المشهد اللبناني
المشهد اللبناني من يوم الثلاثاء1 نيسان 2025 حتى يوم الإثنين 28 نيسان 2025، إعداد أنطوان فضّول
يوم الأربعاء 2 نيسان 2025، شكّلت تحركات رئيس الحكومة نواف سلام بعد عودته من المملكة العربية السعودية محور البحث في سبل درء العدوان وحماية الاستقرار، فضلًا عن المضي قدمًا في تنفيذ البرنامج الحكومي المتعلق بإعادة بناء الإدارة عبر التعيينات وإجراء الإصلاحات، مع التركيز على تمكين الدولة من بسط سيطرتها بقواها الذاتية على جميع الأراضي اللبنانية.
وقد لمس سلام خلال زيارته احتضانًا سعوديًا قويًا للبنان، في خطوة فسّرت على أنها إعادة انخراط المملكة بفاعلية في الشأن اللبناني، سياسيًا واقتصاديًا.
من جهة أخرى، كانت زيارة الموفدة الرئاسية الأميركية مورغن أورتيغاس إلى لبنان موضع ترقب، إذ التقت مسؤولين رسميين، ناقلة رسائل أميركية حول التصعيد الإسرائيلي، وسط صمت الإدارة الأميركية، التي يُفترض أنها الضامن الرئيسي للاتفاقات الدولية.
وأكدت مصادر شبه رسمية أن لبنان أبلغ أورتيغاس رفضه القاطع للمقايضة بين التفاوض أو تلقي الضربات، مشددًا على موقفه الثابت من رفض الانصياع للضغوط الإسرائيلية والأميركية.
وعلى المستوى الدبلوماسي، حذر سفير إحدى الدول الكبرى من أن استمرار التصعيد العسكري قد يضع لبنان أمام خطر محدق، مؤكدًا أن الإدارة الأميركية مارست ضغوطًا على لبنان من أجل وضع جدول زمني لنزع سلاح حزب الله.
كما رأى أن الحوار حول هذا الملف يجب أن يُقنع المكون الشيعي بأن الدولة هي الحاضن الأساسي لجميع اللبنانيين وليس العكس.
وفي ظل تصاعد التوتر الدولي، بات لبنان في دائرة الاهتمام الدبلوماسي، حيث كشفت مصادر متابعة عن اتصال أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الأميركي دونالد ترامب، في محاولة لخفض التوتر بين لبنان وإسرائيل.
كما تزامنت هذه الجهود مع دعوة رسمية وجهها رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني إلى الرئيس جوزاف عون لزيارة بغداد، في خطوة تعكس رغبة العراق في تعزيز العلاقات الثنائية مع لبنان.
على الصعيد الداخلي، انشغل لبنان الرسمي والسياسي بحدثين رئيسيين خلال عطلة عيد الفطر، أولهما زيارة سلام إلى السعودية بدعوة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث بحثا في سبل تعزيز العلاقات الثنائية.
أما الحدث الثاني، فتمثل في العدوان الإسرائيلي على مبنى في حي ماضي بالضاحية الجنوبية، والذي أسفر عن استشهاد أربعة أشخاص، بينهم مسؤول في حزب الله وابنه، فضلًا عن إصابة سبعة آخرين.
وقد استكمل الرئيس سلام لقاءاته الرئاسية بزيارة عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتناول اللقاء المستجدات السياسية والميدانية، لا سيما الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، في ظل إفلات تل أبيب من أي ردع أو التزام بالقرارات الدولية.
في هذا الإطار، شدد الرئيس عون على أن العدوان الإسرائيلي يشكل إنذارًا خطيرًا حول النوايا المبيتة ضد لبنان، خصوصًا أنه أتى بعد التوقيع على اتفاق ضبط الحدود اللبنانية السورية، الذي رعته السعودية.
كما أكد الرئيس بري أن الغارة على الضاحية تمثل عدوانًا موصوفًا يستهدف نسف الآليات التنفيذية للقرار 1701، الذي التزم به لبنان بالكامل.
في المقابل، بررت الإدارة الأميركية استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، معتبرة أن إسرائيل تدافع عن نفسها ضد هجمات صاروخية انطلقت من لبنان، في موقف اعتبرته الأوساط اللبنانية انحيازًا واضحًا لتل أبيب.
كما أعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جنين هنيس بلاسخارت، عن قلقها من تصاعد التوتر، داعية جميع الأطراف إلى الالتزام بالقرار 1701 كمسار وحيد للحل.
في السياق نفسه، دعا وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى الدول الراعية لاتفاق وقف النار إلى ردع الجيش الإسرائيلي عن انتهاكاته المتكررة، مؤكدًا أن استقرار لبنان وأمنه يعتمدان على تنفيذ القرار 1701.
كما أجرى مباحثات مع السفيرين الفرنسي والروسي، حيث أكدت باريس استمرار دعمها للبنان، فيما تمنى السفير الروسي نجاح الحكومة اللبنانية في مواجهة التحديات الراهنة.
في المقابل، أكد قيادي بارز في "الثنائي الشيعي" أن الدولة اللبنانية ملزمة بالتحرك دبلوماسيًا لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، مشددًا على أن المقاومة لن تبقى مكتوفة الأيدي إذا استمر التصعيد، ومؤكدًا أن الخيارات كافة لا تزال مفتوحة في هذا السياق.
إزاء هذه التطورات، يبقى المشهد اللبناني مفتوحًا على احتمالات عدة، وسط ترقب داخلي ودولي لمسار التصعيد الإسرائيلي، ومدى قدرة لبنان على تحصين نفسه في مواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية المتزايدة.
تم تحديث النص ليعكس التطورات السياسية والأمنية في لبنان بناءً على الأحداث الأخيرة.
إذا كنت بحاجة إلى أي تعديلات أو إضافات، فأنا جاهز للمساعدة.
يوم الخميس 3 نيسان 2025، تصاعدت التهديدات بشن حرب برية جديدة، في ظل تأزّم إقليمي واسع النطاق.
وفي هذا السياق، أعاد لبنان الرسمي ترتيب ملف المحادثات مع الموفدة الرئاسية الأميركية مورغن أورتيغوس، بطريقة موحّدة ومحدّدة، تمهيدًا لعرض الموقف اللبناني الرافض لأي مقترحات تمسّ سيادته أو تفرض عليه شروطًا تتجاوز قرارات الشرعية الدولية. وقد نُسّق الموقف الرسمي بما يتناغم مع خطاب القسم والبيان الوزاري، لناحية حصرية السلاح بيد الدولة، ودور الأجهزة الأمنية، والتمسّك الكامل بالقرار 1701، واتفاقية الهدنة، وضرورة استكمال الانسحاب الإسرائيلي ووقف الانتهاكات المتكررة.
وبالرغم من الرسوم الجمركية الأميركية التي طالت لبنان بنسبة 10%، بقي الخلاف قائمًا بشأن مقترحات أورتيغوس، التي تضمّنت طلبًا واضحًا بمهلة زمنية لنزع سلاح حزب الله والفصائل المسلحة الأخرى، إضافة إلى اقتراح تشكيل لجان مدنية ودبلوماسية تتجاوز اللجنة المعنية بمراقبة وقف إطلاق النار، والتي توقفت مبدئيًا عن العمل.
وانطلقت التحضيرات لاستقبال أورتيغوس، التي وصلت مساء الجمعة إلى بيروت، حيث التقت الرؤساء جوزف عون ونبيه بري ونواف سلام، بالإضافة إلى وزير الخارجية يوسف رجي. وقد واجهت المسؤولة الأميركية موقفًا لبنانيًا موحّدًا، مفاده أنّ أي تفاوض يجب أن يقتصر على آلية تقنية غير مباشرة تُعنى بانسحاب الاحتلال من النقاط المتنازع عليها، من دون تشكيل لجان إضافية أو فتح مسارات تفاوضية جديدة، كما طُلب منها القيام بجولات مكوكية بين بيروت وتل أبيب، كما فعل الموفد السابق آموس هوكشتاين في ملف الترسيم البحري.
أما في ما يخصّ سلاح حزب الله، فقد أكدت المعلومات أنّ لبنان الرسمي شدّد على أنّ هذا الملف يُبحث داخليًا ضمن إطار حوار وطني يديره رئيس الجمهورية، بوصفه جزءًا من الاستراتيجية الدفاعية الوطنية.
وتزامنت هذه التطورات مع تصاعد التهديدات الأميركية والإسرائيلية بضرب إيران، ما أثار قلقًا كبيرًا إزاء احتمالات اندلاع مواجهة إقليمية شاملة قد تطال لبنان، خصوصًا في حال ردّ حزب الله على أي استهداف أو اغتيال. وأشارت القناة 14 الإسرائيلية إلى قرب تنفيذ هجوم واسع ضد إيران، بالتنسيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، يستهدف البنى التحتية النووية والحرس الثوري، وربما يؤدي إلى تغييرات داخل النظام الإيراني نفسه.
وفي هذا السياق، عبّرت مصادر دبلوماسية أوروبية عن قلقها من استمرار سياسة التصعيد التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، محذّرة من أنّ نتائج أي ضربة لإيران ستكون مدمّرة، وقد تفتح جبهات متعددة تشمل اليمن ولبنان، إذا قرر حزب الله الرد.
في المقابل، سعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى التهدئة، من خلال اتصالاته مع الأطراف المعنية، لا سيما في لبنان وغزة، إلّا أنّ قدرته على التأثير بقيت محدودة. وقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أنّه بحث مع نظيره الإسرائيلي ضرورة احترام وقف إطلاق النار، ودعا إلى مفاوضات جماعية لترسيم الحدود البرية.
حكوميًا، عقد مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية، وناقش مشروع إعادة هيكلة المصارف، الذي أعدّه وزير المال ياسين جابر، تمهيدًا لإحالته إلى البرلمان كجزء من الإصلاحات المطلوبة دوليًا. وفي مصرف لبنان، جرى حفل التسلّم والتسليم بين الحاكم بالإنابة وسيم المنصوري وخلفه كريم سعيد، الذي أدى اليمين أمام الرئيس عون.
أمنيًا، قام الرئيس جوزف عون بجولة على المؤسسات الأمنية، وشدّد على ضرورة تعزيز دورها في حماية الاستقرار وتطبيق القوانين، داعيًا إلى إعادة الهيبة إلى قوى الأمن الداخلي، وعدم الخضوع لأي تأثيرات سياسية أو طائفية.
