملف مكافحة التهريب.
من جهته، واصل حزب الله مراجعة استراتيجيته، إذ تحدثت مصادر عن قناعة جديدة لديه بأن الترسانة العسكرية التي راكمها تحولت إلى عبء سياسي وأمني، وهو يدرس تسليم مزيد من السلاح النوعي للجيش اللبناني ضمن صفقة شاملة.
وأشارت قناة "الحدث" إلى أن الحزب وافق على مبدأ براك القائم على "خطوة مقابل خطوة"، مع رفضه تحديد جدول زمني لتسليم السلاح، على أن يسلم رده لرئيس المجلس نبيه بري شاملاً ضمانات واضحة.
في السياق ذاته، دانت وزارة الخارجية الفرنسية الغارات الإسرائيلية، خصوصًا تلك التي أوقعت ضحايا مدنيين، وشددت على أن اتفاق وقف إطلاق النار ينصّ على حصرية نزع السلاح بالجيش اللبناني، تحت إشراف اليونيفيل وآلية المراقبة.
وفي موازاة الحراك السياسي، شهدت الساحة الميدانية تصعيدًا إسرائيليًا متواصلًا، إذ استهدفت طائرات الاحتلال مناطق في الجنوب، وتوغلت قواته في بلدة ميس الجبل، حيث فجّرت منشآت مدنية، بينها معمل بياضات.
كما نفّذت قوة مشاة عملية تخريب لمحرك جرافة تابعة لورشة مجلس الجنوب، في خرق واضح للقرار 1701.
وأدانت بلدية ميس الجبل هذه الاعتداءات، واعتبرتها نقطة سوداء في سجل الشرعية الدولية، متهمة الدولة اللبنانية بالعجز عن حماية المواطنين، ونافية أي تحرك رادع حيال خروقات الاحتلال المتكررة.
كما استهدفت مدفعية الاحتلال منزلًا مأهولًا قرب تلة شواط في عيتا الشعب، في وقت نفّذ فيه 20 جنديًا إسرائيليًا مسحًا ميدانيًا عند نهر الوزاني، وتخطى ثلاثة منهم الخط الأزرق نحو أحد المنتزهات اللبنانية.
أما على خط حركة "أمل"، فقد رفضت الهيئة الرئاسية للحركة أي ربط لملف الإعمار بالتزامات سياسية تتناقض مع الثوابت الوطنية، داعية إلى تطبيق ما تبقى من اتفاق الطائف، وخصوصًا في قانون الانتخاب خارج القيد الطائفي، ومحذّرة من محاولات التشويه والتحريض ضد مكونات أساسية من الكيان اللبناني.
في موازاة هذه التطورات، قام الرئيس نجيب ميقاتي بجولة تفقدية على مراكز "برنامج أمان"، مؤكدًا أن لا استقرار من دون عدالة اجتماعية، وشدد على أهمية تمكين الفئات المهمشة ودعم المشاريع الصغيرة كأحد مداخل النهوض بالاقتصاد الوطني، وسط أزمة متفاقمة.
يوم السبت 5 تموز 2025، الأوساط السياسية في لبنان تترقب زيارة المبعوث الأميركي توم برّاك إلى بيروت، لما تحمله من دلالات وانعكاسات بارزة على الساحة الداخلية، خصوصًا في ظلّ انتظار الردّ الرسمي اللبناني على الورقة الأميركية، بعد أن جرى إنجاز الصيغة النهائية بالتنسيق مع "حزب الله".
غير أن الحزب لم يسلّم جوابًا خطيًا، بل اكتفى بمناقشات شفهية ضمن أطر غير رسمية، ما عكس تعقيد المشهد وحرصه على عدم الالتزام المسبق بأي تعهّد موثق.
في موازاة ذلك، أشارت مصادر سياسية إلى توجّه حكومي لعقد جلسة في الأيام المقبلة لإصدار قرار يتعلّق بموضوع السلاح وحصريته، بحيث يُفترض أن تحدَّد وفقه التفاصيل كافة.
ولفتت هذه المصادر إلى أنّ "حزب الله" لم يُبدِ استعدادًا للسير وفق المهل أو التوقيتات الأميركية والإسرائيلية، بل فضّل اعتماد أجندات داخلية ترتبط بحساباته الإقليمية وبيئته الخاصة.
بالتوازي، شكّلت زيارة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى سوريا، على رأس وفد لبناني ولقائه الرئيس السوري أحمد الشرع، حدثًا لافتًا، لا سيما أنها أتت في توقيت حساس تمرّ به المنطقة.
واعتُبرت هذه الزيارة استثنائية من حيث توقيتها ودلالاتها السياسية، خصوصًا بعدما قدّم المفتي دريان للرئيس السوري وسام دار الفتوى الذهبي، في خطوة رأت فيها الأوساط المتابعة رسالة تعبّر عن رغبة بفتح قنوات تواصل جديدة بين بيروت ودمشق، ولو من بوابة المؤسسات الدينية.
هكذا، بدت التطورات متشابكة، تتداخل فيها المعادلات الإقليمية بالتجاذبات الداخلية، وسط استمرار الترقّب لمآلات المساعي الأميركية ومواقف "حزب الله"، في وقت لا تزال فيه الدولة تبحث عن هامش توازن في مشهد تتنازعه الضغوط، والتحديات، والاحتمالات المفتوحة.
يوم الإثنين 7 تموز 2025، في ختام جولة الموفد الرئاسي الأميركي إلى لبنان، توماس براك، تسلّم هذا الأخير الردّ اللبناني الرسمي على ورقة المقترحات الأميركية التي كانت قد وُضعت لمعالجة الوضع في الجنوب.
وتضمّن الردّ سبع صفحات من النقاط التفصيلية والملاحظات، تناولت قضايا أساسية أبرزها الانسحاب الإسرائيلي الكامل، وحصرية السلاح بيد الدولة، وخطوات متلازمة لتحقيق التهدئة وبناء الثقة، مع تشديد على أن سلاح حزب الله جنوب الليطاني بات خارج التداول، باعتراف أميركي وإسرائيلي وأممي.
جاءت اللقاءات التي عقدها براك في بعبدا، وعين التينة، والسرايا الحكومية في أجواء هادئة وإيجابية.
وقد نفى مصدر رسمي وجود أي تعديل طارئ على الورقة اللبنانية رغم تداول أخبار عن اجتماع ليلي للجنة الرئاسية عقب لقاء جمع النائب علي حسن خليل بالحاج حسين الخليل.
وعبّر الموفد الأميركي عن ارتياحه للغة الرد، واصفًا إياه بـ"المدروس والمتزن"، ومؤكداً أنه يحمل مؤشرات إيجابية بشأن نية لبنان التعاون والانتقال من مرحلة المواجهة إلى مرحلة إعادة بناء الدولة والازدهار.
وفي قصر بعبدا، أجرى براك محادثات مطوّلة مع الرئيس جوزاف عون، الذي سلّمه اللائحة الرسمية اللبنانية.
كذلك، أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري ارتياحه لما وصفه باللقاء "البنّاء والجيد"، مشيدًا بتعامل براك الجدي مع هواجس جميع اللبنانيين، بما فيها هواجس حزب الله.
كما أشار بري إلى أن الموفد الأميركي حرص على تفهّم الموقف اللبناني، ورغبة لبنان في التوصّل إلى صيغة متكاملة تضمن الأمن والسيادة.
أما في السراي الحكومي، فأعلن رئيس الحكومة نواف سلام أن الورقة اللبنانية ارتكزت إلى المبادئ الأساسية للسيادة اللبنانية، موضحاً أن حصرية السلاح بيد الدولة خيار لا رجعة عنه، وأن حزب الله جزء من الدولة ويؤيد اتفاق الطائف.
ولفت سلام إلى أن الرد اللبناني جاء نتيجة توافق بين الرؤساء الثلاثة وأخذ في الاعتبار ملاحظات كافة الأطراف، بمن فيهم الثنائي الشيعي.
أبرزت المصادر المطلعة أن الجولة فتحت نافذة جديدة للحوار الهادئ بين بيروت وواشنطن، بعد أن تبدّلت النبرة الأميركية نحو مزيد من الدبلوماسية والليونة.
وقد ساعد في ذلك توحيد الموقف الرسمي اللبناني، وإدراج ملاحظات حزب الله ضمن الرد، ما أسهم في امتصاص الضغوط والتصعيد.
أكّد براك أن بلاده لا تسعى إلى فرض حلول، بل إلى مرافقة اللبنانيين في خياراتهم، مشددًا على أن التعاطي مع ملف سلاح حزب الله يقع على عاتق اللبنانيين أنفسهم.
ورأى أن التحدي الحقيقي يتمثّل في إيجاد تقاطعات بين السلام والازدهار، تشمل الجميع بما فيهم الحزب، مؤكداً أن إسرائيل لا ترغب في حرب جديدة، وأن التعب بات عاماً من استمرار المواجهات.
في المقابل، رأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن الردّ اللبناني غير دستوري لأنه لم يصدر عن مجلس الوزراء، بل جاء نتيجة مشاورات رئاسية ثلاثية، داعيًا إلى عقد جلسة حكومية رسمية لمناقشة الورقة الأميركية واتخاذ القرار الوطني الملائم.
في الميدان، ترافقت زيارة براك مع تصعيد إسرائيلي مستمر شمل غارات بالطائرات المسيّرة على بلدات ديركيفا وبيت ليف، أدت إلى سقوط شهداء بينهم عنصر من حزب الله.
كما ألقت طائرات الاحتلال قنابل صوتية وحارقة على أراضٍ زراعية في الضهيرة وشيحين ومركبا، ما أدى إلى حرائق واسعة في الأحراج والمنازل المجاورة.
وأرفقت الاعتداءات بتحليق مكثّف للطائرات من الجنوب إلى العاصمة وضواحيها وجبل لبنان.
في السياق الإقليمي، أكّد وزير خارجية فرنسا أن لبنان وسوريا في صلب الاهتمامات الدولية، مشيراً إلى تنسيق فرنسي – أميركي – إسرائيلي لمعالجة الأزمة في الجنوب.
وفي دمشق، استُقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان من الرئيس السوري أحمد الشرع، حيث دعا المفتي إلى تعاون صادق مع العمق العربي للخروج من الأزمات.
على المستوى المعيشي، أعلنت جمعية موظفي وزارة المالية استمرارها في الإضراب يومي الخميس والجمعة، احتجاجًا على غياب وضوح في التفاوض مع تجمع موظفي الإدارة العامة.
وهكذا، تكون جولة براك قد أنهت مرحلة من التصعيد والتهويل، وفتحت باباً لحوار جديد يوازن بين الشروط الأميركية والسيادة اللبنانية، على قاعدة أن السلاح والسيادة والاستقرار عناوين متلازمة لا تنفصل عن واقع الجنوب وأمن اللبنانيين.
يوم الثلاثاء 8 تموز في اليوم، الذي تلى تسليم لبنان الموفد الاميركي طوم براك ردّه التفصيلي، والمدروس على ورقة المقترحات الاميركية التي تسلمها قبل اكثر من اسبوعين، كانت الزيارة التي قام بها الرئيس نواف سلام الى عين التنية، حيث التقى الرئيس نبيه بري في اطار تقييم نتائج زيارة براك، واكتفى رداً على سؤال: «الرئيس بري امس كفّى ووفَّى، والجوّ منيح».
اما الموفد الاميركي فتحدث عن تقدم خلال اسبوعين عند عودتي واذا حظي هذا التقدم بقبول المكوّنات التي تمثلونها فسيكون ذلك معجزة وانا متأكد من ذلك، في حديث تلفزيوني قبل مغادرته بيروت.
واذا كان الجانب اللبناني يتابع تضييق شقة التباين بين الطموحات المتعلقة بالاطراف الداخلية من مسألة تسليم الاسلحة غير الشرعية للدولة اللبنانية، فإن العمل سيتكثف في الاسبوعين المقبلين، حيث يعود براك الى بيروت في 23 تموز الجاري.
وحسب المصادر المطلعة، فإن الموفد الاميركي يأمل عند عودته برؤية ورقة متفاهم عليها من شأنها ان تحدث خرقاً في الموضوع الاساسي، الموصوف اميركياً بأنه «مسألة لبنانية داخلية».
ويبدو ان لبنان سيدخل فترة انتظار قد تطول او تقصر وفق ما تقرره الادارة الاميركية حول طبيعة تعاطيها مع الرد اللبناني على ورقة المقترحات الاميركية التي نقلها الموفد طوماس برّاك الى المسؤولين اللبنانيين، ما لم يطرأ تطور دراماتيكي ايجابي او سلبي يقلب الامور ويدفعها نحو الحلحلة السريعة او الانفجار تبعاً لتوجه الاحتلال الاسرائيلي وتعاطيه مع الملف اللبناني بعد جولة براك، لا سيما وانه وسّع عدوانه اليومي على لبنان ليطال منطقة الشمال بغارة جوية.
فيما قالت مصادر رسمية لـ «اللواء»انه لا جديد يمكن الكلام عنه حاليا بإنتظار الخطوة الاميركية المقبلة ولا بد من الانتظار.
لكن البطريرك الماروني بشارة الراعي قال بعد زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون: ناقشت مع الرئيس عون المواضيع كافة و»في شي ممتاز وفي شي بدو انتظار» .
وأضاف الراعي، زيارة الموفد الأميركي ممتازة جداً وفق ما قال الرئيس عون وقد قُدّمِت ورقة الرّد إليه، ولا يزالون ينتظرون إجابة من حزب الله.
وحصر السلاح يحتاج وقتا ولن نعود الى الحرب.
واكد الراعي ان لبنان غير متروك وحيداً وهناك دول عظمى إلى جانبه.
والملفت للإنتباه ان أياً من المسؤولين لم يذكر علنا لا خلال جولة براك امس الاول ولا في لقاءات امس، كيف سيتم التعاطي مع تصاعد العدوان الاسرائيلي وفشل لجنة الاشراف الخماسية على تنفيذ وقف اطلاق النار، وما هو البديل الفوري الذي قد يكون اقترحه براك او طلبه المسؤولون اللبنانيون، بإنتظار البت النهائي في واشنطن بالرد اللبناني.
عون في قبرص اليوم
وفي اطار تحركاته الخارجية، يزور الرئيس جوزيف عون قبرص اليوم، ثم يزور مملكة البحرين، على ان يلبي دعوة الرئاسة الجزائرية لزيارة الجزائر في 29 الجاري.