من جانبه، دعا البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إلى عقد مؤتمر وطني لتوحيد السلاح تحت سلطة الدولة، معتبرًا أن نزع سلاح المقاومة ليس بالأمر السهل ويتطلب وقتًا، ومشددًا على أنّ الحلّ يجب أن يكون دبلوماسيًا، لأنّ لبنان غير قادر على خوض الحرب، ولا أحد بمقدوره مواجهة آلة إسرائيل الحربية.
وعن ملف التطبيع، أكد الراعي أنّ الوقت لم يحن بعد لهذا الطرح، مشيرًا إلى أولوية ترسيم الحدود وتسليم السلاح، وفق ما ورد في اتفاق الطائف.
أما في ما يخصّ الوضع المالي، فقد تكثّفت الاجتماعات للبحث في سلسلة جديدة للرواتب والأجور في القطاعين العام والخاص، وسط ارتفاع الكلفة المعيشية وانخفاض القدرة الشرائية. وقد أعلن رئيس الاتحاد العمالي بشارة الأسمر أنّ لجنة المؤشر ستجتمع الجمعة المقبل لوضع تصور جديد يتلاءم مع الظروف الحالية.
ميدانيًا، واصلت إسرائيل اعتداءاتها في الجنوب اللبناني، حيث شنّت طائراتها غارات على مركز الدفاع المدني في بلدة الناقورة، واستهدفت سيارتين في بنت جبيل وعلما الشعب، ما أسفر عن سقوط ثلاثة جرحى. في المقابل، حلّقت طائرات لبنانية لأول مرة فوق الجنوب، في رسالة تؤكد على سيادة لبنان الكاملة على أرضه.
وأصدر الجيش اللبناني بيانًا أعلن فيه إزالة عوائق هندسية نصبها العدو الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية في منطقة اللبونة – صور، مؤكّدًا مواصلة التنسيق مع اللجنة الخماسية وقوات اليونيفيل لوقف الخروقات، رغم استمرار إسرائيل في استهداف المواطنين وانتهاك السيادة.
وبينما تمادت إسرائيل في رواياتها الإعلامية، زعم الناطق باسم جيشها أنّ الغارات استهدفت "إرهابيين من حزب الله"، في محاولة لتبرير عدوانها المتكرّر على لبنان.
يوم الجمعة 4 نيسان 2025، تركزت الأنظار على زيارة الموفدة الأميركية مورغن أورتاغوس التي وصلت إلى بيروت، وسط توصيفات مسبقة لمحادثاتها بـ"الصدامية" و"المتوترة". وقد التقت تباعاً بالرئيس جوزف عون في بعبدا، ثم بالرئيس نواف سلام في السراي الحكومي، فالرئيس نبيه بري في عين التينة، ووزير الخارجية جو رجي. وتمحورت المحادثات حول مستقبل وقف إطلاق النار، وتطبيقات القرار الدولي 1701، ولا سيما ما يتصل بالسلاح المتواجد جنوب الليطاني وشماله وصولاً إلى بعلبك، حيث سُجّل توقيف شاحنة محملة بالأسلحة من قبل الجيش اللبناني.
في المقابل، تمسكت الإدارة الأميركية برؤية تعتبر أن "مشكلة لبنان" تكمن في سلاح حزب الله، مطالبة بخطة لنزعه، فيما أكّد الرؤساء الثلاثة أن الخلل الأساسي يكمن في عدم التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار وبنود القرار 1701.
أما على الصعيد الاقتصادي، فشهدت الساحة اللبنانية استكمال مجلس الوزراء نقاشه الحساس حول مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف، الذي قدمه وزير المال ياسين جابر، حيث تم التوافق على استكمال البحث الثلاثاء المقبل. ورفض المجلس تضمين المشروع بنداً ينص على بدء العمل به فور نشره، مفضّلاً ربط نفاذ القانون بإنجاز عملية الهيكلة الكاملة للمصارف المتعثّرة منذ أزمة 2019.
وقد اعترض عدد من الوزراء على عدم توزيع نسخة من المشروع قبل 48 ساعة من الجلسة، ما حال دون الاطلاع الكافي عليه. ومع ذلك، خلص المجلس إلى اعتبار مشروع القانون ضرورة إصلاحية لحماية أموال المودعين، وركيزة أساسية لخطة إنقاذية شاملة.
من جانبه، شدد وزير المال على أن القانون لا يلقي بالمسؤولية فقط على المصارف، بل يتناول وضع الدولة ومصرف لبنان أيضاً، مؤكداً أن المشروع يدرس أوضاع المصارف وقدراتها المالية بشكل دقيق.
وفي خطوة لافتة، تسلّم الحاكم الجديد لمصرف لبنان مهامه رسمياً خلفاً للحاكم بالإنابة وسيم منصوري، وأكد أن جميع أموال المودعين محمية بالقانون اللبناني، داعياً إلى إنقاذ صغار المودعين أولاً، وإعادة الودائع تدريجياً. كما طالب البنوك برفع رؤوس أموالها أو الاندماج لتفادي الانهيار، مشدداً على ضرورة إنهاء دور المصرف كمموّل دائم للدولة خارج القانون.
وتعهّد الحاكم الجديد بالالتزام بأحكام الدستور، ومكافحة الاقتصاد غير الشرعي، وتمويل الإرهاب، وإعادة رسملة المصارف التجارية، وإعادة هيكلة الدين العام.
أما الحاكم السابق بالإنابة وسيم منصوري، فقد قدّم جردة حساب، مشيراً إلى وقف منصة "صيرفة" بسبب الهدر، وزيادة احتياطات المصرف من العملات الأجنبية إلى 10.7 مليارات دولار. وأكد أن الدولة دفعت رواتب القطاع العام بالدولار من أموالها، وليس من أموال مصرف لبنان، كما تم إصدار تعميمين 158 و166 لإتاحة السحب الاختياري للمودعين.
سياسيًا، أكد رئيس الحكومة نواف سلام التزام الدولة اللبنانية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني، وبدء عملية الإعمار عبر ترميم البنى التحتية، وذلك بالتعاون مع البنك الدولي وفق خطة عادلة تراعي مختلف القرى والبلدات.
كما شدد سلام على ثلاث أولويات جنوبية: العدالة في توزيع المساعدات، ضمان الاستقرار وسلامة المواطنين، وإجراء الانتخابات البلدية في موعدها، مؤكداً أهمية المشاركة الشعبية الفاعلة فيها.
ميدانيًا، تصاعدت حدة التوترات الأمنية، حيث نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على وادي عزة ورومين في قضاء النبطية، فيما ارتكبت إسرائيل فجراً جريمة اغتيال في صيدا طالت القيادي في حركة حماس حسن فرحات داخل منزله في حي دلاعة، ما أدى إلى استشهاده مع ابنه حمزة وابنته.
هكذا، ظل المشهد اللبناني رهينة تحديات متشابكة بين ضغوط خارجية وتوترات أمنية، ومساعٍ داخلية لإعادة البناء والإصلاح في ظل ضبابية سياسية واقتصادية خانقة، تجعل من عام 2025 امتداداً لصراع طويل مع الأزمات المفتوحة على كل الاحتمالات.
يوم الأحد 6 نيسان 2025، شهدت الساحة اللبنانية تطورات لافتة مع زيارة نائبة المبعوث الأميركي مورغان أورتاغوس إلى بيروت، حيث أمضت يومين حافلين بلقاءات ومشاورات رسمية. وجاءت زيارتها وسط تساؤلات لبنانية ملحة حول طبيعة الوعود التي حملتها، خصوصاً في ما يتعلّق بالقرار 1701، والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، والإصلاحات المنتظرة.
أورتاغوس لم تكتفِ بما سمعته من المسؤولين، بل رصدت عن كثب بعض الخطوات العملية، فشاهدت بأم العين التزام الدولة اللبنانية بتنفيذ القرار 1701، لا سيّما من خلال تحرّك الجيش اللبناني لضبط الأمن في الجنوب، ومنع إطلاق الصواريخ، والسعي لنزع السلاح خارج إطار الدولة، بالتوازي مع التعيينات الأمنية والمصرفية التي شملت قائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية وحاكم مصرف لبنان الجديد.
الموفدة الأميركية نقلت موقفاً واضحاً شدّدت فيه على ضرورة سحب سلاح "حزب الله"، معتبرةً أن هذا الأمر يشكّل شرطاً أساسياً لأي دعم خارجي أو عملية إعادة إعمار. وأشارت خلال لقاءاتها إلى أنّ بلادها دعمت الجيش اللبناني لسنوات، وأن اللحظة الراهنة تقتضي تعزيز دوره وسلطته، بما يساهم في تحرير لبنان من كل نفوذ أجنبي أو ميليشيوي.
لقاءات أورتاغوس شملت الرؤساء الثلاثة، الذين استقبلوها على انفراد، إضافة إلى اجتماعات موسعة مع الوزراء المعنيين بالشؤون الاقتصادية والمالية. وقد رأت في هذه الحكومة الجديدة فرصة ذهبية إذا ما التزمت بتنفيذ خطة إصلاحية جديّة تشمل إعادة هيكلة النظام المصرفي، وضبط الحدود، ووقف التهريب، وتطبيق القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وتبييض الأموال، والتي أكد الرئيس بري أنها تجاوزت 19 قانوناً أقرتها المؤسسة التشريعية.
أعربت أورتاغوس عن تفاؤلها بالتشكيلة الحكومية، معتبرة أن وجود وجوه إصلاحية مثل نواف سلام، واختيار قائد الجيش جوزاف عون، يفتح الباب أمام شراكة محتملة، مشروطة بإثباتات ملموسة على الأرض. ونبّهت إلى أن التعاون الأميركي لن يستمر في حال تباطأت الحكومة في نزع السلاح وتطبيق الإصلاحات.
في الجانب الأمني والسيادي، ناقشت أورتاغوس ملف الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس والنقاط 13 على الخط الأزرق، وأشارت إلى أنّ بلادها تتابع هذا الملف باهتمام، لكنها لم تحمل ضمانات محددة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية. غير أن الرئيس عون طرح مقاربة تقنية لحل الملفات العالقة مع إسرائيل عبر لجنة عسكرية على غرار آلية الترسيم البحري، بينما اقترح الرئيس سلام العودة إلى "الدبلوماسية المكوكية" التي اعتمدها سلفها هوكشتاين، وقد لقي الطرحان ترحيباً منها.