وقبل سفره التقى الرئيس عون شركة resources investment الإماراتية، التي تعنى بالاستثمار والتطوير برئاسة محمد الضاهري الذي عرض لرئيس الجمهورية ما تقوم به الشركة المتخصصة في اقتصاديات الشركات النامية، والتي تتولى تنفيذ عدد من المشاريع بتوجيه من القيادة الاماراتية، لاسيما لجهة تفعيل الاستثمارات.
وأشار الى ان الشركة تتولى تهيئة البنى الأساسية للاستثمار في مسائل حيوية مثل الطاقة والقطاع المصرفي، لافتا الى قدرة الشركة على التنفيذ السريع وإيجاد حلول موقتة ودائمة للتحديات التي تواجه قطاع الكهرباء في لبنان.
وشكر الرئيس عون الضاهر على الاهتمام الذي ابداه مع الوفد المرافق للاستثمار في لبنان، منوهاً بمواقف رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
براك في الجنوب
وفي اليوم الثاني «لإقامته» الدبلوماسية في لبنان زار براك قائد الجيش العماد رودولف هيكل، ثم توجه الموفد الاميركي براك الى جنوب الليطاني، وتفقد الوضع على الارض برفقة قائد القطاع في الجيش اللبناني العميد الركن نيقولاس ثابت، واطلع على كل الاجراءات التي نفذها الجيش في اطار التزام لبنان بترتيبات القرار 1701 ووقف اطلاق النار.
.
ونقل عن براك ارتياحه لما شاهد وثنيه على دور الجيش اللبناني في تنفيذ ما طلب منه في اطار ترتيبات وقف النار.
.
ووصف دور الجيش اللبنانية بأنه مذهل.
وتعليقاً على كلام الشيخ نعيم قاسم امين حزب الله الرافض لتسليم السلاح، اجاب: التفاوض لبناني تقليدي، اذ انها مفاوضات مستمرة حتى يكون الجميع مستعدين فعلاً لابرام اتفاق حقيقي.
واستدرك قائلاً: «المقصود ليس فقط سلاح حزب الله بل ايضاً سلاح الفلسطينيين والميليشيات المسلحة، واذا اختارت القيادة السياسية هذا المسار، فسنرشد ونساعد».
وقال: نزع سلاح حزب الله كان دائماً حقيقة بسيطة وواضحة جداً، اكد عليها الرئيس ووزير الخارجية باستمرار: بلد واحد شعب واحد، جيش واحد.
اضاف: كيف تحل مشكلة حزب االله؟ انها مسألة لبنانية ليست عالمية، فنحن من الناحية السياسية قد صنفناها منظمة ارهابية، لذلك اذا عبثوا معنا في اي مكان على المستوى العسكري، كما اوضح الرئيس فسوف يواجهون مشكلة معنا.
وحول موقف الخليج، قال ان الخليج يؤكد التزامه، لكنه اكد كذلك التزامه بمساعدة لبنان وشعب الجنوب والشيعة على الاساس نفسه، وهو التوصل الى اتفاق حقيق، اي جداول امنية حقيقة، ومهل حقيقية ونزع سلاح حقيقي، وليس بالضرورة ان يتم ذلك بطريقة عدوانية.
واعلن الموفد الاميركي: لا احد سيبقى يفاوض مع لبنان حتى العام المقبل، فرئيسي يتمتع بشجاعة مذهلة، وتركيز مذهل، لكن ما ليس لديه هو الصبر.
.
وكشف، لا نطلب شيئاً لقد قلنا شيئاً واحداً فقط: اذا كنتم تريدون مساعدتنا، فنحن هنا لنرشد ولنساعد، فلن نتدخل في السياسة، واذا لا تريدوننا لا مشكلة، سنعود الى بلدنا، واستدرك: لا توجد تهديدات فقط اغتنموا اللحظة وانظروا من حولكم، الى المنطقة تتغير، فاذا لم ترغبوا في التغيير، واذا كان الناس لا يريدون التغيير فقط اخبرونا، ولن نتدخل.
لكنه قال: اشعر ان الرؤساء الثلاثة صادقون، ومباشرون، وعندما قلت ان طريقة تسليم الردّ كانت مذهلة، اعني بذلك ان تتلقى رداً لم يتم تسريبه، وهذا الامر بذاته انجاز.
واوضح: موقفي هو موقف غير لبناني اطلاقاً، فأنا لا اتفاوض على اتفاق عبر الصحافة، فهذه هي الضربة القاضية، ومن باب الاحترام للاطراف المقابلة التي نتعامل معها لا يمكنني ابداً ان افعل ذلك، مشيراً سبب وجودي هنا هو حقاً براعة رجل واحد، وشجاعته وهو دونالد ترامب.
وحول المستقبل قال براك: أمل لبنان يسيتقظ فالفرصة الآن، وهذه لحظة تاريخية لتجاوز الطائفية المتعبة التي حكمت الماضي، وتحقيق الوعد الحقيقي.
وحول المطالبة بعرض ذلك على مجلس الوزراء اجاب براك: لعرض ما نتشاوره على مجلس الوزراء عندما يصبح محدداً بما يكفي ليحظى بالاجماع.
واشار الى ان المهمة في سوريا واضحة، وهي مكافحة داعش، ولن نسحب تلك القوات، حتى نتأكد من ان تلك الخلايا الارهابية يتم اطفاؤها بأفضل طريقة، مؤكداً ان العالم يمنح الفرصة نفسها للبنان التي يمنحها لسوريا.
قبول الدولارات القديمة
مالياً، شدد مصرف لبنان على ضرورة قبول الاوراق النقدية بالدولار الاميركي سواء الجديدة او القديمة دون اي تمييز بينها، مشدداً على ان كل من يثبت تورطه في مثل هذه الممارسات يعرض نفسه للملاحقة القضائية.
تحضيرات في الداخلية
نيابياً، بقي الخلاف حول قانون الانتخاب في الواجهة، والبارز على هذا الصعيد، عُقد في وزارة الداخلية والبلديات قبل ظهر أمس، الإجتماع الثاني للجنة الوزارية المكلفة دراسة الإقتراحات والتعديلات على قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب.
وجرى خلال الإجتماع استكمال البحث في البنود المتعلقة بالقانون الانتخابي، بما يعزز الشفافية، ويضمن عدالة التمثيل وسلامة العملية الانتخابية.
كتاب لرفع الحصانة عن بوشكيان
قضائياً، وجَّه النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، كتاباً الى الامانة العامة لمجلس النواب بواسطة وزير العدل عادل نصار، طلب فيه رفع الحصانة البرلمانية عن وزير الصناعة السابق النائب جورج بوشكيان لملاحقته بجرم الاختلاس وقبض رشى مالية، وابتزاز اصحاب المصانع.
ونقل عن النائب بوشكيان ترحيبه بأي مسار قانوني «جديد ومتكامل لا انتقائي» يهدف الى جلاء الحقيقة لا الى تسجيل نقاط سياسية.
اعتداءات اسرائيلية من الجنوب الى الشمال
وفي الشمال، عند نقطة العيرونية، استهدفت مسيّرة اسرائيلية سيارة يستقلها قيادي فلسطيني وادت الى استشهاده مع اثنين آخرين وسقوط 13 جريحاً.
وليلاً، استهدفت مسيرة اسرائيلية سيارة في بلدة البابلية.
وفي وقت لاحق، أعلنت القوات الجوية الإسرائيلية أن طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيليّ قصفت عنصراً بارزًا في تنظيم «حماس» منطقة طرابلس شمال لبنان، بينما ذكرت القناة 14 العبرية ان الغارة استهدفت مسؤول التخطيط والبناء في حركة حماس بلبنان مهران مصطفى بعجور .
لكن حماس نفت استشهاد مهران.
وقال مصدر في حركة حماس في لبنان: ان لا صحة لاغتيال أي من قياديي الحركة باستهداف العيرونية قرب طرابلس.
وتردد ان الشهداء هم: عمر زهرة صاحب محل مقابل مكان الاستهداف وعامل عنده في المحل.
وشخص يدعى علي الحموي.
اما الجرحى فعرف منهم : محمد خضر –ايمن ضاهر(سوري)- رامز غزون- خالد الهيبي- سميح حماده- ايمن المل- فيصل برادعي(نقل لغرفة العنايه)- احمد بربر براسو- احمد الشامي.
وقد عولج اكثرهم في المكان ونقل نحو 3 فقط الى المستشفى.
وأظهرت مشاهد مصوّرة، تداولها ناشطون عبر مواقع التواصل، ألسنة االلهب وهي تلتهم المركبة وسط الطريق، مع تصاعد كثيف للدخان الأسود، وصرخات استغاثة من المارة.
ووصلت دورية من الجيش اللبناني إلى مكان الغارة واجرت كشفا على السيارة والمكان.
وفي التفاصيل الأولية، ان الطائرة اطلقت صاروخا على السيارة لكن لم يُصبها وانفجر في وسط الطريق وادى الى سقوط اصابات بين المدنيين المارة، اما الصاروخ الثاني فأصاب السيارة لكن يبدو انها كانت فارغة.
وسجل تحليق مكثف للطيران الحربي الاسرائيلي فوق مكان الاستهداف.
وقدم رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي تعازيه بالشهداء الذين سقطوا بالغارة الاسرائيلية في منطقة العيرونية في طرابلس وقال: من الواضح أن غارة العيرونية التي نفّذها العدو الصهيوني قبل ساعات هي الرد الاول على الرد اللبناني بخصوص موضوع السلاح، وأيضا من دون أي توضيح من الموفد والوسيط الأميركي السفير توماس برّاك.
وأن لبنان كله مستباح.
ونهارا القت مسيّرة اسرائيلية قنبلة صوتية في اتجاه بلدة الضهيرة الحدودية.
وعلم ان الشهيد الذي سقط باستهداف البابلية هو علي حسين مزهر.
يوم الأربعاء 9 تموز 2025، تركزت الأنظار على زيارة الموفد الأميركي توم باراك إلى بيروت، التي بقيت تداعياتها حاضرة في مختلف الأوساط السياسية والدبلوماسية، خصوصًا بعد تسلمه الرد اللبناني على الورقة الأميركية المتعلقة بسلاح "حزب الله" وسلاح الفصائل الفلسطينية والميليشيات المسلحة.
باراك كان قد زار دمشق بعد بيروت، حيث أجرى محادثات مع الرئيس السوري أحمد الشرع، ناقش خلالها الترتيبات المطلوبة في سوريا والمنطقة.
وقد وُضعت زيارته في سياق محاولة بلاده ربط الملفات الإقليمية ببعضها، ومحاولة دفع الأطراف المعنية نحو تسويات شاملة.
رغم أن الرد اللبناني لم يُناقش في مجلس الوزراء، فإن اعتراضات حزبَي "القوات اللبنانية" و"الكتائب" على هذه النقطة بقيت قائمة، ما فتح الباب أمام مواقف تصعيدية مرتقبة، خاصة من رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات" سمير جعجع، الذي كان متوقعًا أن يعلن عن موقفه في برنامج تلفزيوني.
مصادر مطلعة أكدت أن لبنان كان يستعد لمواصلة متابعة النقاط المرتبطة بتسليم السلاح والإصلاحات والعلاقات اللبنانية السورية بعد زيارة باراك، خاصة أن الأخير ألقى "كرة السلاح" في الملعب اللبناني، وسط انقسامات داخلية حول طريقة التعاطي مع هذا الملف.
وكانت واشنطن قد أعربت عن ارتياحها "النسبي" للرد اللبناني، وفق تصريح لمسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، لكنه أشار إلى ضرورة الانتقال إلى مرحلة "تفصيلية" في المناقشات.
وأوضح أن الجيش اللبناني حقق تقدمًا جزئيًا في الجنوب، لكنه شدد على ضرورة قيام الدولة اللبنانية بمزيد من الجهد لنزع سلاح "حزب الله" وإزالة بنيته التحتية، بالتوازي مع مطالبته بإقرار إصلاحات اقتصادية وقضائية شاملة.
في موازاة ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية عن رسالة مباشرة وجّهها باراك إلى "حزب الله" عبر مسؤول لبناني رفيع، دعا فيها الحزب إلى التفاوض وتحديد ما يمكن أن يحصل عليه من مكاسب سياسية مقابل السلاح والسلام مع إسرائيل، متعهّدًا بضمانات أميركية.
لكن الحزب لم يُجب على العرض، لا سلبًا ولا إيجابًا، في ظل غياب ضمانات بوقف العدوان الإسرائيلي.
كما أفادت المصادر بأن عواصم عربية دخلت على خط الوساطة لاستضافة أي حوار محتمل بين "حزب الله" وواشنطن، وسط حراك دولي وإقليمي لترتيب إمكان بدء مفاوضات غير مباشرة.
وبيّنت هذه المعطيات أن الهدف الخفي لواشنطن لم يعد محصورًا في نزع سلاح الحزب فحسب، بل تعدّاه إلى إشراك لبنان في مسار تطبيعي مع إسرائيل.
وأشار باراك إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية قد تستمر حتى يُسلَّم السلاح بالكامل.
في هذا السياق، أجرى رئيس الجمهورية جوزاف عون زيارة إلى قبرص، حيث التقى الرئيس نيكوس خريستودوليدس، وأكدا في مؤتمر مشترك دعم وحدة وسيادة لبنان، وتعزيز التعاون الأوروبي اللبناني، كما أُعلن أن الدعم الأوروبي الموعود بقيمة مليار يورو بلغ مراحله النهائية.
وشدد الرئيس القبرصي على أهمية لبنان الاستراتيجية في شرق المتوسط، مؤكّدًا دعم بلاده لمشاركة لبنان في قمة المجالس الأوروبية عام 2026.
أما في الداخل، فقد استمر الجيش الإسرائيلي في تنفيذ عمليات عسكرية على طول الحدود الجنوبية، تحت ذريعة تفكيك بنى تحتية تابعة لـ"حزب الله".
ونفذت قواته عمليات تفجير واستكشاف في بلدات جنوبية، بينها كفركلا واللبونة وجبل البلاط، حيث عُثر على مستودعات أسلحة ومواقع إطلاق نار.
لكن مصادر ميدانية لبنانية أكدت أن هذه العمليات لم ترقَ إلى "اجتياح بري"، بل اندرجت ضمن سياسة الضغط والترويع الإعلامي والعسكري.