وفي ردها على أسئلة صحافية، أكدت أورتاغوس أن واشنطن لا تفرض إملاءات، بل تحث على التقدم في مساري الأمن والإصلاح، وتعتبر أن استعادة الثقة الدولية تمرّ عبر نزع السلاح غير الشرعي ومكافحة الفساد. كما شدّدت على أنّ المساعدات الأميركية ستبقى مشروطة، وأن الجيش اللبناني بات في موقع يؤهّله للاضطلاع بدور محوري في تثبيت الاستقرار، إذا ما أُعطي الدعم السياسي اللازم.
كما ناقشت أورتاغوس مع وزيري المال والاقتصاد، ياسين جابر وعامر البساط، والحاكم كريم سعيد، خطط الإصلاح المالي، خصوصاً في ما يتعلق بمكافحة الاقتصاد غير الشرعي وتبييض الأموال. وأُشير إلى أن الوفد اللبناني الذي شارك في لقاء عوكر خرج بانطباع إيجابي، وطرح أمامها جملة من التفسيرات والتصورات حول القوانين الإصلاحية.
وتجدر الإشارة إلى أن الوفد اللبناني، المؤلف من الوزيرين جابر والبساط وحاكم مصرف لبنان، سيتوجّه إلى واشنطن لحضور اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي، في إطار سعي لبنان لتأمين الدعم المطلوب ومواصلة المفاوضات.
ورغم أن أورتاغوس لم تحدد جدولاً زمنياً لتسليم سلاح "حزب الله"، إلا أنّ رسائلها السياسية كانت حازمة، مفادها أن استمرار الفوضى المسلحة يعرقل كل فرص النهوض، وأن خيار التعاون أو العزلة بات بيد الدولة اللبنانية.
واختُتمت زيارتها بلقاءات مطوّلة عبّرت خلالها عن حماسها للحكومة الجديدة، لكنها حملت أيضاً تحذيرات ضمنية: لبنان أمام اختبار دولي دقيق، ونافذة الفرص لن تبقى مفتوحة طويلاً ما لم يتحرك بسرعة وحسم.
ما إن غادرت الموفدة الرئاسية الأميركية مورغن أورتاغوس بيروت بعد يومين من اللقاءات المكثفة التي تمحورت حول الإصلاحات وحصرية السلاح، حتى انطلقت في الأوساط الرسمية اللبنانية سلسلة اجتماعات لتقييم نتائج الزيارة، وما تضمنته من مواقف ورسائل سياسية واضحة.
يوم الإثنين 7 نيسان 2025، اعتبر الرئيس جوزاف عون خلال لقائه وفدًا أميركيًا أن نزع السلاح وتنفيذ الإصلاحات لم يكونا فقط مطلبين دوليين، بل شكّلا في جوهرهما أولويات لبنانية داخلية، مؤكدًا التزامه بالسعي نحو تحقيقهما.
وأفادت مصادر سياسية مطلعة أن لبنان ظل متأثرًا بمفاعيل زيارة أورتاغوس، التي أعادت إلى الواجهة موضوع سلاح "حزب الله" من جهة، والحاجة الماسة للإصلاحات من جهة أخرى. وأضافت أن رئيس الجمهورية قارب هذا الملف بحذر ورويّة، مفضلًا مقاربة الحوار الهادئ حول سلاح الحزب في إطار الدولة، وهو ما شكّل محورًا لنقاشاته مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وسط مؤشرات عن تحضير لمسار سياسي متدرج بهذا الخصوص.
في موازاة ذلك، واصلت الحكومة التحضير لملفات إصلاحية متنوعة، ضمن التوجه العام لاستكمال خطة النهوض، فيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال قمة ثلاثية جمعته بملك الأردن والرئيس المصري، على تمسك بلاده بسيادة واستقرار لبنان، وضرورة احترام وقف إطلاق النار.
أما الرئيسان عون وبري فقد أجريا مراجعة شاملة لما أفضت إليه زيارة أورتاغوس، وتناولا التطورات الأمنية على الحدود الجنوبية، والخروقات الإسرائيلية المتواصلة، والحاجة العاجلة إلى إقرار القوانين الإصلاحية في المجلس النيابي. وقد تبلورت خلال هذه المداولات ضرورة التعاون الوثيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتسريع وتيرة الإصلاحات، لا سيما مع اقتراب موعد وفد اقتصادي لبناني إلى واشنطن للقاء ممثلي صندوق النقد الدولي.
وعُلم أن الرؤساء الثلاثة توافقوا على مقاربة حصرية السلاح بلغة غير استفزازية، متفادين استخدام عبارة "نزع السلاح"، على أن يتولى الرئيس عون تنسيق هذا الملف مع الرئيس بري في مراحل لاحقة. من جانبها، لفتت مصادر إلى أن الاهتمام الأميركي بالملف الإصلاحي لم يتعدَّ كونه وسيلة للضغط على الحزب، أكثر من كونه دعمًا جديًا لمسار إنقاذ اقتصادي متكامل.
وبعد مغادرة أورتاغوس، وصل إلى بيروت وفد من "مجموعة الدعم الأميركية من أجل لبنان" برئاسة السفير إدوارد غابريال، الذي التقى كبار المسؤولين اللبنانيين، ونقل رسالة واضحة من واشنطن تطالب بنزع سلاح حزب الله والإسراع في تنفيذ الإصلاحات كشرط مسبق للحصول على المساعدات المالية.
وقد أشاد غابريال بجهود الجيش اللبناني، كاشفًا عن مشاريع قوانين تمهيدية في الكونغرس الأميركي لتمويل لبنان ضمن حزمة اقتصادية أوسع. ورد الرئيس عون مؤكدًا مجددًا أن الإصلاحات وسحب السلاح هما مطلبان لبنانيان، مع التشديد على أولوية خفض التوتر جنوبًا، مطالبًا الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل للانسحاب من النقاط الخمس التي ما زالت تحتلها.
وفي ما يتعلق بمصير سلاح حزب الله، جدد عون إيمانه بالحوار كوسيلة وحيدة لمعالجة هذا الملف، مؤكدًا أن لا سلاح شرعيًا خارج إطار الدولة، وأن لبنان مقبل على صياغة استراتيجية أمنية وطنية تنبثق عنها خطة دفاعية واضحة المعالم.
من ناحيته، شدد رئيس الحكومة نواف سلام خلال لقائه الوفد الأميركي على تصميم حكومته على حصر السلاح بيد الدولة، مذكرًا بأن الحكومة بدأت خطوات إصلاحية فعلية، أبرزها رفع السرية المصرفية، وإصلاح القطاع المصرفي، وإطلاق آلية التعيينات الإدارية. كما كشف عن العمل الجاري لإعداد قانون استقلالية القضاء، داعيًا المجلس النيابي إلى مواكبة هذه الجهود بإقرار القوانين اللازمة.
مالياً، يستعد الوفد اللبناني للسفر إلى اجتماعات صندوق النقد الدولي في واشنطن في 21 نيسان الجاري، وسط نقاشات حول إمكانية زيادة مساهمة لبنان في الصندوق بقيمة 423 مليون دولار، وتريث لجنة المال في اتخاذ القرار لحين توضيح الأثر المالي لهذا الإجراء.
على صعيد الانتخابات البلدية والاختيارية، ترأس الوزير أحمد الحجار اجتماعًا تحضيريًا مع محافظي الشمال وعكار وقادة الأمن المعنيين، شدد خلاله على وجوب ضمان الشفافية والحياد التام في هذا الاستحقاق، مع التنسيق الكامل بين المحافظين والأجهزة الأمنية.
أما في مطار رفيق الحريري الدولي، فقد ترأس الوزير الحجار اجتماعًا أمنيًا موسعًا لمتابعة الإجراءات الأمنية والتحضيرات للموسم السياحي، كما تم التطرق إلى حادثة الفوضى الأخيرة داخل المطار، مؤكدًا أن الملف بات في عهدة القضاء المختص، داعيًا لاتخاذ إجراءات تمنع تكرار مثل هذه الإشكالات.
ميدانيًا، لم تهدأ الجبهة الجنوبية، إذ صعّدت إسرائيل من اعتداءاتها، فاستهدفت طائرات مسيّرة سيارات مدنية في بلدتي الطيبة وبيت ليف، ما أدى إلى استشهاد مواطن لبناني، في مؤشر واضح على التصعيد الإسرائيلي الذي تزايد بعد زيارة أورتاغوس.
وفي سياق موازٍ، تتحضّر بيروت لاستضافة الاجتماع السنوي للمنتدى العربي للتنمية المستدامة بين 14 و16 نيسان، بمشاركة عربية واسعة، ومن المتوقع أن يلقي الرئيس عون كلمة في هذا الحدث، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
قبل اثني عشر يومًا من انطلاق دورة اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي في واشنطن، والتي سيشارك فيها وزير المال ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، وضعت الحكومة اللبنانية، يوم الثلاثاء 8 نيسان 2025، اللمسات الأخيرة على الشق الإصلاحي المطلوب من الصندوق، عبر إقرار قانوني تعديل السرية المصرفية وإعادة هيكلة وتنظيم المصارف، في خطوة أساسية لعرضهما على مجلس النواب في جلسة مرتقبة يوم الثلاثاء أو الأربعاء لإقرارهما.
في هذا السياق، واصلت الحكومة مشاوراتها المكثفة، حيث عقد لقاء بين الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام تناول الأوضاع العامة في البلاد، وتناول نتائج جلسات مجلس الوزراء، بما في ذلك مشروع إعادة هيكلة المصارف. كما قيّم الجانبان زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، التي أثارت بتصريحاتها غير المفاجئة في بيروت، موجة من التفاعل السياسي، بعد أن وصفت حزب الله بـ"السرطان" الذي يجب استئصاله إذا أراد لبنان التعافي، متهمة إيران بإدخال المنطقة في مرحلة من عدم الاستقرار، ومحرّضة الجيش اللبناني على نزع سلاح الحزب، مشيرة إلى أن "الجيش قادر على ذلك بإمكاناته الحالية".
أورتاغوس عبّرت عن تطلعات الولايات المتحدة إلى دور متقدّم للرئيس نبيه بري في المرحلة المقبلة، مؤكدة أن واشنطن تتوقع إصلاحات فعلية من لبنان، وأن لصبر إدارة الرئيس الأميركي حدودًا، مشددة على ضرورة أن يشعر اللبنانيون بالأمان في وضع أموالهم في المصارف، ومعلنة أنها أبلغت المسؤولين اللبنانيين بعدم التعويل على اجتماع البنك الدولي من دون إصلاحات تشريعية واضحة.
من جهته، أشار النائب غسان سكاف بعد لقائه الرئيس عون إلى ضرورة التسريع في التوصل إلى صيغة شاملة تتعلّق بسلاح حزب الله وضمانات الدولة، لافتًا إلى أن الأمر معقّد ويتطلب تأنّيًا وحكمة. وأعلن وزير المهجرين كمال شحادة أن مجلس الوزراء كلّف المجلس الأعلى للدفاع بوضع خطط لسحب السلاح، مؤكدًا أن الأشهر المقبلة ستشهد تقدمًا في تنفيذ الالتزامات الدولية، ومشيرًا إلى أهمية توقيع اتفاق الترسيم مع سوريا برعاية سعودية.
وفي ملف الاعتداءات الإسرائيلية، أفادت المعلومات أن لبنان الرسمي انتظر ردّ الموفدة الأميركية على المقترحات المقدّمة من الرئيسين جوزاف عون ونبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام، والرامية إلى تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من المناطق الجنوبية المحتلة، سواء عبر تشكيل لجنة عسكرية تقنية برعاية اليونيفيل، أو من خلال جولات مكوكية تقوم بها أورتاغوس بين لبنان وإسرائيل للوصول إلى اتفاق يشمل الانسحاب ووقف الاعتداءات وتحرير الأسرى وتثبيت الحدود البرية.
أما في ملف الإصلاح المالي، فقد أقر مجلس الوزراء الأسباب الموجبة لمشروع قانون إعادة تنظيم المصارف، التي عرضها وزير الإعلام بول مرقص، والتي استندت إلى الأزمة المالية المستمرة منذ ست سنوات والتي شلّت القطاع المصرفي وحرمت المودعين من حقوقهم. وأكد مرقص أن المشروع جاء نتيجة الحاجة الملحة لاستعادة التوازن المالي، ويحظى بدعم داخلي وخارجي، على أن يتبعه قريبًا قانون لمعالجة الفجوة المالية.
مرقص أشار إلى أن الحكومة بدأت أيضًا في استرداد مراسيم تتعلق بالأملاك البحرية، وشرعت بالإعلان عن ملء شواغر عدة، منها في مجلس الإنماء والإعمار وهيئة تنظيم الاتصالات. وأوضح أن مشروع قانون إعادة تنظيم المصارف لن يدخل حيز التنفيذ قبل إقرار قانون معالجة الفجوة المالية، وأن الجلسات الحكومية ستستمر حتى إقرار هذه القوانين، ولو استدعى الأمر التمديد ليلاً أو الاجتماع مجددًا صباح السبت.
في هذا الإطار، كشف وزير المال ياسين جابر أن صندوق النقد الدولي شدّد على ضرورة إقرار القانونين الإصلاحيين قبل الاجتماعات المقبلة، في إشارة واضحة إلى أن الدعم الدولي مرتبط بمدى التزام لبنان بتنفيذ التزاماته الإصلاحية.
وفي سياق العلاقات الخارجية، استعدّ الرئيس جوزاف عون لزيارة قطر الأربعاء المقبل، تلبية لدعوة من الأمير تميم بن حمد آل ثاني، كما تابع مع سفير لبنان في الإمارات فؤاد دندن التحضيرات لزيارة مرتقبة إلى أبوظبي، وبحث مع السفير اللبناني في العراق علي حبحاب العلاقات الثنائية وتحضيرات زيارته إلى بغداد بدعوة من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
من جهة أخرى، زار رئيس الحكومة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في بكركي، فيما علم أن الرئيس نواف سلام سيزور دمشق الأسبوع المقبل على رأس وفد وزاري يضم وزراء الخارجية والدفاع والداخلية، للقاء رئيس السلطة المؤقتة أحمد الشرع، في زيارة تهدف إلى تصحيح مسار العلاقات الثنائية، عبر مراجعة الاتفاقات القديمة، والبحث في اتفاقات جديدة، وضبط الحدود، وتعزيز التعاون الأمني، وصولًا إلى ترسيم الحدود برعاية سعودية، استنادًا إلى اللقاء الأخير الذي جمع وزيري الدفاع في جدة.
وقد اعتبرت هذه الزيارة محطة هامة لمرحلة مقبلة من التعاون الإيجابي بين لبنان وسوريا، تخدم مصالح الدولتين والشعبين معًا.
يوم الأربعاء 9 نيسان 2025، ترقّب لبنان نتائج اللقاء الأميركي – الإيراني نظراً لتأثيره المرتقب على الملفات الداخلية، وخصوصاً ملف سلاح حزب الله، الذي عاد إلى واجهة النقاشات السياسية. وقد أجرى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مشاورات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري تمهيداً لطرح هذا الملف على طاولة الحوار الوطني حول استراتيجية الدفاع الوطني، وذلك بهدف تأمين توافق وطني على حماية لبنان، وطمأنة الحزب في آن.
مصادر سياسية مطلعة أكدت أن الأولوية كانت لانسحاب إسرائيل من التلال اللبنانية، وإعادة الأسرى، وبدء التفاوض حول النقاط الحدودية الثلاث عشرة المختلف عليها. وأوضحت أن أي حوار مع حزب الله حول سلاحه خارج منطقة العمليات الدولية كان مرتبطاً بشكل أساسي بإنجاز الانسحاب الإسرائيلي، نظراً لأن هذه المنطقة يفترض أن تكون خالية من السلاح، خصوصاً في حال انسحاب العدو الإسرائيلي منها. ولفتت إلى أن التواصل مع الحزب بشأن تسليم السلاح كان مشروطاً بتحقيق هذه المقدمات، ورأت أن أي تواصل في ظل بقاء الاحتلال الإسرائيلي يُعد غير واقعي.
كما نبّهت هذه المصادر إلى غياب خارطة طريق واضحة للتواصل مع الحزب، مؤكدة أن الحوار التقليدي عبر الطاولة قد لا يُثمر، نظراً لتجارب سابقة لم تفضِ إلى نتائج ملموسة. وشدّدت على ضرورة ممارسة الضغط على إسرائيل لتحقيق الانسحاب والإفراج عن الأسرى قبل أي خطوة أخرى، معتبرة أن التواصل المباشر مع الحزب قد يكون أكثر فعالية من المشاورات الشكلية.
وفي بكركي، تناول الرئيس نواف سلام مسألة سلاح حزب الله، مشيراً إلى أن الحكومة كانت بصدد طلب تقرير من الوزراء المعنيين، وخصوصاً وزير الدفاع، حول ما تضمنه البيان الوزاري من التزامات في ما يتعلق ببسط سلطة الدولة على كامل أراضيها بقواها الذاتية. وشدّد سلام على أن هذا الملف سيكون مطروحاً على جدول أعمال مجلس الوزراء قريباً.
وعلّق الرئيس سلام على احتلال إسرائيل لخمس نقاط حدودية، مؤكداً أن لا قيمة استراتيجية لها في ظل التطور التكنولوجي وطيران الاستطلاع، مطالباً بانسحاب فوري منها. وأكد أن موقفه في هذا الشأن يتطابق مع موقفي الرئيسين عون وبري، وأن لا معلومات وصلته من المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس حول احتمال عودة الحرب.
من جهته، أعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دعمه للحكومة وإجراءاتها، وذلك خلال زيارة رسمية قام بها الرئيس نواف سلام إلى بكركي برفقة عدد من الوزراء، حيث قدم البطريرك له ميدالية البطريركية، بينما أهداه سلام كتابين من تأليفه عن تاريخ بيروت.
وعقب اللقاء، أعرب الرئيس سلام عن فخره بإنجازات الحكومة، مشيراً إلى أنه استعرض مع البطريرك الراعي نتائج زيارة أورتاغوس، كما عقد معه خلوة خاصة للاستفادة من حكمته السياسية وتاريخه الطويل في الشأن الوطني.
وفي شأن الانتخابات البلدية، أوضح الرئيس سلام أن الحكومة كانت متمسكة بإجرائها في موعدها، مؤكداً أهمية المناصفة في بيروت بين المسلمين والمسيحيين، وكشف عن تداول أفكار أبرزها اعتماد اللوائح المغلقة للحفاظ على هذا التوازن.
وحول المواقف المختلفة لبعض الوزراء من سلاح حزب الله، أشار سلام إلى أن جميع الوزراء ملتزمون بالدستور والبيان الوزاري الذي أكد على حصرية السلاح بيد الدولة، موضحاً أن اختلاف التعبير لا يعكس خلافاً في الجوهر.
اقتصادياً، استقبل الرئيس سلام وفداً فرنسياً برئاسة المستشار الاقتصادي للمبعوث الفرنسي جاك دو لا جوجيه، حيث ناقش الطرفان التحضيرات الجارية لمؤتمر إعادة الإعمار المنتظر تنظيمه في فرنسا، وجرى عرض للوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان، إضافة إلى الإصلاحات التي باشرت بها الحكومة.
وفي السياق المالي، عُلم أن مجلس الوزراء كان بصدد عقد جلسة مخصصة لاستكمال دراسة مشروع قانون إعادة هيكلة وتنظيم المصارف. في المقابل، دعا الرئيس بري اللجان النيابية المشتركة إلى جلسة لدرس مشروع تعديل قانون سرية المصارف، وهو مطلب رئيسي للبنك الدولي لتقديم الدعم المالي للبنان، في حين أكد وزير المال ياسين جابر أن البنك الدولي شدّد على ضرورة تنفيذ الإصلاحات.
كما التقى رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان بعثة صندوق النقد الدولي، وناقش معهم التحضيرات الجارية لمشاركة لبنان في اجتماعات الربيع في واشنطن.
أما على صعيد التعيينات، فقد انطلقت الحكومة بزخم في ملء الشواغر الإدارية، وخصوصاً في مجلس الإنماء والإعمار الذي يُعد ركيزة أساسية في ملف إعادة الإعمار، حيث تقدّم 650 مرشحاً للمناصب القيادية فيه. كما أُطلقت منصات الترشيح للهيئتين الناظمتين لقطاعي الاتصالات والطاقة.
وفي سياق قضائي، أدى أربعة من أعضاء مجلس القضاء الأعلى المعيّنين حديثاً اليمين القانونية أمام رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بحضور وزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى، الذين هنأوهم ودعوهم إلى الالتزام بالقانون والعمل باستقلالية تامة.
يوم الخميس 10 نيسان 2025، انشغل لبنان بحدثين أساسيين: تقييم نتائج زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، والتحضير للانتخابات البلدية والاختيارية المقررة الشهر المقبل، وسط تأكيد رسمي على إجرائها في موعدها. كما استمرت الحكومة في السعي لإقرار قوانين الإصلاحات المالية والاقتصادية المطلوبة دوليًا، إذ كان من المفترض أن يُقر مجلس الوزراء مشروع قانون السرية المصرفية بعد أن وافق على أسبابه الموجبة في الجلسة السابقة.