وفي موازاة الاعتداءات، أجريت الامتحانات الرسمية في الجنوب، وسط إجراءات احترازية، وتفقد الرئيس نواف سلام ووزيرة التربية ريما كرامي مراكز الامتحانات، في رسالة مفادها أن الدولة استعادت جزءًا من عافيتها، بالرغم من الظروف الأمنية الصعبة.
وأكدت كرامي أن الامتحانات تمّت في أجواء هادئة، وأن العملية التربوية تمضي نحو مرحلة تطوير جديدة.
من جهة أخرى، استمرت عمليات المداهمة الأمنية، حيث أوقفت القوى الأمنية والجيش 8 أشخاص ظهروا في مقاطع فيديو مسلّحين خلال إحياء ليلة عاشوراء في منطقة الخندق الغميق، في خطوة اعتُبرت رسالة واضحة تجاه منع المظاهر المسلحة خارج إطار الدولة.
وفي خلاصة المشهد، بدا أن لبنان بات أمام تقاطعات داخلية وإقليمية ودولية، تُرجمت عبر مبادرات تفاوضية غير معلنة، وضغوط ميدانية، وتوجهات أميركية واضحة نحو فرض واقع جديد في مسألة السلاح والعلاقات الإقليمية، في ظل مخاوف من تصعيد إسرائيلي محتمل إذا لم تُثمر هذه الجهود في الأشهر القليلة المقبلة.
يوم الخميس 10 تموز 2025، في خضم تعقيدات المشهد اللبناني، استمرّت دوّامة الاتصالات تدور في ما يتعلّق بالملفّات ذات الطابع الإقليمي والدولي، فيما انشغلت الحكومة بإتمام دفعة جديدة من التعيينات، طغى عليها الطابع المالي والمصرفي، وسط معلومات عن نضوج بعض التعيينات القضائية، وعلى رأسها تعيين المدعي العام المالي.
وفي سياق هذه التحركات، كُشف النقاب عن التوصل إلى تفاهم لبناني – قبرصي بشأن ترسيم الحدود البحرية، بينما تراجع منسوب التفاؤل في عين التينة، فعاد الرئيس نبيه بري إلى قاعدته الشهيرة: «ما تقول فول تيصير بالمكيول»، في إشارة إلى الحذر من الإفراط في التوقعات حول نتائج مهمة الموفد الأميركي إلى بيروت ودمشق، توم براك.
وقد ناقش الرئيس جوزف عون الوضع مع السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، لتقييم التطورات الإقليمية والدولية.
وكان الرئيس عون قد التقى الرئيس نواف سلام في بعبدا، وتداولا في ملفات عامة، وخصوصاً جدول أعمال مجلس الوزراء وملف التعيينات القضائية والمالية.
وتشير المعلومات إلى أنّه تمّ الاتفاق على تعيين القاضي ماهر شعيتو مدعيًا عامًا ماليًا بدلاً من القاضي زاهر حمادة الذي جرى ترشيحه لمنصب المدعي العام في الجنوب.
كما اتُفق على تعيين مازن سويد رئيساً للجنة الرقابة على المصارف، إلى جانب الأعضاء نادر حداد، تانيا كلاب، ألين سبيرو، وربيع نعمة.
في ما يتعلّق بالعلاقات الدولية، وصل توم براك إلى باريس، حيث التقى وزير الخارجية الفرنسي جان نوال بارو، وتوافق الطرفان على تعزيز التعاون في الملفين اللبناني والسوري، وأكّدا على دعم سيادة لبنان واستقراره، وعلى أهمية دور آلية مراقبة وقف إطلاق النار وقوات اليونيفيل.
أما في سوريا، فشدد الطرفان على ضرورة التعاون مع السلطات المؤقتة لمحاربة داعش وتعزيز اتفاقيات تؤمّن الاستقرار بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، في مشهد أعاد إلى الأذهان روح اتفاقية سايكس – بيكو.
وفي الجانب الأمني، تضمّن الرد اللبناني على الورقة الأميركية طلباً واضحاً لتفعيل عمل لجنة الإشراف الخماسية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، رافضًا الانتظار لأي رد أميركي مستقبلي، ومعتبراً أن هناك تناقضاً بين الكلام الأميركي حول دعم الاستقرار، وبين المماطلة في تفعيل آلية وقف النار.
ولفتت المصادر إلى أن فشل تطبيق الاتفاق يعود إلى تفاهم جانبي بين إسرائيل وإدارة بايدن، ما أتاح لإسرائيل التذرّع بـ«حق الدفاع عن النفس» وشنّ اعتداءات متواصلة.
وفي هذا الإطار، دعا الرئيس اللبناني خلال لقائه وفدًا من الاتحاد الأوروبي، إلى دعم لبنان في استعادة كامل سيادته، وإطلاق مبادرة شاملة لتقوية الجيش اللبناني وتزويده بكل الوسائل الضرورية.
كما حذّر من أن غياب الجيش عن بعض المناطق قد يؤدي إلى تدهور أمني واسع يطال ليس فقط لبنان، بل المنطقة بأكملها.
وطالب أيضاً برفع العقوبات الأوروبية عن لبنان، ودعا إلى مؤتمر عربي – أوروبي لإعادة إعمار البلاد وإنعاش اقتصادها.
من جهة أخرى، أعلن عون أن هيكلة المصارف باتت في مراحلها النهائية داخل المجلس النيابي، مع ترقّب إقرارها نهاية الشهر، وأشار إلى أن العمل جارٍ على قانون الفجوة المالية ضمن خطة متكاملة للإنقاذ.
وفي الملف السوري، أكد الرئيس على ضرورة البدء بإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم في ظل استقرار نسبي في بعض المناطق، مع استمرار التعاون الأمني على الحدود اللبنانية – السورية، ما يعزّز فرص ضبط الحدود ويؤسّس لمزيد من التعاون الثنائي.
أما على صعيد الوضع داخل المخيمات الفلسطينية، فأشار إلى انتظار لبنان لتفعيل المبادرة التي قدّمها الرئيس محمود عباس، والتي تشمل تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة تطبيق مقرّراتها، بما يضمن أمن المخيمات ومحيطها.
نيابيًا، دعا الرئيس نبيه بري هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة للنظر في طلب رفع الحصانة عن النائب جورج بوشكيان على خلفية اتهامه بجرائم اختلاس ورشى أثناء تولّيه وزارة الصناعة.
وقد رحّب بوشكيان بمسار قانوني شفاف، محذرًا من أي استغلال سياسي للملف.
وفي موازاة ذلك، أعلن النائب إبراهيم كنعان أنّه تمّ التوصل إلى اقتراح مشترك بين وزارة المالية ومصرف لبنان حول الهيئة المصرفية العليا، ما عُدّ خرقًا هامًا في ملف قانون إصلاح المصارف، وأوضح أنّ آلية التعامل مع أموال المودعين أصبحت واضحة، ما يدفع إلى ضرورة إقرار قانون الانتظام المالي سريعًا.
أما إسرائيليًا، فقد أعلن مسؤولون أن انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان مرهون بجمع سلاح حزب الله من قبل الجيش اللبناني.
وشددت إسرائيل على استمرار عملياتها طالما بقيت البنية العسكرية للحزب قائمة، مؤكدة أن كل ناشط عسكري هو هدف مشروع، فيما من يتخلّى عن السلاح لن يتم استهدافه.
وأضافت أن «قوات الرضوان» التابعة للحزب ستكون تحت المجهر، وستُفكّك عاجلًا أو آجلًا.
وفي السياق ذاته، استقبل قائد الجيش العماد رودولف هيكل مدير عام صندوق قطر للتنمية فهد السليطي وسفير قطر في لبنان، وتمّ بحث سبل دعم المؤسسة العسكرية.
وشكر قائد الجيش دولة قطر على مبادراتها المتكررة لدعم الجيش في هذه المرحلة المفصلية.
ميدانيًا، وقع إشكال في بلدة عيتيت – قضاء صور بين الأهالي ودورية لقوات اليونيفيل مرّت من دون تنسيق مع الجيش اللبناني.
وتطورت الحادثة إلى تلاسن وتوتر، اضطرت خلالها اليونيفيل لاستخدام قنابل دخانية لتفريق المحتجين، قبل أن تتدخل القوى الأمنية.
وقد أكدت «اليونيفيل» أنّ تحرّكها تم بالتنسيق مع الجيش اللبناني، وأن أي اعتداء على قواتها يُعدّ انتهاكًا للقانون الدولي
جنوبًا، استمرت الاعتداءات الإسرائيلية، حيث شنّت مسيّرة غارة على دراجة نارية في بلدة المنصوري، ما أسفر عن استشهاد ثائر محمد مراد من بلدة الحنية، وإصابة اثنين آخرين.
كما استُهدفت بلدة يحمر الشقيف بغارات جوّية ليليّة، أدّت إلى أضرار مادية جسيمة.
وفي صباح اليوم التالي، تعرّضت أطراف بلدة شبعا لقصف مدفعي، في خرق مستمر للتهدئة.
وهكذا، ظلّ المشهد اللبناني يراوح بين الاتصالات الخارجية المكثّفة، ومحاولات التهدئة الإقليمية، وسط تعقيدات داخلية تتعلق بالتعيينات والإصلاحات، وضغوط أمنية مستمرّة على الجبهات الجنوبية.
يوم الجمعة 11 تموز 2025، في ضوء سلسلة متشابكة من التطورات السياسية، الأمنية، الدبلوماسية، والاقتصادية، شهدت الساحة اللبنانية في الأيام الماضية تصاعدًا في التعقيدات الداخلية والخارجية، وذلك بعد انتقال الموفد الأميركي طوم براك من لبنان إلى باريس لإطلاع الجانب الفرنسي على مضمون الرد اللبناني الرسمي على الورقة الأميركية.
وبينما بقيت بيروت في دائرة الترقب والتقييم الأميركي، هبّت أزمة من الشرق، مع تحرك قوافل لأهالي الموقوفين السوريين من حي التضامن في ريف دمشق باتجاه معبر جديدة يابوس-المصنع، في خطوة اعتُبرت تهديدًا بتصعيد سوري على خلفية تأخير لبنان في معالجة ملف الموقوفين.
وفيما التزمت الحكومة اللبنانية الصمت تجاه التهديد السوري، ريثما يصل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لبحث القضية، انعقد مجلس الوزراء في بعبدا برئاسة الرئيس جوزاف عون وبحضور رئيس الحكومة نواف سلام، حيث صدرت مجموعة تعيينات إدارية ومالية وإعلامية واسعة، أبرزها تعيين ماهر شعيتو مدعيًا عامًا ماليًا، ومازن سويد رئيسًا لهيئة الرقابة على المصارف، وتثبيت أربعة نواب لحاكم مصرف لبنان، وتعيين اليسار النداف جعجع رئيسة لمجلس إدارة تلفزيون لبنان مع أعضاء المجلس، فضلًا عن تشكيل الهيئة الوطنية للمخفيين قسرًا.
وقد نُقلت بعض الاعتراضات داخل الجلسة، خاصة من وزراء "القوات اللبنانية" و"الكتائب"، الذين عبّروا عن استيائهم من آلية تعيين أعضاء لجنة الرقابة على المصارف، واعتبروا أن عدم اطلاع الوزراء على أسماء المرشحين قبل 48 ساعة من الجلسة يتنافى مع مبدأ الشفافية والتوافق.
كما طالبوا ببحث ورقة المقترحات الأميركية حول ملف السلاح اللبناني وسواها من الملفات الحساسة في مجلس الوزراء، باعتبارها شأناً وطنياً لا يُدار خلف الأبواب الموصدة.
إلا أن الرئيس عون أوضح أن هذه الأوراق ما تزال في طور التداول ولم تكتمل عناصرها بعد لعرضها رسميًا.
وخلال الجلسة، أطلع الرئيس عون الوزراء على نتائج زيارته إلى قبرص ولقائه بالرئيس القبرصي الذي أعلن استعداد بلاده لمساعدة لبنان، بما في ذلك مشروع لمد كابل كهربائي بحري وفرص عمل للبنانيين، كما دعا عون إلى التسريع في إقرار قانون الفجوة المالية، مشددًا على ضرورة طمأنة المغتربين لحثهم على العودة والاستثمار في الوطن.
في سياق أمني – دبلوماسي موازٍ، أثارت أنباء عن تهديدات سورية بتجميد التعاون الأمني والاقتصادي قلقًا في الأوساط اللبنانية، لا سيما بعد تصريحات نسبت للرئيس السوري أحمد الشرع عن نية دمشق اتخاذ خطوات تصعيدية تدريجية.
وعلى الرغم من نفي وزارة الإعلام السورية صحة تلك التصريحات، إلا أن التحركات الشعبية عند المعابر الحدودية ومطالبة دمشق بتسليم موقوفين من معارضي النظام السوري زادت من التوتر، وسط ترقب لزيارة الوزير الشيباني التي وُصفت بـ"الفرصة الدبلوماسية الأخيرة" لمعالجة الملف.
في الملف السياسي – البرلماني، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة مساءلة للحكومة يوم الثلاثاء 15 تموز، بينما باشرت لجنة نيابية مصغرة إعداد تقرير حول طلب رفع الحصانة عن النائب جورج بوشيكيان، بالتوازي مع طرح إمكانية تشكيل لجنة تحقيق تشمل وزراء اتصالات سابقين.
أمنيًا، استمر التوتر جنوبًا، إذ شنّت إسرائيل غارات على مناطق متعددة وأطلقت النار على مدنيين، فيما سجل توغل بري داخل الأراضي اللبنانية قرب بليدا والمجيدية، إلى جانب قصف مدفعي مكثف على الخيام وطير هرما.
وفي خطوة لافتة، انعقد الاجتماع الرابع عشر لمجموعة التنسيق الدولية لمكافحة الإرهاب، برعاية أميركية – أوروبية، وخلص إلى أن "حزب الله" لا يزال يشكل تهديدًا دوليًا، رغم الضربات التي تعرض لها مؤخرًا، في وقت أعلنت فيه واشنطن موافقتها على صفقة عتاد صيانة لطائرات "سوبر توكانو" إلى لبنان بقيمة 100 مليون دولار.
أما داخليًا، فقد تصاعد القلق في أوساط المعلمين من احتمال تقليص عطلتهم الصيفية أو تغيير الدوام الرسمي، دون مراعاة لأوضاعهم المعيشية.