وبالرغم من المبالغات التي أحاطت بتسريبات زيارة أورتاغوس، إلا أن الوقائع التي طرحتها لم تكن قابلة للدحض، إذ شددت على ضرورة معالجة مسألة السلاح غير الرسمي في لبنان، بما يشمل كافة الميليشيات، وليس فقط حزب الله. لكنها لم تحدد مهلة زمنية، بل تركت فترة سماح للسلطات اللبنانية لمعالجة المسألة ضمن الاستراتيجية الدفاعية وبالحوار، كما طرح الرئيس عون، دون اللجوء إلى القوة.
كما ربطت أورتاغوس أي دعم أميركي أو دولي للبنان مالياً أو اقتصادياً أو إنمائيًا بسحب السلاح غير الشرعي وبإجراء إصلاحات جذرية. وهددت في حال التقاعس عن ذلك بإعادة النظر في الشراكة القائمة بين لبنان والولايات المتحدة.
وفي سياق التعاطي الرسمي مع هذا الملف، نقل النائب سجيع عطية عن الرئيس عون تفاؤله إزاء مرونة حزب الله وتجاوبه مع مقترح وضع خطة زمنية لمعالجة الملف، مؤكدًا ضرورة مقابلة الإيجابية بإيجابية. ونفى عطية وجود أي نية لتأجيل الانتخابات البلدية، مشيرًا إلى توافق بين رئيس الجمهورية ووزير الداخلية على إجرائها في موعدها.
وفي مواقف داعمة، أكد وزيرا الخارجية والثقافة، يوسف رجي وغسان سلامة، على ارتباط الدعم الدولي بملف السلاح، فيما كشف سلامة أن أورتاغوس حملت ثلاثة مطالب أساسية: نزع السلاح غير الشرعي، تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية، وتعيين قيادة جديدة لمجلس الإنماء والإعمار قبل 21 نيسان، موعد مباحثات لبنان مع صندوق النقد الدولي.
وشدد سلامة على أن الحكومة لا تلبي مطالب أميركية بل تعمل لما فيه مصلحة لبنان، لافتًا إلى أن الاهتمام الأميركي بالجانب الاقتصادي فاق الطرح العسكري. وعلى المقلب الآخر، ربطت الدولة اللبنانية بحث ملف السلاح بالضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة وإطلاق الأسرى، رافضة تقديم أي تنازلات مجانية في ظل غياب الضمانات الأميركية لوقف الاعتداءات.
واقترحت الدولة مقاربتين لمعالجة الأوضاع في الجنوب: تشكيل لجنة تقنية - عسكرية - مدنية للتفاوض غير المباشر، أو اعتماد دبلوماسية أورتاغوس المكوكية. بذلك، حمّل لبنان الموفدة الأميركية مسؤولية إقناع الجانب الإسرائيلي بالمطالب اللبنانية لتحرير الأرض وتمكين الدولة من بسط سلطتها، بعد موافقة حزب الله على أن تتولى الدولة كامل الإجراءات.
في المقابل، تحرّك السفير السعودي وليد بخاري بين قصر بسترس ودار الفتوى، مؤكداً دعم المملكة لمسيرة الإصلاح بقيادة الرئيسين عون وسلام، فيما اعتبر مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان أن المملكة هي صمام أمان للدول العربية، وفي طليعتها لبنان.
من جهته، شدد النائب حسين فضل الله على أن الحكومة مسؤولة عن وقف الاعتداءات الإسرائيلية، مطالبًا بوضع هذا البند على رأس أولوياتها. وأكد أن النقاش الجدي يجب أن يتركّز على مواجهة العدوان ضمن استراتيجية وطنية، نافيًا الادعاءات حول تهريب السلاح عبر مرفأ بيروت.
وفي موقف لافت، أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن لا وجود لفكرة جنوب أو شمال الليطاني، بل إن خارطة الطريق الوحيدة للإنقاذ تمر عبر تنفيذ القرارات الدولية، ولا سيما 1701، ضمن مهلة تحددها الحكومة. وأكد لجانب أورتاغوس أن مطلب اللبنانيين هو دولة تحتكر السلاح، وانسحاب إسرائيل من الجنوب.
ميدانيًا، أزال الجيش اللبناني منشآت عسكرية لحزب الله جنوب الليطاني، وتصدى لمحاولة خرق إسرائيلية في محلة الحميض – خراج علما الشعب، وأجبر القوة المحتلة على التراجع بعد قيامها بأعمال تجريف وقطع أشجار. في المقابل، نفت اليونيفيل صحة ما تردد عن طلبها من سكان عيتا الشعب إخلاء منازلهم، مؤكدة أنها تواصل دعم الجيش اللبناني في الجنوب.
لكن قوات الاحتلال ردّت على هذا النفي بغارة شنتها طائرة مسيّرة على حفارة في بلدة عيتا الشعب، ما زاد من حدة التوتر على طول الحدود الجنوبية.
يوم الجمعة 11 نيسان 2025، واصل لبنان نضاله للخروج من الأنفاق المظلمة، وسط أزمات سياسية واقتصادية خانقة، حاول الحكم والحكومة مقاربتها عبر تحركات ولقاءات داخلية وخارجية حملت بارقة أمل بخلاص مرتجى. فقد توجّه قائد الجيش العماد جوزف عون إلى الدوحة تلبية لدعوة رسمية من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، فيما توجّه رئيس الحكومة نواف سلام إلى دمشق للبحث في ترتيبات ما بعد الاتفاقية التي جرى التفاهم بشأنها في محادثات جدة.
وفي ظل ترقب إقليمي واسع، شهدت سلطنة عمان اجتماعاً مهماً بين المفاوضين الإيراني والأميركي لمناقشة الملف النووي والعقوبات والمجموعات المرتبطة بطهران في المنطقة. بالتوازي، وجّه الرئيس عون مساء اليوم كلمة لمناسبة مرور خمسين عاماً على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في 13 نيسان 1975، في خطاب حمل أبعاداً تاريخية ووطنية.
ودعا الرئيس سلام اللبنانيين إلى إحياء هذه الذكرى عبر وقفة وطنية شاملة ظهر الأحد، تتوقف خلالها الحركة في البلاد تحت شعار: «نتذكّر سوا لنبني سوا»، في محاولة لترسيخ الذاكرة الجماعية وبناء مصالحة وطنية حقيقية.
وعلى الصعيد الداخلي، أثارت الزيارتان المفاجئتان للرئيس عون إلى كل من مرفأ بيروت ومصلحة تسجيل السيارات (النافعة) اهتماماً كبيراً، حيث عكستا توجهاً جدياً لمحاربة الفساد وضبط الأداء في المؤسسات العامة. وقد التقى الرئيس العاملين والمواطنين، مؤكداً على التزامه بالإصلاح، داعياً المواطنين إلى أن يكونوا عيون الدولة لكشف المخالفات.
وتزامنت هذه الزيارات مع جلسة لمجلس الوزراء خُصصت لاستكمال دراسة مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف، في خطوة ضرورية على طريق استعادة الانتظام المالي، وتحقيق شروط التفاوض مع صندوق النقد الدولي. كما تقرر المباشرة بدراسة رواتب القطاع العام وموازنة العام المقبل، بما يكفل شيئاً من الإنصاف في ظل الانهيار المعيشي.
وأقرّ مجلس الوزراء مرسوماً يمنح العاملين في وزارة التربية والتعليم العالي، وفي التعليم الرسمي ما قبل الجامعي، تعويضاً مؤقتاً يعادل 13 راتباً شهرياً، بالإضافة إلى تعويض مثابرة وفق شروط تحددها وزارة التربية، على أن يستفيد منه المدراء المكلفون والرسميون بنسب مختلفة تبدأ من 10% وتصل إلى 15%.
أما المتعاقدون في التعليم الرسمي، فقد شملتهم زيادات على أجر الساعة، بحيث تضاعف الأجر 11 مرة مع بداية العام الدراسي 2024-2025، وترتفع إلى 22 ضعفاً بدءاً من 1 شباط 2025، باستثناء من يتقاضون مستحقاتهم من الدول المانحة.
وفي السياق المالي، برّر أحد الوزراء التأخر في إقرار قانون إصلاح المصارف بأن المجلس يدرس المشروع مادة مادة بشكل علمي ودقيق، مؤكداً أن مصلحة لبنان العامة تتقدّم على أي ضغوط محتملة من "كارتيل" المصارف، وأن مشروع القانون سيُرسل إلى المجلس النيابي فور اكتمال النقاش.
وفي الملف الاجتماعي، عُقد أول اجتماع للجنة المؤشر برئاسة وزير العمل محمد حيدر، وضم ممثلين عن أصحاب العمل والاتحاد العمالي والجمعيات والوزارات، بهدف إعادة النظر بالرواتب والأجور في القطاع الخاص. وتم الاتفاق على تشكيل فريق عمل مصغر لإعداد مقترحات تشمل رفع الحد الأدنى للأجور والمنحة المدرسية والتعويضات العائلية، على أن تُعلَن النتائج في 28 نيسان الجاري.
أما رئيس الحكومة نواف سلام، فقد جدد التزام حكومته بالإصلاحات، مؤكداً خلال لقائه وفد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أن لبنان ماضٍ في تطبيق برنامج التعافي المالي، فيما أبدى الوفد الأوروبي استعداداً كاملاً لدعم لبنان فور إنجاز الإصلاحات وتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
من جانبه، أكد حزب الله، على لسان النائب علي فياض، انفتاحه على أي مسار حواري داخلي تطلقه الدولة اللبنانية لمعالجة الملفات العالقة. واعتبر أن الضغوط الأميركية، من سعيها لنزع سلاح الحزب، إلى محاصرة لبنان مالياً، وعرقلة إعادة الإعمار، واستهداف المرافق الحيوية، تمثّل تهديداً مباشراً للاستقرار اللبناني، مشدداً على أن الخطاب التصادمي لبعض القوى الداخلية يفاقم الانقسام ويهدد الوحدة الوطنية.
وفي ظل هذه المشهديات، بدت البلاد وكأنها على تقاطع طرق: بين إصلاحات تأخرت كثيراً، وأزمات تراكمت أكثر، لكن في المقابل، ظهرت بوادر حراك جدي يعوّل عليه لإعادة بناء الثقة بالدولة، والمؤسسات، ومستقبل لبنان.