ولوّحوا بتحركات تصعيدية إن لم تُقرّ سلسلة رتب ورواتب جديدة.
من ناحية أخرى، أكد الرئيس عون، خلال استقباله الحاكم كريم سعيد ونوابه، أهمية إعادة الثقة بالنظام المصرفي والعملة الوطنية، وضرورة الابتعاد عن التدخلات السياسية، مشددًا على التزام الدولة بقرار حصرية السلاح في يد الشرعية فقط، وعلى أن قرار الحرب والسلم من صلاحيات مجلس الوزراء وحده.
أوروبيًا، كثّفت وزارة الخارجية اللبنانية تحركاتها الدبلوماسية في سياق السعي لتجديد ولاية "اليونيفيل"، إذ التقى الوزير يوسف رجي سفراء الدنمارك وسلوفينيا، للبحث في دعم بلديهما لهذا الملف داخل مجلس الأمن.
رياضيًا، اختتم النادي الرياضي بيروت موسم كرة السلة اللبنانية بتتويجه بلقب بطولة لبنان للرجال للمرة الـ38 في تاريخه والثالثة تواليًا، بعد فوزه على نادي الحكمة في سلسلة نهائية حُسمت بنتيجة 4-1، وسط احتفالات شعبية عمّت بيروت وعدة مناطق.
في المحصلة، بدا المشهد اللبناني غارقًا في ترقّب حذر على الصعد كافة: من تقييم الرد الأميركي إلى تهديدات دمشق، ومن تعيينات مالية وقضائية وإدارية واسعة إلى نقاشات ساخنة في مجلس الوزراء ومجلس النواب، بينما الجنوب ينزف تحت نار القصف الإسرائيلي، والحكومة تحاول تثبيت الاستقرار الداخلي وتحصين ما تبقى من ركائز الدولة.
يوم الأحد 13 تموز 2025، قبل يومين من انعقاد أول جلسة مساءلة نيابية لحكومة الرئيس نواف سلام، التي مضى على تشكيلها نحو ستة أشهر، تصاعدت التحركات الإقليمية والدولية المرتبطة بالملف اللبناني، واحتل لبنان مجددًا موقعًا متقدمًا في حسابات القوى الكبرى، لا سيما بعد التصريحات المثيرة التي أطلقها الموفد الأميركي توم برّاك، والتي حذّر فيها من خطر وجودي يهدد لبنان في حال لم يُبادر إلى نزع سلاح حزب الله، ملمّحًا إلى إمكانية عودته إلى "بلاد الشام"، في ظل تسارع التغيرات في سوريا والمنطقة.
وقد أكّد برّاك أن لبنان بات محاطًا بإسرائيل من جهة، وبإيران من جهة أخرى، وسوريا التي تتقدّم بسرعة نحو تسويات إقليمية جديدة، محذّرًا من أن عدم تحرك بيروت سيجعلها خارج سياق المنطقة.
وقد أثارت تصريحاته ردود فعل غاضبة في الداخل اللبناني، حيث انتقده نواب وشخصيات من قوى 8 آذار والتيار الوطني الحر، والمفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان، والنائب محمد خواجة، في مقابل تبني قوى أخرى كالقوات اللبنانية والنائب فؤاد مخزومي لموقفه، داعين إلى التعاطي معه كإنذار مبكر.
وقد اضطر برّاك إلى توضيح كلامه، مؤكدًا أن تصريحه لم يكن تهديدًا للبنان، بل إشارة إلى التقدّم السوري وحرص واشنطن على علاقة متوازنة بين الجارتين.
إلا أن تصريحه الأساسي ظل يُفسَّر في الداخل اللبناني على أنه إملاء أميركي بوجوب حسم ملف السلاح، ما اعتُبر تهديدًا مباشرًا للسيادة اللبنانية.
على صعيد المؤسسات، استعدّ مجلس النواب لعقد جلسة محاسبة للحكومة، هي الأولى منذ تشكيلها، وقد تَوقّعت مصادر سياسية أن تتخللها مواقف حادة حول ملف السلاح وموقف الحكومة من الورقة الأميركية، فضلاً عن ملفات أخرى كالتعيينات الإدارية والإصلاحات المالية والاقتصادية.
وتزامنت هذه الأجواء مع استمرار النقاش داخل الحكومة حول تعيين أعضاء المجلس الدستوري، حيث جرى تداول أسماء مثل عفيف الحكيم وعلي إبراهيم وطوني لطوف ووليد العاكوم، على أن يُستكمل التعيين لاحقًا بعد التوافق على العضو الخامس.
دبلوماسيًا، شهد لبنان زيارة رسمية لنائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، الذي وصل إلى بيروت على رأس وفد أمني وإداري، حيث أجرى سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين اللبنانيين، شملت رئيس الجمهورية جوزف عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، إلى جانب اجتماع أمني موسّع مع قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية ونظرائهم الكويتيين، تناول سبل تعزيز التعاون الثنائي.
وفي موازاة ذلك، برزت تسريبات سورية تحدثت عن توجه دمشق لاتخاذ إجراءات تصعيدية بحق لبنان، ما لم يُبادر إلى معالجة ملف الموقوفين السوريين في سجونه، البالغ عددهم أكثر من ألفي موقوف، بينهم متهمون بجرائم إرهاب وقتل وسرقة.
ورغم نفي الخارجية اللبنانية علمها بأي زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وغياب التنسيق القضائي الرسمي، فإن هذه التسريبات أثارت قلقًا واسعًا، خاصة مع التهديد بإقفال المعابر الحدودية وتجميد العلاقات الاقتصادية.
وقد نفت دمشق لاحقًا وجود نية للتصعيد، لكنها أكدت أولوية معالجة ملف الموقوفين عبر القنوات الرسمية.
وفي هذا الإطار، أوضح وزير العدل اللبناني عادل نصار أن لبنان لم يتلقَّ أي طلب رسمي من سوريا بشأن تسلّم الموقوفين، مشددًا على أن تسليم أي موقوف يتم وفق الاتفاقات القضائية المعمول بها، وبعد دراسة كل ملف على حدة.
وكشف أن الحكومة أعدّت مسودة أولية تضمنت أعداد الموقوفين وتفاصيل التهم الموجهة إليهم، وأن أي بحث رسمي سيُبنى على هذه المعطيات لاحقًا.
أمنيًا، نفت قيادة الجيش ما تداولته مواقع التواصل بشأن انسحابات عسكرية أو دخول مسلحين من الحدود الشرقية، مؤكدة استمرار مهماتها في ضبط الحدود اللبنانية – السورية.
في المقابل، عثرت القوى الأمنية على مخبأ أسلحة في منطقة بقاعية، يضم ذخائر وبنادق دون العثور على الأسلحة الثقيلة.
وفي الجنوب، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية منزلًا مأهولًا في بلدة وطى الخيام، مما أدى إلى مقتل مواطن سوري، في استمرار لوتيرة الاعتداءات الإسرائيلية التي باتت موضع مساءلة متكررة للحكومة اللبنانية.
اجتماعيًا، أعلنت رابطة موظفي الإدارة العامة الإضراب من الإثنين حتى الجمعة، احتجاجًا على تدهور الأوضاع المعيشية وتوقف التوظيف، مطالبة بإعادة فتح باب التعيينات عبر مجلس الخدمة المدنية.
أما رياضيًا، فقد شهدت الساحة المحلية تتويج فريق الأنصار ببطولة الدوري اللبناني لكرة القدم للمرة الخامسة عشرة في تاريخه، بعد فوزه على التضامن صور بنتيجة 2-0، وسط حضور جماهيري حاشد واحتفالات لافتة في ملعب جونية.
وسجل هدفي اللقاء كل من اللاعب الجزائري هشام خلف الله والنجم حسن معتوق الذي عادل رقم الهداف التاريخي فادي علوش.
في المحصلة، بدت الساحة اللبنانية في الأيام الأخيرة ساحة تجاذب داخلي وضغط خارجي، وسط استمرار الاستحقاقات السياسية والأمنية، وتزايد المؤشرات إلى أن لبنان مقبل على مفترق طرق إقليمي حاسم، يتطلب إدارة دقيقة وحوارًا وطنيًا شفافًا يحول دون الانزلاق إلى مزيد من الانقسام أو العزلة.
يوم الثلاثاء 15 تموز 2025، لم يتأخر الردّ اللبناني على الورقة الأميركية التي حملها الموفد الأميركي طوم براك، إذ تسلّمت بيروت، عبر سفارة الولايات المتحدة، رداً وُصف بـ"الإيجابي"، بانتظار مناقشة التفاصيل، ولا سيما المتعلقة بالمهل الزمنية، وآخرها نهاية العام الجاري، لتسليم سلاح حزب الله ضمن سلسلة خطوات متلازمة، من المزمع أن تُبحث مع براك خلال زيارته المرتقبة في نهاية الشهر أو مطلع آب المقبل.
وعشية جلسة المساءلة النيابية للحكومة، شدّد رئيس الجمهورية جوزف عون على أنّ وحدة الأراضي اللبنانية هي "ثابتة وطنية" كرّسها الدستور ويحميها الجيش وتحصّنها إرادة اللبنانيين.
وذكّر بأنه أقسم اليمين على الحفاظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه، مؤكداً أنه لن يقبل بأي طروحات تمس بوحدة لبنان أو تنال من قسمه الدستوري.
وشكّلت بداية الأسبوع محطة سياسية مزدحمة، تمثلت بحدثين بارزين: زيارة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح إلى بيروت، واشتداد الاشتباكات في منطقة السويداء السورية، والتي خلّفت أكثر من ثلاثين قتيلاً وثمانين جريحاً، خصوصاً بعد دخول الطيران الإسرائيلي على خط المواجهة بذريعة "حماية الدروز".
وعلى المستوى الدبلوماسي، التقى الوزير الكويتي كبار المسؤولين اللبنانيين، في طليعتهم الرئيس جوزف عون ورئيسا مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام.
وشدّد خلال لقائه في بعبدا على دعم بلاده للبنان في المجالات الأمنية والاقتصادية، داعياً إلى تفعيل عمل اللجنة اللبنانية–الكويتية المشتركة.
وأثارت زيارته اهتماماً لافتاً، إذ شدّد من عين التينة على استمرار الكويت في دعم لبنان، معتبراً أن العلاقات بين البلدين تقوم على الأخوّة والمواقف التاريخية المتبادلة، مشيراً إلى أن ملف السلاح في لبنان سيجد طريقه إلى الحل قريباً.
وفي السراي الحكومي، عُقدت محادثات لبنانية–كويتية موسعة بحضور وزراء لبنانيين ونظرائهم الكويتيين، ركزت على التعاون الأمني وتنسيق الجهود في مكافحة المخدرات.
كما أعلن الوزير الكويتي عن تعيين سفير جديد للكويت في بيروت قريباً.
وفي ما خصّ الرد الأميركي، باشرت لجنة لبنانية مختصة دراسة بنوده، لا سيما لجهة دعوته الصريحة إلى تسليم سلاح حزب الله بالكامل قبل نهاية العام، على أن ترفع اللجنة توصياتها قريباً للجهات السياسية لاتخاذ القرار المناسب.
وكان طوم براك قد وصف الحكومة اللبنانية بأنها "ليست فاسدة"، محذراً في الوقت ذاته من أن أي محاولة لنزع سلاح حزب الله بالقوة قد تؤدي إلى حرب أهلية، في موقف عكس حجم التعقيدات المحيطة بالملف.
وفي السياق ذاته، شدد النائب وليد جنبلاط من عين التينة، بعد لقائه الرئيس بري، على أنّ الجنوب في "أيدٍ أمينة"، مؤكداً دعمه للمصالحة في السويداء برعاية الدولة السورية، ورفضه أي طروحات تتعلق بالحماية الدولية، مشدداً على أن السويداء جزء لا يتجزأ من الدولة السورية.
وفي الداخل النيابي، انعقدت جلسة لمساءلة الحكومة في ضوء المادتين 136 و137 من النظام الداخلي، وسط مشاركة كثيفة من النواب الذين تجاوز عدد طالبي الكلام منهم الخمسين.
وتركزت المداخلات على ملفات الأداء الحكومي خلال الأشهر الستة الماضية، خصوصاً الرد اللبناني على الورقة الأميركية وقضية السلاح.
ورجّحت مصادر نيابية أن يطلب الرئيس بري تنظيم النقاشات وتحديد عدد المتحدثين باسم كل كتلة، تلافياً لإطالة الجلسات.
في موازاة ذلك، استمرّت التحضيرات لاستكمال ملف التعيينات في المجلس الدستوري، مع تداول أسماء مرشحين لشغله، في انتظار توافق نهائي على العضو الخامس.
وعشية الجلسة، زارت وزيرة الشؤون الاجتماعية جنى السيد النبطية، حيث التقت فاعليات المنطقة وتحدثت عن ضرورة دعم الأقضية الجنوبية اقتصادياً، متعهدة بزيادة مخصصات المعوّقين بما يتناسب مع الظروف الحالية.
وفي النبطية أيضاً، عاينت مع وزير الاقتصاد عامر البساط آثار الدمار والأضرار.
أمنياً، بقي الوضع في المتن الأعلى موضع متابعة دقيقة، بعد تنفيذ الجيش اللبناني عملية دهم في بلدة بتبيات أسفرت عن توقيف نحو عشرة أشخاص من جنسيات مختلفة، وضُبطت في حوزتهم أسلحة وذخائر ونواظير ليلية، وسط مخاوف من نشاط مشبوه كانت تُعد له المجموعة.
قضائياً، تقدم النائب سامي الجميّل بإخبار لدى النيابة العامة التمييزية ضد فيصل شكر، بتهمة التحريض على القتل وتهديد السلم الأهلي، بعد تصريحات اعتُبرت طائفية وتحريضية.
وفي ملف السجناء السوريين، أُفيد بأن وفداً سورياً سيزور بيروت قريباً لبحث تسوية قانونية، وسط معلومات عن إعداد اتفاقية مشتركة تشمل تبادل المعلومات ومعالجة أوضاع الموقوفين، بإشراف وزارات العدل والخارجية والداخلية في كلا البلدين.
مالياً، أعلن مصرف لبنان توقيع اتفاق تعاون مع شركة K2 Integrity الأميركية المتخصصة بإدارة المخاطر ومكافحة النشاطات المالية غير المشروعة، في خطوة تهدف إلى تقليص الاقتصاد النقدي وتعزيز الامتثال والمعايير الدولية.
وسط هذه المشهدية المعقدة، تواصلت الاستعدادات للاستحقاقات المقبلة، في ظل تصعيد سياسي وأمني متوازي، وتفاعل متزايد مع الضغوط الإقليمية والدولية، في مشهد يختزل التحديات الثقيلة التي لا تزال تثقل كاهل الدولة اللبنانية.
يوم الثلاثاء 15 تموز 2025، خيمت أجواء الترقب والحذر على جلسة مناقشة سياسة الحكومة في البرلمان، وسط تصاعد التوترات الأمنية والسياسية، وتداخل المواقف بين الداخل اللبناني والخارج.
وقد انطلقت الجلسة النيابية في مناخ من التهدئة، إذ جنحت المداخلات إلى النقاش المنهجي، وتجنب المهاترات.
وقد بدا أن الحكومة نالت جرعة دعم جديدة، بعدما أكّد رئيسها نواف سلام التزامه الكامل بتنفيذ البيان الوزاري، متعهداً بالسير في خطوات إصلاحية متقدمة، رغم الانتقادات النيابية المتزايدة.
لكن التهدئة السياسية لم تحجب الخطر الداهم من الجنوب، حيث شهدت المناطق البقاعية تصعيداً إسرائيلياً دموياً تزامن مع انعقاد الجلسة البرلمانية.
فقد استُهدفت بلدات شمسطار وبوداي وقصرنبا وبريتال بوابل من الغارات الجوية، أدت إلى سقوط 12 شهيداً، بينهم عائلة سورية من خمسة أفراد، إلى جانب جرحى بالعشرات.
كما أدى استهداف محيط ثانوية شمسطار إلى حالة ذعر بين الطلاب أثناء تأدية الامتحانات الرسمية، وتكسر الزجاج في القاعات الدراسية.
في المقابل، برز على مستوى الاتصالات السياسية اجتماع اللجنة الثلاثية الممثلة للرؤساء في قصر بعبدا، والتي ناقشت الرد الأميركي على الورقة اللبنانية بشأن المبعوث الأميركي توماس براك.
وقد تبيّن أن الرد الأميركي تضمّن إشارات إيجابية، لا سيما في ما يتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة، لكنه في الوقت عينه طلب توضيحات إضافية حول الجدول الزمني وآليات التنفيذ، مشيراً إلى ضرورة إشراف دولي وموقف صريح من حزب الله يعلن فيه موافقته على هذه الآلية.
اللجنة عملت على صياغة جواب جديد، مع الإشارة إلى أن ما جرى تداوله لا يتعلق بورقة حزب الله، بل بالورقة الرئاسية.
وقد استُبقت جلسة اللجنة باتصالات بين "عين التينة" وحزب الله، للتداول في الموقف المشترك من هذه التطورات.
وفي موازاة ذلك، استعد مجلس الوزراء لعقد جلسة مفصلية في القصر الجمهوري، لبحث جملة من البنود، أبرزها تعيين الهيئات الناظمة للكهرباء والاتصالات والطيران المدني والقنب الهندي، في خطوة وُصفت بأنها من صلب الإصلاحات المطلوبة.
كما أُدرجت على جدول الأعمال مشاريع قوانين تتعلق بتنظيم التعليم العالي، وتشديد العقوبات على استغلال القاصرين في المواد الإباحية، واتفاقيات تعاون عسكري مع تركيا، بالإضافة إلى ملفات بيئية وتنموية ملحة.
أما في الجلسة النيابية، فبرزت ثلاث قضايا مركزية: السلاح، المفاوضات مع براك، ومصير أموال المودعين.
وقد تمحورت الانتقادات حول البطء في تنفيذ البيان الوزاري، والمساومات في التعيينات، واستبعاد السلطتين التشريعية والتنفيذية من مفاوضات أساسية تتصل بسيادة الدولة.
ومع ذلك، حافظت الجلسة على هدوئها النسبي، على عكس ما كان متوقعاً.
وسُجلت مواقف حادة أبرزها للنائب جبران باسيل الذي لوّح بسحب الثقة من الحكومة، متهماً الرئيس بري بحماية الحكومة، ومؤكداً أن "تسليم سلاح الحزب" يجب أن يتم دون تحريض.
كذلك حذّر النائب جميل السيد من التمييز بين الوزراء، ملمحاً إلى طرح الثقة إذا لم تقتنع كتلته بأجوبة الحكومة.
وشهدت الجلسة مشادات جانبية بين عدد من النواب، لا سيما خلال مناقشة ملف الكهرباء، ما استدعى تدخلاً من نائب رئيس المجلس إيلي بو صعب.
وفي تطور مالي لافت، أصدر حاكم مصرف لبنان كريم سعيد التعميم رقم 170، الذي حظر بموجبه التعامل مع عدد من المؤسسات المالية غير المرخصة، وفي طليعتها "جمعية القرض الحسن"، في خطوة اعتُبرت ضمن مسار إحكام الطوق المالي على حزب الله.
وقد وصف الموفد الأميركي هذا الإجراء بأنه "خطوة في الاتجاه الصحيح" لضبط تدفق أموال الحزب.
دبلوماسياً، شارك وزير الخارجية يوسف رجي في اجتماع وزاري أوروبي – متوسطي في بروكسل، واقترح عقد مؤتمر أوروبي – عربي لإعادة إعمار لبنان.
كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى دعم عودة النازحين السوريين، وتجديد دعم الجيش اللبناني بوصفه الضامن الشرعي الوحيد في الجنوب إلى جانب اليونيفيل.
وأشار إلى أن الجيش عزز انتشاره جنوب الليطاني، ما يعكس تصميم الدولة على بسط سيادتها، داعياً إلى تحرك دبلوماسي أوروبي عاجل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية.
وكان رجي قد التقى عدداً من وزراء الخارجية العرب والأوروبيين، وجدّد دعوته إلى نظيره السوري أسعد الشيباني لزيارة لبنان، لمعالجة الملفات الثنائية العالقة، إلا أن الشيباني لم يحدّد موعداً بعد.
وفي خضم هذه التطورات، دان حزب الله الغارات الإسرائيلية واعتبرها جريمة موصوفة، داعياً الدولة إلى التحرّك السريع ووضع الجهات الضامنة أمام مسؤولياتها.
وقد ردّ وزير الدفاع الإسرائيلي بتأكيد أن الغارات كانت رسالة مباشرة إلى الحزب، متّهماً إياه بمحاولة إعادة بناء ترسانته القتالية.
وهكذا، تداخلت السياسة مع الدم، وتعاقبت المواقف مع الانفجارات، فيما يترقب اللبنانيون المآلات المقبلة في ظل انقسامات داخلية متزايدة وضغوط دولية لا تقل شراسة عن نيران الطائرات المغيرة.
يوم الأربعاء 16 تموز 2025، وبعد طرح الثقة بحكومة الرئيس نواف سلام، أعاد المجلس النيابي تجديد ثقته بها بأغلبية 69 صوتًا، في جلسة امتدت على مدى يومين، وشهدت مناقشات حادة ومداخلات ساخنة، أبرزها الاشتباكات الكلامية التي كادت أن تتحول إلى مواجهات جسدية بين بعض النواب، ما استدعى تدخل الرئيس نبيه بري ومداخلاته المتكررة لحفظ النظام.
وفي معرض ردّه على النواب، أعاد الرئيس سلام تأكيد التزام حكومته بالإصلاح والإنقاذ، متعهّدًا بمواصلة العمل رغم العراقيل، ومشيرًا إلى أن حكومته لم تأتِ لتمرير الوقت بل لتنفيذ تعهداتها، بما فيها تنفيذ البنود الواردة في خطاب القسم والبيان الوزاري.
وأعلن أن الحكومة كانت قد أنجزت تعيينات الهيئات الناظمة في قطاعات الاتصالات والكهرباء والطيران المدني، في سابقة لم تحدث منذ سنوات.
كما أعلن عن خطة متكاملة لعودة النازحين السوريين، تم تسجيل 16 ألف طلب ضمنها خلال عشرة أيام فقط.
وفي خضم ذلك، لم تغب التطورات السورية عن المشهد اللبناني، إذ عبّرت السلطات الرسمية، وعلى رأسها رئيسا الجمهورية والحكومة، عن قلقها العميق من التصعيد الإسرائيلي الذي طال مقر رئاسة الجمهورية في دمشق ومواقع عسكرية في الجنوب السوري، وخلّف عشرات الشهداء والجرحى.
وأدان الحزب التقدمي الاشتراكي تلك الاعتداءات، فيما دعا رئيسه السابق وليد جنبلاط إلى المصالحة والحوار الداخلي برعاية الدولة السورية، مؤكدًا أن إسرائيل لا تحمي الدروز بل تستغل أوضاعهم.
وقد نقلت أوساط رسمية أن الوضع في الجنوب اللبناني ما زال معلقًا، وأن لا تسوية تُبحث بجدية في الوقت الراهن بسبب التوتر الإقليمي.
كما أشارت إلى أن الموفد الأميركي طوم براك، الذي كان يُتابع ملف التفاوض مع لبنان، انشغل في الساعات الأخيرة بالأزمة السورية، خصوصًا بعد دخول الولايات المتحدة على خط التهدئة وطلبها من رئيس حكومة الاحتلال وقف الغارات، في محاولة لإطلاق مفاوضات مباشرة بين دمشق وتل أبيب.
وعلى صعيد العلاقة مع الإدارة الأميركية، استمر التفاوض غير المباشر عبر السفارة في عوكر، وتناقلت مصادر متابعة أن اللجنة الرئاسية اللبنانية كانت تعمل على إعداد ملاحظاتها على الرد الأميركي، تمهيدًا لعرضها في جلسة قادمة لمجلس الوزراء.
معيشياً، احتل ملف القطاع العام واجهة المشهد، بعدما وعد الرئيس جوزف عون بطرح مطالب الموظفين على طاولة الحكومة، ما دفع برابطة موظفي الإدارة العامة إلى تعليق إضرابها.
كما سجّل موقف لافت من رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، أعلن فيه ترحيبه بقرار مجلس شورى الدولة وقف تنفيذ ضريبة إضافية كانت الحكومة قد فرضتها على المحروقات، ودعاها إلى الالتزام بالقرار دون إبطاء.
وفي موازاة الحراك السياسي الداخلي، استأنف الرئيس جوزف عون جولاته العربية، فثبّت موعد زيارة إلى مملكة البحرين يومي 22 و23 من الشهر، على أن تليها زيارة إلى الجزائر في نهاية تموز.
ميدانيًا، واصلت الأمم المتحدة مراقبة الوضع في الجنوب، حيث قامت المنسقة الخاصة جينين هينيس-بلاسخارت بجولة على ثكنات الجيش اللبناني ومناطق جنوب الليطاني، مؤكدة دعم المنظمة الدولية لجهوده في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي ظل كل هذه الملفات، بدا أن الحكومة تحاول قدر المستطاع ضبط الإيقاع بين أزمات الداخل وأعاصير الخارج، وسط عودة النقاشات إلى أولويات الدولة اللبنانية: بسط السيادة، حفظ الاستقرار، تنفيذ الإصلاح، وتحقيق ما أمكن من الإنقاذ المالي والاقتصادي، وسط توتر إقليمي لا يزال يلقي بظلاله الثقيلة على البلاد.
يوم الخميس 17 تموز 2025، ناقش مجلس الوزراء اللبناني في جلسته الأخيرة ما يجري في سوريا من تدخلات إسرائيلية واعتداءات سافرة على المؤسسات الرسمية للدولة السورية، أبرزها استهداف القصر الجمهوري، ووزارة الدفاع، ومقر رئاسة الأركان.
وقد دان الرئيس ميشال عون هذه الاعتداءات، واعتبرها انتهاكًا صارخًا للسيادة السورية، مؤكداً أن لبنان يعاني كذلك من هذه الاعتداءات.
وشدد الرئيس عون على أن وحدة سوريا واستقرارها يشكلان ركيزة من ركائز استقرار لبنان، وأشار إلى الغارات الإسرائيلية الأخيرة على السلسلة الشرقية التي أوقعت اثني عشر شهيدًا، بينهم سبعة سوريين وخمسة لبنانيين.
بناءً على هذه المعطيات، وضعت الدولة اللبنانية خطة طوارئ للتعامل مع أي تصعيد محتمل، في حين وضعت العشائر في القرى الأمامية نفسها في تصرف الدولة دفاعًا عن مناطقها.
على المستوى الحكومي، نجح مجلس الوزراء في تمرير تعيين الهيئتين الناظمتين للطيران المدني وزراعة القنب الهندي، على أن يُستكمل تعيين الهيئات الباقية مثل الكهرباء والاتصالات خلال أسبوعين.
وقد اعترض بعض الوزراء على عدم توافر الوقت الكافي للاطلاع على السير الذاتية للمرشحين، فيما شدد وزير شؤون المهجرين كمال شحادة على أولوية الكفاءة في التعيينات التقنية، مع ضرورة احترام مبدأ المناصفة.
وأشاد وزير الزراعة نزار هاني بتعيين الهيئة الناظمة للقنب الهندي، معتبراً أنه سيساهم في تنظيم هذه الصناعة الجديدة.
أما رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، فقد أعرب عن فخره بما أنجزته الحكومة خلال ستة أشهر، مؤكدًا أنه يفوق ما تم إنجازه في سنوات سابقة.
ولفت إلى معالجة رواتب القطاع العام، منتقدًا أداء بعض وسائل الإعلام التي تجاهلت الإيجابيات.
وفي ما يخص التعيينات، تم تعيين الكابتن محمد عزيز رئيسًا للهيئة الناظمة للطيران المدني، وداني فاضل رئيسًا لهيئة القنب الهندي.
غير أن وزيري الاتصالات والطاقة طلبا سحب بنود تعيين الهيئات الخاصة بقطاعيهما.
وفي سياق الجلسة، أُبلغ مجلس الوزراء ببيان سفراء الاتحاد الأوروبي حول دعمهم للبنان، كما هنّأ الرئيس عون الحكومة على نيلها الثقة البرلمانية.
بدوره، دعا رئيس الحكومة نواف سلام إلى تحسين أوضاع الجمارك، وطلب إدراج التعيينات في هذا القطاع على جدول الأعمال.