أحيا لبنان بصمتٍ مدوٍ الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب الأهلية في 13 نيسان 1975، وسط بيروت، حيث وضع رئيس الجمهورية نواف سلام إكليلاً من الزهر على نصب الشهداء في ساحة الشهداء، ووقف دقيقة صمت حداداً على أرواح الذين سقطوا في تلك الحرب المأساوية.
وأكد الرئيس سلام في كلمته أن الدولة القوية والعادلة هي وحدها الضمانة لجميع اللبنانيين، مشدداً على ضرورة طيّ صفحة العنف والحقد، والانطلاق نحو بناء مؤسسات تحظى بثقة الشعب.
وفي موازاة هذه المناسبة، توجّه الرئيس سلام إلى دمشق في زيارة رسمية التقى خلالها نظيره السوري أحمد الشرع، وعقد سلسلة اجتماعات بحثت في ملفات شائكة أبرزها إلغاء المجلس الأعلى اللبناني-السوري، وترسيم الحدود ووقف الاشتباكات، وملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، إلى جانب إعادة النازحين السوريين.
كما شمل البحث اتفاقيات تعاون في مجالات الزراعة والنفط والغاز وتصدير البضائع عبر منصة مشتركة، برعاية المملكة العربية السعودية.
وأبدى الرئيس سلام تفاؤلاً بخصوص قضية المخفيين قسراً في سوريا، متوقعاً أن يعود بأخبار طيبة، فيما كشفت مصادر مطلعة أن البحث شمل مصير المفقودين الذين يُرجّح أن معظمهم قضى في الأسر، وتجري محاولات لتحديد أماكن دفنهم.
وفي سياق متصل، أعد نائب رئيس الحكومة طارق متري خطة لإعادة نحو 400 ألف نازح إلى سوريا، في حال تم التوصل إلى اتفاق بين البلدين.
وضم الوفد الرسمي إلى دمشق وزراء الخارجية والدفاع والداخلية، الذين التقوا نظراءهم السوريين لبحث إعادة هيكلة العلاقات على قاعدة الندية، وتنظيم الحدود، ومنع التهريب، والبحث في مراجعة الاتفاقيات الموقعة سابقاً.
وأكد وزير الداخلية أحمد الحجار أن هذه الزيارة الرسمية الأولى للحكومة الجديدة تمثل انطلاقة لعلاقات لبنانية-سورية أكثر تنظيماً وتوازناً.
في المقابل، استعد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون للتوجه إلى الدوحة، تلبية لدعوة من الأمير تميم بن حمد آل ثاني، في زيارة تأتي في إطار شكر قطر على دعمها للبنان ومشاركتها في اللجنة الخماسية الداعمة للاستحقاق الرئاسي، على أن يتبعها لاحقاً بزيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي كلمة وجهها مساء السبت، خاطب عون اللبنانيين بلهجة عامية، داعياً إلى التعلّم من مآسي الحرب، والتمسك بالدولة ومؤسساتها، باعتبارها المرجع الوحيد الذي يساوي بين المواطنين رغم اختلافاتهم.
وحذر من خطورة الارتهان للخارج، الذي لا يجلب للبنان سوى الدمار.
وتزامناً، أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقفاً بمناسبة ذكرى الحرب، أكد فيه أن لبنان قادر اليوم على التحرر من صراعات الآخرين، وبناء سلام داخلي دائم ضمن دولة قوية ذات سيادة.
في الشأن الحكومي، أقرت الحكومة في جلستها الأخيرة مشروع إعادة هيكلة القطاع المصرفي، في إطار حزمة إصلاحية شاملة.
وأعلن وزير الإعلام بول مرقص أن الحكومة ستستكمل قريباً إعداد مشروع قانون يعالج الفجوة المالية، ويحمي صغار المودعين.
وأشار إلى أن الحكومة أقرت مشروع تعديل قانون السرية المصرفية، تمهيداً للمحاسبة وتعزيز الشفافية.
واعتبر الرئيس سلام أن هذا التعديل يشكل خطوة محورية في مسار الإصلاح، ويفتح الباب لاستعادة الودائع المفقودة، في ظل التزام واضح بمكافحة الفساد.
على الصعيد النيابي، توجه رئيس لجنة المال والموازنة النيابية، إبراهيم كنعان، إلى الولايات المتحدة، تمهيداً لمشاركة الوفد اللبناني الرسمي في اجتماعات صندوق النقد الدولي، الذي ضم وزيرَي المالية والاقتصاد، إضافة إلى حاكم مصرف لبنان.
وتناول البحث مع الصندوق والموفدة الأميركية مورغان أورتيغاس الإصلاحات المالية والمصرفية المطلوبة.
بلدياً، أعلن الوزير الحجار أن التحضيرات للانتخابات البلدية والاختيارية تسير وفق الآليات المقررة، وسيُحدَّد هذا الأسبوع موعد الانتخابات في بيروت والبقاع، بعدما تم تحديدها في جبل لبنان والشمال.
وأوضح أن الانتخابات ستجري في الجنوب والنبطية أيضاً، مع إمكانية نقل أقلام الاقتراع إلى قرى آمنة لتسهيل مشاركة سكان المناطق المدمّرة.
وفي ملف الكهرباء، أعلن وزير الطاقة جو الصدي أنه أتمّ إجراءات تعيين الهيئة الناظمة للقطاع، بعد تأخير دام أكثر من عقدين من الزمن، منذ إقرار قانون تنظيم الكهرباء عام 2002.
وفي تطور ميداني لافت، نقلت مصادر مقرّبة من حزب الله أن معظم مواقعه العسكرية جنوب الليطاني باتت تحت سيطرة الجيش اللبناني، إذ سلّم الحزب حوالي 190 موقعاً من أصل 265، في خطوة أثارت اهتمام الأوساط المحلية والدولية، خصوصاً في ظل التوترات الحدودية المتصاعدة.
وفي السياق الأمني، شنت طائرة مسيّرة إسرائيلية غارة على منطقة الدبش قرب بلدة يحمر الشقيف، ما زاد من حدة التوتر جنوباً، وسط دعوات دولية لضبط النفس وتفادي التصعيد.
يوم الإثنين 14 نيسان 2025، شهدت الساحة اللبنانية سلسلة من التطورات السياسية والدبلوماسية اللافتة، تركزت حول زيارة الرئيس نواف سلام إلى دمشق، وهي الأولى من نوعها منذ نيل حكومته الثقة، وفي عهد الرئيس السوري أحمد الشرع، حيث وُصفت هذه الزيارة بأنها أرست أسساً عملية لاستعادة الثقة بين البلدين، ورسمت خارطة طريق لمعالجة الملفات الشائكة، خصوصاً ملف الحدود بما يشمل مكافحة التهريب وضبط المعابر غير الشرعية، وصولاً إلى ترسيم الحدود براً وبحراً.
وقدّم الملف الأمني نفسه كأولوية في المحادثات، حيث بُني مرتكز إعادة الثقة على ما أعلنه الرئيس سلام بأن "قرار سوريا للسوريين وقرار لبنان للبنانيين".
وبالتوازي مع هذه الزيارة، وقبيل مغادرة قائد الجيش جوزف عون إلى قطر ومنها إلى الإمارات ضمن جولته العربية التي استهلها في السعودية خلال شهر رمضان، وصل إلى بيروت موفد المملكة العربية السعودية الأمير يزيد بن فرحان، المكلف بالملف اللبناني، حيث التقى رئيس الجمهورية وعدداً من النواب، وكان من المرجّح أن يلتقي النائب السابق وليد جنبلاط قبل اجتماعه مع الرئيس سلام.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة أن القيادة السعودية ترقبت نتائج زيارة الرئيس سلام إلى دمشق، لا سيما في ما يخص تشكيل لجان مشتركة لمعالجة الملفات العالقة، لتحديد موعد الاجتماع الثاني بين وزيري دفاع لبنان وسوريا في جدة، بعدما رعى وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان اتفاقاً بين الوزير اللبناني ميشال منسى ونظيره السوري اللواء مرهف أبو قصرة بشأن ترسيم الحدود.
كما أُفيد بأن الأمير بن فرحان ناقش التحضيرات لزيارة رسمية للرئيسين عون وسلام إلى السعودية بهدف توقيع اتفاقيات ثنائية، واستكمال ما بدأت به المملكة في لبنان لضمان الأمن والاستقرار، وحصر السلاح بيد الدولة، وتطبيق القرار 1701، بالإضافة إلى دعم برنامج الإصلاحات، والتحضير لمؤتمر الدول المانحة ورفع حظر السفر عن الرعايا السعوديين.
وكان الرئيس سلام قد وصل إلى دمشق برفقة وفد وزاري ضم وزراء الدفاع والداخلية والخارجية، حيث أجرى محادثات مع الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني تناولت قضايا سياسية وأمنية واقتصادية وقضائية. وقد جرى الاتفاق على تشكيل لجنة مختصة لمتابعة هذه الملفات، كما وجّه سلام دعوة إلى كل من الشرع والشيباني لزيارة لبنان.
شملت المباحثات الاتفاقيات الثنائية، لا سيما المجلس الأعلى اللبناني السوري، وتم التذكير بأن الرئيس سعد الحريري سبق أن زار دمشق عام 2010 مع وفد وزاري كبير حيث أُجريت تعديلات على الاتفاقيات وصدّق عليها مجلس الوزراء، لكن اندلاع الحرب السورية جمّد العمل بها، ما استدعى العودة إليها مجدداً.
انتقل سلام والوفد مباشرة من المطار إلى قصر الشعب، حيث استقبله الرئيس الشرع ووزير الخارجية، وعُقد اجتماع موسّع أعقبه مأدبة غداء وخلوة ثنائية بين الرئيسين استمرت نصف ساعة. وغادر الوفد اللبناني القصر من دون الإدلاء بأي تصريح.
وأكدت السرايا الحكومية أن البحث تناول ضبط الحدود ومنع التهريب والترسيم البري والبحري الذي انطلق من لقاء جدة، مع تشديد الطرفين على التنسيق الأمني، وتسهيل العودة الكريمة للاجئين بمساعدة الأمم المتحدة والدول الصديقة، إضافة إلى معالجة ملف المفقودين والموقوفين اللبنانيين في سوريا، وتسليم المطلوبين بجرائم كبرى أبرزها تفجيري مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، وملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية.
اقتصادياً، نوقش التعاون في مجالات التجارة والترانزيت، واستجرار النفط والغاز، وخطوط الطيران المدني، إلى جانب إعادة النظر بالاتفاقيات الثنائية. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة وزارية مشتركة من وزارات الخارجية والدفاع والداخلية والعدل، على أن تستكمل وزارات الاقتصاد والطاقة والأشغال العامة والشؤون الاجتماعية متابعة الملفات المتبقية. وبرز تأكيد على دعم رفع العقوبات عن سوريا لما فيه مصلحة البلدين.