وسبق الجلسة لقاء جمعه بالرئيس عون لبحث الملفات المطروحة.
سياسيًا، شدد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام سفراء الاتحاد الأوروبي على أهمية استمرار الدعم الأوروبي، خاصة للمناطق المتضررة من الاعتداءات الإسرائيلية، مؤكداً التزام لبنان بمسار الإصلاحات.
أما في نيويورك، فقد طالبت المنسقة الأممية جنيين هينيس بلاسخارت بدعم دولي للبنان، محذّرة من خطر التهميش، ومؤكدة على ضرورة وضع خارطة طريق واضحة لحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
وفي السراي الكبير، استقبل الرئيس سلام السفير الفرنسي وممثل فرنسا في لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، حيث تم التباحث في أهمية تفعيل دور اللجنة لضمان الأمن والاستقرار.
أما الخطر الأكبر فتمثل في احتمال انتقال الفتنة السورية إلى الداخل اللبناني.
إذ حذرت الأوساط السياسية من انتقال الاقتتال الطائفي والمذهبي في السويداء ودرعا إلى بعض مناطق لبنان، حيث تم رصد تصرفات فردية مشبوهة ومخازن أسلحة مجهولة الانتماء.
واعتُبر أن التقصير الأمني في التعامل الاستباقي مع هذه الظواهر يزيد من حجم الخطر، في ظل وجود بيئات حاضنة في بعض المناطق كطرابلس.
وفي هذا السياق، أجرى الرئيس سلام اتصالات بوليد جنبلاط، وتم الاتفاق على ضرورة التحلّي بالحكمة ومنع التوترات.
كما تلقى جنبلاط اتصالات داعمة من الرئيس عون والمفتي عبد اللطيف دريان، فيما أكد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى رفضه انتقال الفتنة إلى لبنان، داعياً إلى توقيف المعتدين والتواصل الدائم مع القيادات الروحية لتطويق أي فتيل فتنة.
وطالب أبي المنى الدولة السورية بتحمّل مسؤولياتها تجاه ما يجري في السويداء، كاشفًا عن تواصل مع السفير السعودي لرعاية اتفاق تهدئة في الجنوب السوري.
وفي عاليه، فرضت البلدية حظر تجول ليلي على السوريين، بسبب الظروف الأمنية المتدهورة.
قضائيًا، رفض القاضي غسان عويدات تبلّغ موعد جلسة استجوابه أمام المحقق العدلي طارق بيطار في قضية انفجار مرفأ بيروت، مؤكدًا عدم اعترافه بصلاحية البيطار.
ميدانيًا، واصل الجيش الإسرائيلي غاراته على مناطق الجنوب، مستهدفًا السيارات والمباني في النبطية والناقورة، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى.
وفي بلدة تول – الكفور، استهدفت مسيّرة سيارة مدنية، مما أدى إلى استشهاد حسن أحمد صبرا، وإصابة آخرين.
كما سقطت مسيّرة إسرائيلية بعد إلقائها قنبلة على الناقورة، في وقت حلق فيه الطيران المعادي بكثافة فوق البلدات الجنوبية.
يوم الجمعة 18 تموز 2025، قُبيل وصول الموفد الأميركي توم باراك إلى بيروت ودمشق، لتسلُّم الرد اللبناني الرسمي ومناقشة مستجدات المنطقة. وقبل وصوله، التأم لقاء في بعبدا بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، خُصِّص للبحث في الرد اللبناني على الاقتراحات الأميركية، في ضوء التحولات الحاصلة في سوريا والمخاوف من انعكاساتها المحتملة على الداخل اللبناني.
عقب اللقاء الرئاسي، عُقد اجتماع أمني بارز تلاه بيان صادر عن قيادة الجيش، عبّر بوضوح عن الجاهزية العسكرية لحماية الاستقرار الوطني، والتشدد في مواجهة أي خرق أو زعزعة للسلم الأهلي. وأكد الجيش أن لبنان واجه ظرفًا استثنائيًا تمثل بتكرار الاعتداءات الإسرائيلية وانتهاكات السيادة الوطنية، فضلًا عن تعقيدات الوضع الإقليمي وتحديات ضبط الأمن والحدود.
وشدد البيان العسكري على أن تجاوز المرحلة تطلّب تضامن اللبنانيين ووحدتهم ووعيهم بخطورة اللحظة، داعيًا إلى التزام مسؤولية وطنية شاملة.
في موازاة ذلك، أظهرت المعلومات الرسمية الصادرة بعد لقاء عون – بري أن الاجتماع أتى في سياق التنسيق الدوري بينهما، ما عكس علاقة متينة وجدية في العمل على الملفات الأساسية، وفي مقدمتها الرد اللبناني على الملاحظات الأميركية. وقد تمسّك لبنان، بحسب مصادر سياسية، بموقفه المبدئي حول حصرية السلاح وبسط سلطة الدولة، وهو ما ورد بوضوح في البيان الوزاري، إلى جانب المطالبة بانسحاب إسرائيل الكامل وعودة الأسرى.
في السياق نفسه، ترأس رئيس الجمهورية اجتماعًا وزاريًا – أمنيًا خُصص لمتابعة الوضع الأمني، لا سيما قضية الاكتظاظ في السجون، وخصوصًا السجناء السوريين، وناقش المجتمعون السبل القانونية والإجرائية لمعالجة هذا التحدي المتفاقم.
بدوره، شدد رئيس الحكومة نواف سلام على ضرورة منع انتقال الفتنة إلى لبنان، معربًا عن تمنياته بوقف الاقتتال في سوريا، ومؤكدًا أهمية وحدة الأراضي السورية واستقرارها، مشيدًا ببيان الجيش ومعتبرًا أن حماية لبنان تكمن في تفادي المغامرات ودعم استقرار الجوار. وكشف عن لقاء مرتقب له مع الموفد الأميركي في السراي، مشيرًا إلى أن مقترحات باراك تمحورت حول ترتيبات وقف العمليات العدائية وفق القرار 1701، وتضمنت بنودًا تتعلق بحصرية السلاح في يد القوى الأمنية الشرعية.
وأكد سلام التزام الحكومة بما ورد في البيان الوزاري حول الانسحاب الإسرائيلي وإطلاق الأسرى، لافتًا إلى أن ورقة باراك ليست اتفاقًا جديدًا بل آلية تنفيذية لوقف العمليات العدائية، وشدد على ضرورة تسليم السلاح للدولة، موضحًا أن حزب الله ملتزم بدوره بهذا الإطار، وأن لا مكان بعد اليوم لسلاح خارج سلطة الدولة.
وعن التصعيد الإسرائيلي، أقرّ سلام بوجود خشية فعلية، داعيًا إلى انخراط لبناني إيجابي في ورقة باراك بهدف تحسينها، ومؤكدًا أن المقاومة حررت الجنوب عام 2000، أما الحماية الآن فهي للدولة ومؤسساتها، لا للسلاح المنفلت.
وفي شأن السلاح الفلسطيني، أعلن سلام رفض الحكومة لبقاء أي سلاح خارج سلطة الدولة، مشيرًا إلى أن قوة فلسطين لا تُقاس بالسلاح في المخيمات بل بتضامن الدول الداعمة، محذرًا من تحول هذا السلاح إلى أداة فتنة داخلية.
من جهته، أعلن الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن الحزب التزم بتنفيذ ما يتعلّق بجنوب الليطاني وفق القرار 1701، واعتبر أن الولايات المتحدة تسعى حاليًا إلى فرض اتفاق جديد يهدف إلى نزع سلاح المقاومة، محذرًا من أن لبنان بات يواجه ثلاثة أخطار رئيسية: العدو الإسرائيلي جنوبًا، وتنظيم داعش شرقًا، والطغيان الأميركي سياسيًا. وأكد أن الحزب لن يستسلم ولن يُسلّم سلاحه، وشدد على أن أي عدوان سيُقابل بمواجهة دفاعية.
ونفى قاسم أي خلاف مع حركة أمل، داعيًا إلى عدم الرهان على انقسامات شيعية أو رئاسية، مجددًا التزام حزب الله بوحدة لبنان واتفاق الطائف.
وفي تطورات الوضع في السويداء، أجرى المفتي عبد اللطيف دريان اتصالًا بشيخ عقل الطائفة الدرزية سامي أبي المنى، أكد فيه الطرفان وحدة الصف الوطني ورفض الانجرار وراء أي خطاب تحريضي. واعتبر شيخ العقل أن ما يجري في السويداء من انفلات أمني مسؤولية الدولة السورية، رافضًا أي نزعة تقسيمية أو انفصالية، أو دعوات إلى حماية إسرائيلية، ومؤكدًا أن جبل العرب هو جزء لا يتجزأ من سوريا.
كما دعا النائب السابق وليد جنبلاط إلى وقف التحريض في لبنان وفتح الباب أمام الحوار، داعيًا إلى وقف إطلاق النار في السويداء كمدخل للحل.
وفي موازاة هذه التطورات، استقبل الرئيس نبيه بري الجنرال الفرنسي فالنتين سايلير، الممثّل الجديد للجنة الإشراف على وقف إطلاق النار، حيث جرى عرض للوضع الميداني، وتكرار إسرائيل خرق القرار 1701.
قضائيًا، تابع القاضي طارق البيطار ملف انفجار مرفأ بيروت، حيث حضر وكيل النائب غازي زعيتر دون أن يمثل موكله، ما دفع البيطار إلى تأجيل اتخاذ أي قرار بانتظار صدور القرار الاتهامي. كما رفض المدعي العام السابق غسان عويدات المثول أمامه، مشككًا بشرعية المحقق العدلي.
أما في الجنوب، فتوغلت وحدة إسرائيلية في ميس الجبل وفجّرت جرافتين تابعتين لمجلس الجنوب، في وقت فتحت فيه الرشاشات الإسرائيلية نيرانها على كفركلا، ما زاد من حدة التوتر في المنطقة الحدودية.
يوم الإثنين 21 تموز 2025، شهدت الساحة اللبنانية الجولة الثالثة للموفد الأميركي توماس براك إلى بيروت، والتي وُضعت لها تخوم واضحة وحدود مهمته المرتبطة بملف سلاح حزب الله وتنفيذ الاستحقاقات المنبثقة عن تعهدات الدولة اللبنانية منذ إعلان 27 تشرين الثاني 2024.
استهلّ براك زيارته بلقاءات مع الرئاستين الأولى والثالثة، ثم توجه إلى كليمنصو للقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط بحضور نجله النائب تيمور جنبلاط والنائبين مروان حمادة ووائل أبو فاعور، قبل أن يشارك في عشاء سياسي نيابي في السفارة الأميركية في عوكر.
وفي اليوم التالي، التقى قائد الجيش العماد رودولف هيكل، ثم زار رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، وخُتم يومه الثاني بعشاء سياسي في دارة النائب فؤاد مخزومي.
أما في اليوم الثالث، فالتقى بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في لقاء حمل أبعادًا معنوية ورسائل تهدئة.
تسلَّم براك من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مشروع المذكرة اللبنانية الشاملة لتطبيق الالتزامات الوطنية والدولية، بما في ذلك حصر السلاح بيد الدولة، وبسط سلطتها على كامل أراضيها، وضمان مرجعية المؤسسات الدستورية في قرار الحرب والسلم، وذلك بالتزامن مع ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة وإطلاق عملية إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي.
كما تسلّم من الرئيس بري ورقة منفصلة حملت موقف حزب الله، الذي ربط تخليه عن سلاحه بإطلاق أسراه، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، وانسحاب العدو من كامل الأراضي اللبنانية المحتلة.
وقد اعتُبر اللقاء مع بري مفصليًا، خصوصًا أنه تضمّن اقتراحًا يقضي بوقف الاعتداءات والخروقات الإسرائيلية لمدة خمسة عشر يومًا، مقابل تنفيذ الحزب للمرحلة الأولى من تسليم السلاح.
ومع ذلك، لم يتمكن براك، بحسب مصادر سياسية مطلعة، من انتزاع موعد محدد لتطبيق جدول زمني لتسليم سلاح الحزب، بل تلقّى فقط تأكيدًا متجدِّدًا على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة.
كما أُحيط بموقف لبناني رسمي شدّد على أن لا مجال للتراجع عن هذا الثابت الوطني، فيما استمرت الخروقات الإسرائيلية التي أضعفت مناخ الثقة، خصوصًا في ظل غياب ضمانات أميركية لوقفها.
أكد الرئيس عون أمام زواره أنه عمل وفق ضميره ومبادئه، مشيرًا إلى أن الحكم على العهد يكون بالنتائج لا بالتصريحات، داعيًا إلى مقاربة الأمور بروية ومنطق.
وفي موازاة ذلك، أوضح براك للمسؤولين اللبنانيين أنه بحاجة لوقت لدرس الردّ اللبناني، وأنه سيرفعه إلى الخارجية الأميركية لتقييمه واتخاذ موقف بشأنه.
في تصريحاته العلنية، شدّد براك على أن واشنطن لا تفرض شروطًا، ولا تمارس ضغوطًا على إسرائيل، بل تسعى للمساعدة في استعادة الاستقرار، مؤكدًا أن نزع سلاح حزب الله مسألة داخلية، وأن الولايات المتحدة لا تفكّر حاليًا في فرض عقوبات، لكنها ستُصاب بخيبة أمل إذا لم تُحرز تقدّمًا في هذا الملف.
من جهة أخرى، عبّر حزب الله بلسان النائب حسين جشي عن رفضه لأي ضغوط أميركية تهدف لنزع سلاح المقاومة، مؤكدًا أن هذا السلاح ليس موضوع مساومة، وأن من يجب أن يرفع يده عن لبنان هو الأميركي نفسه.
أما براك، فحرص على وصف لقاءاته بالبناءة والمفعمة بالأمل، مؤكدًا أن بلاده جاءت بطلب من لبنان، لا لتقديم ضمانات أو فرض حلول.
كما تطرّق إلى ملف الإصلاحات، مشيدًا بخطوات حكومة الرئيس نواف سلام، خصوصًا في ما يتعلّق بالمسائل المصرفية والمالية، معتبرًا أن لبنان بحاجة إلى نظام مصرفي فعّال لاستعادة الثقة وجذب اللبنانيين في الخارج إلى الاستثمار والعودة.
وفي إطار علاقات لبنان مع المجتمع الدولي، أشار براك إلى أن قرار التمديد لليونيفيل لا يزال قيد البحث، وأن توصية واضحة بهذا الشأن ستصدر قبل نهاية شهر آب، كما تناول موضوع ترسيم الحدود البرية مع سوريا، معتبرًا أن الخلافات الحدودية أصبحت من مخلفات الماضي، وأن الأولوية الآن تكمن في صناعة الأمل للأجيال المقبلة.
في موازاة هذه التطورات، عُقدت لقاءات دينية بارزة، أبرزها مأدبة عشاء دعا إليها السفير السعودي وليد بخاري وشارك فيها المفتي عبد اللطيف دريان ومفتو المناطق، حيث جرى التأكيد على دعم اتفاق الطائف، وحصر السلاح بيد الدولة، والتعاطي الإيجابي مع الورقة الأميركية، إضافة إلى دعم المبادرات العربية لحماية لبنان.
كما أجرى البطريرك الراعي اتصالًا بشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبو المنى في إطار مساعي التهدئة، بينما زار رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان عين التينة وأدلى بتصريحات لافتة أشار فيها إلى محاولات خارجية لإثارة الفتنة في سوريا وجبل العرب.
نيابيًا، يستعد مجلس النواب لعقد جلسة للنظر في طلب رفع الحصانة عن النائب جورج بوشكيان، بالتوازي مع مناقشات حول إمكانية ملاحقة وزراء اتصالات سابقين، فيما عبّر النائب السابق بطرس حرب عن استعداده للمثول أمام البرلمان للدفاع عن نفسه.
وفي الشأن المالي، ترأس النائب إبراهيم كنعان جلسة للجنة المال والموازنة ناقشت آليات تصفية المصارف وتحديد أولوية المودعين، بينما وقع رئيس الجمهورية مرسومًا رفع بموجبه الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص إلى 28 مليون ليرة شهريًا.
قضائيًا، أرجأ القاضي طارق البيطار اتخاذ القرار بشأن القاضي غسان عويدات، في ملف انفجار مرفأ بيروت، إلى ما بعد ختام التحقيقات، بينما سقط شهيد في بلدة الطيري جنوب لبنان نتيجة استهداف إسرائيلي لدراجة نارية، في استمرار لسياسة التصعيد والخروقات التي يعاني منها الجنوب.
يوم الثلاثاء 22 تموز 2025، وسط مناخ ضبابي لفّه الغموض السياسي والحرارة المرتفعة التي اجتاحت لبنان والمنطقة، متخطّية المعدلات الموسمية، تفاعلت تسريبات إعلامية متناقضة حول جولة المفاوضات الثالثة التي أجراها الموفد الأميركي توم براك مع المسؤولين اللبنانيين، بين من قرأ فيها بوادر تشاؤم ومن حاول تلمّس نسائم تفاؤل هشّ لا يستند إلى أرضية صلبة.
وقد تكفّلت المسيّرات الإسرائيلية بإعطاء إشارات ميدانية مقلقة، إذ كثّفت اعتداءاتها على القرى الجنوبية، بينما ظلّت اللقاءات السياسية والديبلوماسية، داخلياً وخارجياً، تشكّل نافذة أمل لتعزيز الدعم للبنان وللحكومة التي تمسّكت بسياستها المعلنة في إنقاذ البلاد وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والإفراج عن الأسرى، وبدء إعادة الإعمار انطلاقاً من الجنوب.
وفي هذا السياق، أعلن قصر الإليزيه أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيستقبل رئيس الحكومة نواف سلام في زيارة رسمية إلى باريس، هي الأولى من نوعها منذ تشكيل الحكومة.
وجاء في البيان أن الزيارة شكّلت مناسبة لتجديد الصداقة الفرنسية – اللبنانية والتأكيد على دعم فرنسا الثابت للبنان، لا سيما على صعيد الأمن والاستقرار ومواصلة الإصلاحات الاقتصادية، إضافة إلى التشديد على ضرورة احترام وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي الكامل، وتعزيز الجيش اللبناني وتفعيل التعاون مع قوات "اليونيفيل".
كما تطرّق الرئيسان إلى الأوضاع في غزة وسوريا وإيران، وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق.
على المستوى الداخلي، كثّف الرئيس نواف سلام لقاءاته، فاستقبل المفتي الشيخ عبداللطيف دريان على رأس وفد من المشايخ، كما زار كليمنصو حيث التقى النائب السابق وليد جنبلاط، وبحث مع المستشار الاقتصادي الفرنسي جاك دو لا جوجي تطورات قانون إعادة هيكلة المصارف وقانون الفجوة المالية، مؤكداً التزام الحكومة بخطّة التعافي الشاملة.
في موازاة ذلك، زار قائد الجيش العماد جوزاف عون البحرين، حيث التقى الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وأكد من هناك أن العلاقات بين لبنان والبحرين تاريخية ومتجذرة، مشيراً إلى أن الزيارة فتحت آفاق تعاون سياسي واقتصادي وثقافي جديدة.
وفي حديث صحافي، شدّد عون على أن قرار حصرية السلاح قيد التنفيذ بحكمة تضمن الوحدة الوطنية، وانتقد إسرائيل لعدم التزامها باتفاق 26 تشرين الثاني 2024 واستمرار اعتداءاتها، بينما التزم لبنان بنشر الجيش جنوب الليطاني مع توقع ارتفاع عديده إلى عشرة آلاف نهاية العام.
وعلى خط الوساطة الأميركية، استكمل توم براك زيارته للبنان بلقاءات شملت رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير المالية ياسين جابر.
وقد وُصف لقاؤه ببري بالبناء والإيجابي، حيث قُدّم طرح لبناني جديد ينطلق من انسحاب إسرائيلي جزئي يقابله خلو تدريجي للجنوب من السلاح، بإشراف أميركي، على أن يلي ذلك تفاوض لبناني حول الاستراتيجية الدفاعية.
ورحّب براك بالمقترحات، معتبراً أن "الوقت يداهمنا" ولا بد من التوصّل إلى توافق عاجل.
كما ناقش مع الوزير جابر القوانين الإصلاحية وأبرزها إقرار قانون السرية المصرفية، ومشاريع الرقمنة في الجمارك والعقارات، مؤكداً أن الإصلاح مرتبط بشكل وثيق بالاستقرار الأمني.
وأبدى براك تفاؤلاً، مؤكداً أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن لبنان، وأن الحرب ليست الخيار المقبل، طالما أن المجال لا يزال مفتوحاً أمام الدبلوماسية.
ميدانياً، استهدفت مسيّرات إسرائيلية عدداً من القرى الجنوبية، من تبنين إلى حولا وشقرا، في خرق مستمر لوقف إطلاق النار، وسط صمت دولي لا يزال يثير القلق في الشارع اللبناني.
في المقابل، استمر العمل السياسي الداخلي، حيث التأم مجلس النواب في جلسة رقابية للنظر في رفع الحصانة عن النائب جورج بوشكيان وإنشاء لجنة تحقيق في وزارة الاتصالات.
وبسبب تزامن الجلسة، أُرجئت أعمال اللجنة النيابية المختصة بمناقشة القوانين الانتخابية.
وبذلك، طغى الحراك السياسي والديبلوماسي على مشهد قاتم أمنياً، في وقت ينتظر فيه اللبنانيون خلاصاً طال انتظاره من أزماتهم المتراكمة، على وقع رهانات متضاربة بين الداخل والخارج.
يوم الأربعاء 23 تموز 2025، أنهى الموفد الأميركي توماس براك زيارته إلى بيروت من دون تحقيق اختراق نوعي في ملف العمليات العدائية الإسرائيلية، وعاد إلى باريس، مكتفياً بتأكيد أنه سيعود إلى لبنان كلما دعت الحاجة.
وقد اختتم زيارته بلقاء مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، حيث أعاد التذكير بضرورة حصر السلاح بيد الدولة، وبأن قرار السلم والحرب يجب أن يبقى مرجعيته الدولة اللبنانية وحدها.
وأشارت مصادر سياسية مطلعة إلى أن كلام براك شكّل محور متابعة في بيروت، وسط ترقّب للخطوات الحكومية المقبلة في إطار تعهد بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها.
في موازاة ذلك، واصل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون جهوده الدبلوماسية لتعزيز علاقات لبنان مع محيطه العربي، فكانت زيارته إلى البحرين ذات طابع استراتيجي، توّجت بلقائه الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي العهد الأمير سلمان بن حمد، وعدد من كبار المسؤولين.
وقد أعلن الملك عن استئناف التمثيل الدبلوماسي البحريني في بيروت، وأكد دعم بلاده الكامل لوحدة لبنان وسيادته وجهود حكومته في الإصلاح السياسي والاقتصادي.
كما دعا إلى تفعيل الاتفاقات الثنائية وتكثيف التنسيق، وشدّد البيان الختامي المشترك على ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية وتطبيق القرار 1701، إضافة إلى دعم لبنان في مسيرة استعادة دوره في محيطه العربي والدولي.
وفي سياق التحركات الدولية، توجّه الرئيس نواف سلام إلى باريس في زيارة مفصلية ترمي إلى تأمين الدعم الفرنسي للبنان، خصوصًا في مجالات إعادة الإعمار، والمساعدة في الإصلاحات المالية والاقتصادية، والتجديد لقوات اليونيفل، التي تضطلع باريس بدور كبير في دعم استمرار ولايتها.
أما على الصعيد البرلماني، فقد شهد مجلس النواب جلسة مفصلية تم فيها رفع الحصانة عن الوزير السابق والنائب جورج بوشكيان، وإحالة ملفات وزراء الاتصالات السابقين بطرس حرب، نقولا صحناوي، وجمال الجراح، إلى لجنة تحقيق برلمانية في قضايا فساد وهدر مال عام.
وقد جرت الانتخابات لاختيار أعضاء اللجنة بسرّية بعد وقف البث المباشر، وسط اعتراضات ومطالبات بفصل الملفات وعدم تسييس الملف.
وبرزت مواقف متباينة داخل المجلس، فيما رد الوزراء المعنيون بالوثائق والمستندات، نافين التهم الموجهة إليهم.
في موازاة ذلك، أجرت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، زيارة إلى إسرائيل، حيث التقت مسؤولين كباراً في إطار المشاورات بشأن تنفيذ القرار 1701.
ودعت خلال الزيارة إلى التزام جميع الأطراف بوقف الأعمال العدائية وتعزيز الاستقرار على طول الخط الأزرق.
سياسيًا، التقى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، يرافقه النائب ملحم رياشي، بالنائب السابق وليد جنبلاط، بحضور النائب وائل أبو فاعور.
واعتُبرت الجلسة مثمرة، وتطرّقت إلى ثلاثة محاور رئيسية: تطورات الأوضاع في سوريا، وضرورة وقف إطلاق النار بشكل كامل بين لبنان وإسرائيل، والعمل على قيام دولة قوية يحتكر فيها الجيش اللبناني وحده قرار السلاح، إضافة إلى دعوة لإلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب بما يسمح للمغتربين بالاقتراع في دوائرهم.
وفي ملف السلاح، عادت قضية حصرية السلاح إلى الواجهة، مع تأكيد براك خلال اجتماعاته في بيروت، خصوصاً بعد لقائه مستشار الرئيس بري، علي حمدان، على أن القانون ينص بوضوح على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، مشيرًا إلى أن الاستقرار لن يتحقق من دون قرار حكومي واضح بهذا الشأن، وأن الكرة باتت في ملعب الحكومة اللبنانية، وسط إصرار دولي وعربي على رؤية خطوات لبنانية حقيقية باتجاه نزع سلاح حزب الله.
من جهته، استضاف النائب فؤاد مخزومي لقاءً حضره عدد من النواب مع براك، حيث شدّد الأخير على أن المجتمع الدولي يريد مساعدة لبنان، لكنه لن يتمكن من ذلك إن لم يلتزم اللبنانيون بإجراءات إصلاحية وسيادية واضحة.
ودعا مخزومي إلى خطة وطنية متكاملة لنزع السلاح، وترسيم الحدود، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتفكيك المؤسسات المالية غير الشرعية كـ"جمعية القرض الحسن"، إلى جانب إصلاح جذري للقضاء.
وكان النائب فيصل كرامي من بين الحاضرين، وقد صرّح بأن اللقاء اتّسم بالصراحة، ناقلاً لبراك هواجس اللبنانيين، ومؤكداً أن عودة الدولة هي الفرصة الحقيقية لبناء لبنان من جديد.
أما "حزب الله"، فقد نفى عبر بيان صادر عن علاقاته الإعلامية ما نُشر في بعض القنوات من تقارير تفيد باستعداده للتصادم مع الدولة اللبنانية ورفضه تسليم السلاح.
واعتبر البيان أن هذه التسريبات مختلقة وتدخل في إطار حملات التضليل الإعلامي.
في المقابل، أفادت مصادر قناة "الحدث" أن حزب الله أبلغ جهات لبنانية رسمية، عبر رئيس مجلس النواب نبيه بري، رفضه الالتزام بأي قرار يمسّ سلاحه، معتبرًا أنه لن يسلم سلاحه حتى لو انسحبت إسرائيل من الأراضي اللبنانية، ومشددًا على أن الحزب غير معني بأي مؤتمرات اقتصادية أو إعادة إعمار.
وأشارت المصادر إلى أن هناك توجهاً رئاسياً لإعلان خطة واضحة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام، في ظل ضغوط دولية متزايدة، ومطالبات بجدول زمني يمتد حتى تشرين الأول كحد أقصى.
غير أن الرد من جانب حزب الله، بحسب التسريبات، كان سلبيًا، معتبرًا أن لا ضمانات متوفرة لتسليم السلاح، وأن الوضع في السويداء السورية دليل إضافي على ضرورة الاحتفاظ بالسلاح.
وهكذا، بدا المشهد اللبناني محكوماً بتداخل المسارات الدبلوماسية، والسياسية، والدستورية، والمالية، بين تحديات التفاوض مع الخارج، والصدامات الكامنة في الداخل، في ظل تطلع إلى مرحلة جديدة يُعاد فيها الاعتبار لمؤسسات الدولة وسلطتها الكاملة، لكن وفق إيقاع ما زال يتأرجح بين فرص الإنقاذ ومخاطر الانهيار.