وأشار الرئيس سلام إلى أن الزيارة فتحت صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، تقوم على احترام السيادة، وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مجدداً التأكيد على أن القرار في سوريا للسوريين وفي لبنان للبنانيين.
من جهتها، أصدرت وزارة الخارجية اللبنانية بياناً مقتضباً وصفت فيه المحادثات بالإيجابية والبنّاءة، وتناولت الملفات العالقة وأبرزها ترسيم الحدود، وملف المفقودين، والموقوفين، والنازحين، ومصير المجلس الأعلى اللبناني السوري.
وكان سلام قد استقبل قبل سفره الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، حيث جرى التشديد على التزام لبنان بالهوية العربية، والضغط العربي لدعم سيادة لبنان وتطبيق الإصلاحات، وتأمين الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب. كما تطرق اللقاء إلى الوضع في غزة، مع التأكيد على وقف العمليات العسكرية والتمسك بحل الدولتين وفق مقررات قمة بيروت 2002.
في موازاة ذلك، يغادر الرئيس جوزف عون إلى قطر، حيث أُفيد أن زيارته تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية وشكر قطر على دعمها للبنان في إنهاء الشغور الرئاسي، ودعم الجيش، ومشاريع التعاون في مجال الغاز والطاقة. وأكد عون، في حديث لقناة "الجزيرة"، أن لا أحد طرح على لبنان مسألة التطبيع مع إسرائيل، وشدد على التزام بلاده بمقررات القمم العربية، وضرورة تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود والعودة إلى اتفاق الهدنة لعام 1949، مؤكداً أن الجيش يقوم بواجباته في الجنوب ويصادر الأسلحة دون اعتراض من أي طرف.
كما أعلن أن الحوار مع حزب الله حول حصرية السلاح سيكون ثنائياً وبعيداً عن استخدام القوة، داعياً إلى تبني استراتيجية وطنية للأمن تنبثق عنها استراتيجية دفاعية.
وكان عون قد التقى السيناتور الأميركي بول غروف وأبلغه بأن مسار الإصلاحات انطلق، مؤكداً أنها لمصلحة لبنان قبل أن تكون استجابة للمجتمع الدولي، فيما جدّد المسؤول الأميركي دعم بلاده للبنان.
على الصعيد المالي، عقدت لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة النائب إبراهيم كنعان لمتابعة ملف زيادة مساهمة لبنان في صندوق النقد الدولي. وصرّح كنعان بالموافقة على زيادة الاكتتاب وفقاً لإمكانات الخزينة، فيما شدد وزير المال على ضرورة التوازن في اعتماد الرسوم ضمن الموازنة المرتقبة لعام 2025.
يوم الثلاثاء 15 نيسان 2025، شهدت الساحة اللبنانية في الأيام الأخيرة حراكًا مكثفًا على المستويين الأمني والسياسي، تمثل بتقدّم ملموس في الملفات الأمنية، لا سيما ما يتعلّق بجمع السلاح غير الشرعي وحصره بيد الدولة، سواء عبر الآليات التي جرى بحثها بين الرئيس جوزف عون وقيادة حزب الله، أو من خلال اتصالات موازية مع التنظيمات والتجمعات الأخرى، بهدف إنهاء ظاهرة السلاح المتفلت وعدم حصر القوة بغير السلطة الشرعية.
وقد عزّز كشف الشبكة الأمنية الأردنية، المتهمة بمحاولة زعزعة الاستقرار في المملكة الأردنية، من وتيرة الضغوط والمساعي الإقليمية والدولية لإنهاء هذه الظاهرة، خصوصًا بعدما تبيّن أن المسؤول التنظيمي للمجموعة يتواجد في لبنان، وأن أفرادها، الذين تجاوز عددهم الستين، خضعوا لتدريبات على الأراضي اللبنانية.
وفي هذا السياق، أجرى الرئيس نواف سلام اتصالًا بنظيره الأردني حسان جعفر، عبّر فيه عن رفض لبنان المطلق لأن يكون منطلقًا أو مقرًا لأي أعمال تمس أمن الدول الشقيقة أو الصديقة.
وشكّل هذا الملف، إلى جانب ملفات الإصلاح وضبط الحدود اللبنانية - السورية، محورًا أساسيًا في زيارة الرئيس جوزف عون إلى الدوحة، والتي جرت تلبية لدعوة رسمية من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وقد جرت المحادثات الرسمية بين الجانبين، وتم تناول القضايا الثنائية، فضلاً عن ملفات إقليمية ودولية. وأقام الأمير تميم مأدبة غداء تكريمية للرئيس اللبناني قبل عودته إلى بيروت.
وتزامنت زيارة عون مع زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى قطر، وسط غموض حول إمكانية عقد لقاء بين الرئيسين اللبناني والسوري.
وكان عون قد أكد لدى وصوله إلى الدوحة أن الزيارة هدفت إلى تعزيز المصالح المشتركة ودعم الاستقرار في المنطقة، مؤكدًا استمرار الدعم القطري للبنان، لا سيما في مجالات الجيش والطاقة وإعادة الإعمار، بشرط تحقيق اللبنانيين للتزاماتهم في مجالات الإصلاح والتنمية.
وفي المقابل، استمرت جولة الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، الذي التقى الرؤساء عون وبري وسلام، إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية، حيث شدد على ضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات وإنجاز القوانين المطلوبة والتفاوض مع صندوق النقد الدولي، فضلاً عن استكمال بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. وأبدى اهتمامًا برفع الحظر عن سفر المواطنين السعوديين إلى لبنان، وتحسين العلاقات الاقتصادية، خصوصًا عبر مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي.
وأشارت المعلومات إلى أن زيارة الأمير يزيد شملت لقاء مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في معراب، وكذلك لقاء مع النائب وضاح الصادق من مجموعة التغيير، دون أن يتم تأكيد كل اللقاءات من مصادرها الرسمية.
أما فيما يتعلق بزيارة الرئيس نواف سلام إلى دمشق، فقد أعلنت مصادر حكومية أن نتائجها باتت واضحة، خصوصًا على صعيد تشكيل لجنة وزارية مشتركة لتنظيم العلاقات الثنائية وضبط الحدود ومعالجة ملفات المفقودين والمسجونين. وأكدت المصادر أن الأولوية في المحادثات كانت للجانب الأمني، وأن تنفيذ الاتفاقات سيبدأ قريبًا، رغم تعقيد الملفات، لاسيما ما يتعلق بمصير المجلس الأعلى اللبناني – السوري ومعاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق، التي تستوجب إعادة التفاوض وفق آلية دستورية يشترك فيها رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي.
وفي الشأن الداخلي، واصل رئيس الجمهورية جولاته على المؤسسات العامة، فزار المديرية العامة لأمن الدولة ووزارة الدفاع الوطني، حيث دعا إلى مكافحة الفساد وخدمة المواطنين ضمن القانون، مؤكدًا أن الجيش سيكون ركيزة في عملية النهوض الوطني.
وأبلغ عون، خلال لقاءاته، أن حزب الله لا يعتزم الانجرار إلى مواجهة عسكرية، مشددًا على أن العام 2025 سيكون عامًا لحصر السلاح بيد الدولة. ورفض استنساخ تجربة "الحشد الشعبي"، لكنه لم يُمانع إمكانية التحاق عناصر حزب الله بالجيش بعد الخضوع لتدريبات نظامية، كما حصل مع عدد من الميليشيات بعد الحرب الأهلية. وأكد أن التنسيق قائم مع الرئيس بري حول هذا الملف، وأن تطبيق القرار 1701 سيتم بالحوار مع حزب الله، مشيدًا بضبط الحزب لنفسه أمام الانتهاكات الإسرائيلية. ولفت إلى أن بقاء إسرائيل في خمس نقاط حدودية يمنح الحزب الذريعة للمواجهة، رافضًا أي مفاوضات أو تطبيع مع إسرائيل في الوقت الراهن.
وفي هذا الإطار، تقرّر عقد جلسة لمجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية، دون جدول تعيينات، على أن تخصص لمناقشة تطبيق القرار 1701 وبسط سلطة الدولة، وربما تتطرق إلى قضايا أمنية أخرى.
ميدانيًا، استشهد مواطن وأصيب ثلاثة آخرون نتيجة غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة عيترون، بينما أطلقت طائرات مسيّرة إسرائيلية قنابل على مزارعين في عيتا الشعب. كما أطلقت قوات الاحتلال النار باتجاه بلدة ميس الجبل، فيما حلقت للمرة الأولى طائرة لبنانية من نوع "سوبر توكانو" شمال نهر الليطاني في طلعات استطلاعية، وذلك ضمن تصعيد واضح ومؤشر لتغييرات في قواعد الاشتباك.
وأعلنت الأمم المتحدة استشهاد 71 مدنيًا لبنانيًا، بينهم 14 امرأة و9 أطفال، منذ بدء وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، نتيجة الغارات الإسرائيلية المتكررة.
وفي الملف القضائي، دعا مجلس القضاء الأعلى القضاة إلى الابتعاد عن أي مرجعية سياسية وتفعيل العمل القضائي، مؤكدًا السير بالتشكيلات القضائية وتعيين هيئات اتهامية والنظر في طلبات العفو الخاص، ما يُعد خطوة أساسية نحو استقلالية القضاء.
وفي البرلمان، دعا الرئيس بري اللجان المشتركة للانعقاد من أجل دراسة مشاريع تتعلق بالسرية المصرفية وقانون النقد والتسليف، في سياق الجهود التشريعية المواكبة للإصلاحات.
يوم الأربعاء 16 نيسان 2025، صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكاتها للقرار 1701، واستمرت في سياسة المطاردات والاغتيالات، مستهدفة المواطنين ومزارعي التبغ ومستخدمي الدراجات النارية وحتى المنازل السكنية الجاهزة، فيما كانت الدولة اللبنانية قد أوقفت مجموعة من الأشخاص للتحقيق معهم على خلفية إطلاق صواريخ من الجنوب باتجاه الأراضي المحتلة في الشهر السابق.
في هذا السياق، أكّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، خلال زيارته إلى قطر، أمام أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أنّ الجيش اللبناني قام بواجبه كاملاً في تطبيق القرار 1701، غير أنّ استمرار الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته المتكرّرة أعاقا استكمال انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، كما حصل يوم اللقاء نفسه.