يوم الخميس 24 تموز 2025، بقيت نتائج المحادثات التي أجراها الموفد الأميركي توماس باراك في بيروت محطّ اهتمام واسع على المستويين اللبناني والإقليمي، رغم أنّ مهمته اتّسعت لتشمل التوسط في إيجاد تفاهم إسرائيلي-سوري حول الوضع في درعا والسويداء والجولان، بعد تصاعد المواجهات في تلك المناطق.
وترك باراك خلفه أجواء توتّر، إذ ربط وقف الغارات الإسرائيلية على مواقع حزب الله بمدى التزام لبنان بالقرار 1701، من حيث وقف الأعمال العدائية، واحتجاز الأسرى، ومنع إعادة الإعمار.
وكانت الرسالة واضحة: لا نزع للسلاح يعني استمرار القصف والعمليات.
في موازاة ذلك، التقى رئيس الحكومة نواف سلام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، حيث أعاد ماكرون تأكيد دعم بلاده للبنان، وخصوصًا في ما يتصل بإنعاش الاقتصاد وتعزيز قدرات الجيش اللبناني بهدف حصر السلاح بيد الدولة، إضافة إلى دعم التعاون اللبناني-السوري لترسيم وضبط الحدود المشتركة.
ورغم أن لقاء باراك بوزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو تمحور حول سوريا، إلا أن معطيات عدة أشارت إلى تطرقه أيضًا للوضع اللبناني، خاصة في ضوء التغيرات التي بحثها الرئيس سلام مع ماكرون.
وسعى سلام خلال زيارته القصيرة إلى تحريك الجمود حول مسألة التجديد لقوات "اليونيفيل"، لا سيما وأن فرنسا تملك دورًا محوريًا في صياغة مشروع قرار التجديد، وتحظى بتأثير كبير داخل مجلس الأمن، باستثناء ما يتعلّق بالفيتو الأميركي المحتمل.
وحاول سلام استيضاح الموقف الفرنسي حيال الطروحات الأميركية-الإسرائيلية بشأن حصرية السلاح، والتهدئة في الجنوب، وإعادة الإعمار، إضافة إلى منع التصعيد الذي هدّد به باراك خلال لقاءاته في بيروت.
غير أن التصعيد الإسرائيلي بدأ فعليًا بغارات كثيفة طالت مناطق واسعة من جنوب لبنان مساء اليوم ذاته.
وفي ختام زيارته، دوّن رئيس الحكومة على منصة "إكس" شكره لفرنسا على دعمها المتواصل للبنان، مؤكّدًا التزام الرئيس ماكرون بالمساعدة في التجديد لقوات اليونيفيل وتعزيز التعاون الثنائي في المجالات الأمنية والاقتصادية والثقافية.
لكن مصادر متابعة أكدت أن الإدارة الأميركية لم تُعر كثيرًا من الاعتبار للموقف الفرنسي، وربما أخذت ببعض نصائحه، لكنها بقيت متمسكة بمصالحها وأجندتها في المنطقة، بما يخدم الرؤية الإسرائيلية.
ولذا، برزت الحاجة لتوسيع دائرة اتصالات لبنان بالدول الفاعلة في مجلس الأمن، لاستقطاب دعم دولي من شأنه كبح الفيتو الأميركي وتعطيل التجديد لليونيفيل.
وتركّز الرهان على المسعى الفرنسي لتمرير المرحلة بأقل قدر ممكن من التصعيد.
في هذا السياق، انتظر لبنان شهر آب بترقب شديد لمآلات السياسة الأميركية والإسرائيلية، لا سيما مع اقتراب تسلم السفير أحمد عرفة مهامه كمندوب جديد للبنان في الأمم المتحدة، خلفًا للسفير هادي هاشم، وما سيواكبه من اتصالات دبلوماسية نشطة في نيويورك.
فالإدارة الأميركية عمدت إلى استخدام ملف "اليونيفيل" كورقة ضغط على لبنان، سواء عبر التهديد بوقف تمويلها أو السعي لتعديل قواعد اشتباكها، وصولًا إلى طرح انسحابها.
وتزامنًا مع زيارة الرئيس سلام إلى باريس، وصل أيضًا المبعوث الأميركي توماس باراك، حيث عقد اجتماعات مع مسؤولين فرنسيين تناولت نتائج زيارته لبيروت، والرد الرسمي الذي تسلّمه من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على الورقة الأميركية.
والتقى باراك الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، وتباحث معه في الملف اللبناني، خاصة في ظل التباين بين واشنطن وباريس حول مصير قوات الطوارئ الدولية، إذ أصرّت فرنسا على الإبقاء عليها بصيغتها الحالية، بينما دفعت الولايات المتحدة في اتجاه تقليص عددها وحصر مهامها، وربما سحبها.
ولم يُستبعد حينها احتمال عودة لودريان إلى بيروت قريبًا، لمتابعة الملف اللبناني عن كثب.
وفي تطور سياسي لافت، قام مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بجولة شملت رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، برفقة وفد من مفتي المناطق، وأكّد من قصر بعبدا وحدة اللبنانيين في مواجهة الأطماع الإسرائيلية، مذكّرًا بأن لبنان وحده هو من التزم بتنفيذ القرار 1701، فيما واصلت إسرائيل خروقاتها واعتداءاتها.
وشدد على أنّ أقوى سلاح في وجه العدو هو وحدة الصف اللبناني ورفض أي مشروع تقسيمي.
أما رئيس الجمهورية العماد عون، فقد أشار إلى أن لبنان يقف عند مفترق طرق مصيري، داعيًا إلى استثمار الفرص المتاحة، لا سيما في ظل انفتاح عربي واعد.
واعتبر أن الوحدة الوطنية والتعاون بين اللبنانيين هي السبيل لتفادي أي انزلاق نحو الحرب أو الفوضى، مشيدًا بدور الطائفة السنية في ترسيخ الاعتدال والانتماء العربي.
وفي عين التينة، شدد الرئيس نبيه بري خلال لقائه دريان على أهمية تحصين الجبهة الداخلية اللبنانية لتفادي التصعيد الإسرائيلي، وأبدى تفاؤله بأن الأمور تتّجه نحو الأفضل، طالما بقيت هناك وحدة موقف بين الرؤساء الثلاثة، وجرى تقديم رد واضح على الطروحات الأميركية.
وشدّد دريان من جهته على أهمية الحفاظ على خطاب جامع لكل اللبنانيين، بعيدًا عن الطائفية والمذهبية، داعيًا السياسيين إلى التحلي بالروح الوطنية الجامعة من أجل خدمة لبنان.
اقتصاديًا، زار وفد من الهيئات الاقتصادية اللبنانية، برئاسة الوزير السابق محمد شقير، السفير السعودي وليد بخاري، حيث جرى البحث في سبل تقوية العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وأكد بخاري على دعم المملكة المستمر للبنان، مشيرًا إلى أهمية المنتدى الاقتصادي السعودي-السوري الذي انعقد في دمشق، وداعيًا إلى استعداد اللبنانيين للمشاركة في مثل هذه المؤتمرات في المستقبل.
أما شقير، فأشاد بالدور الإيجابي للسعودية ولسفيرها في بيروت، معتبرًا أن المملكة ساهمت بشكل فعّال في الدفع نحو مرحلة جديدة واعدة للبنان.
أمنيًا، عقد وزير الداخلية أحمد الحجار اجتماعًا لمجلس الأمن الداخلي المركزي، وجرى خلاله البحث في الوضع الأمني العام.
وأثنى الحجار على أداء الأجهزة الأمنية والعسكرية، داعيًا إلى تعزيز الحضور الأمني في مختلف المناطق، وتكثيف التنسيق بين الأجهزة لضمان الاستقرار ومنع أي خروقات.
في المقابل، صعّدت إسرائيل اعتداءاتها، حيث نفّذت سلسلة غارات على مرتفعات جبل الريحان، وأنصار، والمحمودية، وبرغز.
كما توغّلت قوة إسرائيلية داخل الأراضي اللبنانية في بلدة حولا، ودمّرت منزلًا وغرفة لتربية المواشي.
وألقت طائرة إسرائيلية قنبلة على بلدة عين عرب، وسجل تحرّك للدبابات في محيط حولا وميس الجبل، إضافة إلى إطلاق قنابل ضوئية.
وشنّت مُسيّرة غارة على أطراف بيت ليف، تسبّبت بحريق، وأخرى استهدفت سيارة في عيتا الشعب، ما أدّى إلى استشهاد المواطن مصطفى حاريصي.
وواصلت قوات الاحتلال تفجيراتها في محيط موقع مستحدث في تلة الحمامص، وأطلقت الرصاص باتجاه رعاة الماشية في الخيام.
كما استهدفت مدفعيتها بساتين الوزاني بالقنابل الضوئية، وحلّقت مسيّرتان في أجواء النبطية وكفرجوز وزبدين.
وهكذا، بدا المشهد اللبناني محاطًا بتحديات متداخلة بين الأمن والسياسة، والانقسام الدولي حول مصير الجنوب اللبناني، فيما تمسّك الداخل اللبناني بوحدته سلاحًا في وجه محاولات الفتنة والتقسيم.
في تموز 2025، دخلت البلاد مرحلة جديدة من التجاذبات السياسية والميدانية، رغم بوادر الانفراج التي حملتها الأشهر الماضية بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون رئيساً للجمهورية ومنح الحكومة برئاسة نواف سلام ثقة نيابية متجددة.
غير أن هذا المسار اصطدم بتحديات جدية تمثلت في تصاعد الجدل الداخلي والخارجي حول سلاح "حزب الله"، مع بروز الموقف الأميركي الضاغط، مقابل تمسك الحزب بسلاحه باعتباره ضمانة في مواجهة ما وصفه بخطر وجودي يهدد لبنان بأكمله، وليس المقاومة وحدها.
يوم الأربعاء 30 تموز 2025، أثار خطاب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم جدلاً واسعاً، حين شدد على أن السلاح هو لحماية لبنان من إسرائيل وليس له أي وظيفة داخلية، مشيراً إلى أن الأولوية هي لإعادة الإعمار ووقف العدوان لا لنزع السلاح.
في المقابل، عملت الحكومة على محاولة احتواء الأزمة، إذ أكدت أوساطها أن جلسة مجلس الوزراء المقررة الثلاثاء المقبل تأتي استكمالاً للحوارات والاتصالات الجارية مع كل الأطراف، سعياً لتوافق وطني حول مسألة السلاح، وسط توقعات بتنوع في مواقف الحضور بين مشاركة وزراء "حزب الله" وتحفظهم، أو اقتصار الحضور على وزراء "أمل" ووزير مقرب واحد من الحزب.
ومن غير المستبعد أن يُطرح الموضوع على التصويت، ما يُبرز الانقسام داخل الحكومة بين من يطالب بخطة زمنية لنزع سلاح المقاومة، ومن يدعو لمعالجة الموضوع بالحوار وفق السقوف الوطنية.
الرئيس جوزاف عون، الذي عاد من زيارة رسمية إلى الجزائر وُصفت بالمثمرة، كان بصدد وضع النقاط على الحروف في خطاب عيد الجيش في الأول من آب، مستبقاً الجلسة الحكومية بتحديد الاتجاهات الوطنية حيال هذه القضية الحساسة.
وقد أثمرت زيارته عن وعود جزائرية بمساعدات عاجلة، شملت سفينتين محملتين بالفيول لمعامل الكهرباء، ودعماً في إعادة الإعمار، واتفاقات لتعزيز التعاون الإعلامي والتقني، إلى جانب الإعلان عن استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها إلى بيروت.
في موازاة ذلك، أقر مجلس النواب قانونين إصلاحيين أساسيين: أحدهما ينظم القضاء العدلي، والثاني يعيد هيكلة المصارف، في خطوة تُعدّ جزءاً من التزامات لبنان تجاه المجتمع الدولي، لا سيما صندوق النقد.
غير أن تنفيذ هذه الخطط لا يزال معلقاً على تحقيق تقدم فعلي في سد الفجوة المالية وتحديد الخسائر، في وقت حذّر فيه الأمين العام لجمعية المصارف من أن الضرائب الجديدة المفروضة على القطاع قد تقوّض ما تبقى من دعائم استمراريته.
وفي تطور قضائي لافت، أنجز مجلس القضاء الأعلى التشكيلات القضائية الشاملة التي طاولت أكثر من 500 قاضٍ، وأحالها إلى وزير العدل تمهيداً لإقرارها.
وقد أشاد الوزير عادل نصار بالعمل المهني الذي أنجزه المجلس، مؤكداً على معيار استقلالية القضاء ورفض المحاصصة السياسية.
أما على خط النازحين السوريين، فتابع الرئيس نواف سلام الملف مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، حيث جرى البحث في إمكان تسريع عودة النازحين بالتنسيق مع الجهات اللبنانية الرسمية.
نيابياً، ناقشت اللجان المشتركة مشاريع قوانين مرتبطة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، أبرزها مشروع مطار القليعات ومشروع إنتاج الكهرباء من بلدية بيروت، وسط مطالب بتعديلات قانونية تشجع على الاستثمار وتوفير فرص العمل.
وفي الجنوب، كانت العيون شاخصة نحو مجلس الأمن الدولي الذي يُفترض أن يباشر مع مطلع آب بمناقشة تجديد ولاية قوات "اليونيفيل"، وسط معلومات عن احتمال تليين في الموقف الأميركي بعد زيارة نواف سلام إلى باريس.
من ناحيته، أصدر قائد الجيش العماد رودولف هيكل "أمر اليوم" بمناسبة العيد الثمانين للجيش، فأكد التزام المؤسسة العسكرية بواجباتها في حماية الحدود وتنفيذ القرار 1701 بالتعاون مع قوات "اليونيفيل"، رغم محدودية الإمكانات.
وفي المقابل، توعّد وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش بعدم إعادة بناء القرى التي دمّرها الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان، نافياً انسحاب الجيش من النقاط المتقدمة، ومشيداً بضعف "حزب الله"، في قراءة بدا واضحاً أنها لا تنسجم مع المعطيات الميدانية والسياسية في لبنان.
هكذا، بدا المشهد اللبناني معقّداً ومفتوحاً على احتمالات شتى، بين سعي جاد لتثبيت الاستقرار الداخلي وتحقيق الإصلاحات المطلوبة، وبين استمرار التحديات الأمنية والسياسية التي تفرضها التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها ملف سلاح المقاومة، الذي لا يزال محور التجاذب بين الداخل والخارج.