وأنهى الرئيس عون زيارته إلى قطر، حيث أجرى محادثات موسّعة مع الأمير تميم تناولت العلاقات الثنائية والدعم القطري للبنان، وتم الاتفاق على تعزيز التعاون في مختلف المجالات، لا سيما دعم الجيش اللبناني، حيث أعلن الأمير تميم عن تجديد الهبة القطرية بقيمة 60 مليون دولار لتأمين رواتب العسكريين، بالإضافة إلى تقديم 162 آلية عسكرية.
كما اتفق الطرفان على ضرورة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتفعيل ما ورد في خطاب القسم، والتشديد على السلم الأهلي.
وتناول اللقاء المشترك المستجدات الإقليمية والدولية، وأكّد الطرفان دعمهما للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ووحدة سوريا واستقلالها، وأهمية معالجة قضايا المنطقة بالحوار والدبلوماسية، بما في ذلك خفض التصعيد في الجنوب.
وعلى المستوى العربي، برزت أزمة دبلوماسية بين لبنان والعراق إثر تصريحات الرئيس عون المتعلقة بالحشد الشعبي، إذ استدعت الخارجية العراقية السفير اللبناني في بغداد علي حبحاب، معبّرة عن عدم ارتياحها لما وصفته بربط غير موفّق بين الحشد الشعبي وتجارب لبنانية داخلية.
وقد تولّى المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير مهمة احتواء الأزمة عبر اتصالات مع الجانب العراقي لتوضيح الموقف، وأعرب السفير اللبناني عن حرص لبنان على العلاقات الأخوية، متعهّداً بنقل الموقف العراقي إلى الرئيس عون.
وفي تطوّر أمني لافت، أجرى الرئيس عون اتصالاً هاتفياً بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وأبدى استعداده التام للتنسيق والتعاون بين البلدين، وكشف أنّه كلّف وزير العدل اللبناني بالتواصل مع نظيره الأردني لتبادل المعلومات حول خلية أُوقفت في الأردن، والتي تبين أنها تلقت تدريباتها لدى حركة "حماس" في أحد المخيمات.
داخلياً، انشغل لبنان بالتحضيرات للانتخابات البلدية، وقد أعلن الرئيس سعد الحريري عدم تدخل تيار المستقبل فيها، في وقت بدأت اللجان النيابية المشتركة دراسة مشاريع إصلاحية، أبرزها مشروع قانون السرية المصرفية، حيث أقرت اللجنة تعديلات تتيح للجنة الرقابة على المصارف الوصول إلى بيانات الحسابات بالأسماء وبمفعول رجعي لعشر سنوات، في إطار تعزيز الشفافية والمساءلة.
وقد أكّد نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أن البيانات الشخصية ستبقى محمية، فيما شدّد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على ضرورة تحويل القانون سريعاً إلى الهيئة العامة لإقراره.
وفي الجانب التنموي، أطلق الرئيس نواف سلام مشروع إعادة تأهيل طريق مطار رفيق الحريري الدولي الممتد من مبنى المطار إلى وسط العاصمة، في احتفال نُظّم في مقر شركة طيران الشرق الأوسط.
وقد نوّه رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الحوت بتاريخ الرئيس سلام العائلي مع "الميدل إيست"، مشيراً إلى رمزية الطريق كممر جامع للمقيم والمغترب.
وفي ختام الجولة، شدد الرئيس سلام على أهمية تعزيز الأمن على طريق المطار، وأشار إلى عقد اجتماعات مع وزيري الدفاع والداخلية لتحقيق ذلك، في ظل إجراءات ميدانية بدأت بالفعل لنزع الصور والشعارات الحزبية عن الطريق كجزء من مشهد وطني جامع.
وهكذا، بدت الساحة اللبنانية في حالة من الحراك النشط على أكثر من مستوى، وسط محاولات حثيثة للجمع بين الأمن والسيادة والتنمية، تحت مظلة حوار داخلي ودعم خارجي بدأ يتجدّد تدريجياً.
يوم الخميس 17 نيسان 2025، انتهى الأسبوع الأخير قبل عطلة الجمعة العظيمة وعيد الفصح المجيد بمجموعة من الانتظارات والاستحقاقات، التي تقرر إدراجها على جدول أعمال الأسبوع التالي.
شملت هذه الملفات قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بطلب التمديد لقوات اليونيفيل، ومشروع قانون استقلالية السلطة القضائية، والتعيينات في مجلس الإنماء والإعمار، بالإضافة إلى التشكيلات القضائية والدبلوماسية، فضلاً عن الإعداد لعقد جلسة نيابية لإقرار مشروعي قانوني السرية المصرفية وإصلاح هيكلية المصارف.
وفي الجزء الأخير من جلسة مجلس الوزراء، حضر الوضع الجنوبي بقوة، حيث قدّم قائد الجيش العماد رودولف هيكل عرضاً مدعوماً بالخرائط والبيانات حول مهام الجيش في الجنوب، في إطار تنفيذ القرار 1701، مشدداً على تنصّل إسرائيل من التزاماتها.
عرض هيكل بالأرقام تنفيذ الجيش اللبناني لآلاف المهمات، مشيراً إلى وقوع 2940 خرقاً إسرائيلياً منذ بدء الترتيبات، وسقوط 190 شهيداً و485 جريحاً من عناصر الجيش.
وأفادت مصادر وزارية بأن المجلس ناقش بعمق مسار تنفيذ القرار 1701، وأوضح قائد الجيش أن نسبة تنفيذ المهام المطلوبة بلغت 90%، لا سيما في ما يتعلق بتفكيك البنى التحتية لحزب الله.
وأشار إلى أن العائق الأساسي أمام استكمال المهمة يتمثّل في استمرار الاحتلال الإسرائيلي للتلال الخمس واستمرار الخروقات.
كما أُنجزت أكثر من 5000 مهمة في جنوب الليطاني، بينها 2500 بشكل منفرد.
وطالب وزراء "القوات اللبنانية" مجدداً بوضع جدول زمني لتسليم سلاح حزب الله خلال ستة أشهر، على غرار ما حصل في عهد حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي، حيث طُلب من الجماعات المسلحة تسليم سلاحها طوعاً للجيش.
وأكّد وزير الصناعة جو عيسى الخوري على الحاجة إلى تقوية الدولة ومأسسة القرار الدفاعي.
ورغم إثارة هذه المواضيع، لم تخرج الجلسة بخلاصة حاسمة حول آلية تنفيذ القرار 1701، فيما جرى التطرق إلى مسألة السلاح الفلسطيني، حيث أشار رئيس الجمهورية إلى أنه سيبحث هذا الملف مع الرئيس الفلسطيني المرتقب وصوله إلى لبنان.
وشدّد قائد الجيش على أن الاحتلال الإسرائيلي هو من يعرقل استكمال انتشار الجيش اللبناني في النقاط المتبقية.
وفي هذا السياق، أكّد وزير الإعلام بول مرقص أن موضوع السلاح سيُطرح في الحكومة بالتوازي مع استمرار الحوار بين رئيس الجمهورية وكافة الأطراف، باعتبار أن القرار في هذا الملف يعود إلى الحكومة وفق بيانها الوزاري.
كما كشف الرئيس ميشال عون عن زيارة مرتقبة لوفد قطري إلى لبنان للبحث في موضوع الكهرباء.
وفي إطار الاتصالات الإقليمية، أجرى الرئيس عون اتصالاً برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، أكدا خلاله على متانة العلاقات بين البلدين، وعبّرا عن رغبة مشتركة بتعزيزها في مختلف المجالات.
من جهة أخرى، أعلن الوزير نواف سلام عن إدراج ملف التعيينات في مجلس الإنماء والإعمار على جدول أعمال الجلسة المقبلة، إلى جانب ملفات التشكيلات القضائية والدبلوماسية، ومشروع قانون استقلالية القضاء.
وذكر أن ترشيحات الهيئات الناظمة قد بدأت، مع إقبال كبير على الترشح.
وفي سياق زيارة رسمية إلى سوريا، كشف الرئيس سلام أنه بحث مع الرئيس السوري أحمد الشرع عدة ملفات، أبرزها ضبط الحدود، مكافحة التهريب، ترسيم الحدود، والمفقودين اللبنانيين والمطلوبين في سوريا، من بينهم المتورطون في تفجيري طرابلس واغتيال كمال جنبلاط وبشير الجميّل، إلى جانب انفجار مرفأ بيروت.
كما تم التطرق إلى أوضاع السجناء السوريين في لبنان، واتُفق على متابعة كل هذه الملفات عبر لجنة وزارية مشتركة.
وشملت المحادثات أيضاً مواضيع التعاون الاقتصادي، الترانزيت، الاستثمارات، وملف النازحين السوريين، حيث شدّد سلام على ضرورة رفع العقوبات عن سوريا لتسهيل عودة النازحين وتنشيط الاقتصاد بما يصب في مصلحة البلدين.
محلياً، عرض وزير العمل محمد حيدر خطة لرفع الحد الأدنى للأجور، وتحديث الوزارة، ودراسة حول سوق العمل.
كما انشغلت الأوساط الرسمية بالتحضيرات لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية المقررة في 4 أيار، حيث أعلن وزير الداخلية أحمد الحجار عن استحداث مراكز اقتراع جديدة لتسهيل العملية الانتخابية.
وفي ملف السلاح، جدد وزير الصناعة جو عيسى الخوري دعوته إلى جمع السلاح غير الشرعي، بدءاً بالمخيمات الفلسطينية، مشدداً على أن هذا الموقف يأتي التزاماً باتفاق الطائف وقرارات حكومية سابقة.
وأكد أن الدول المانحة تربط الدعم برفع مناخ التوتر ونزع السلاح غير الشرعي، مشيراً إلى ضرورة الحوار مع حزب الله لتفادي أي صدامات.
في المقابل، تناول النائب حسن فضل الله ملف الحوار، واعتبر أن الأولوية تكمن في مواجهة العدو الإسرائيلي وتحرير الأرض وإعادة الإعمار، مؤكداً أن مناقشة الاستراتيجية الدفاعية يمكن أن تتم لاحقاً، شريطة أن تكون مع من يؤمن بأن إسرائيل عدو وبسيادة لبنان الكاملة.
سياسياً، عبّر النائب السابق وليد جنبلاط عن تشاؤمه من المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أنه كان يبعث برسائل إلى قيادة حزب الله لتجنّب التورط في الحرب، معتبراً أن الحزب فقد دوره، وأن الوضع في الإقليم ينذر بحرب إيرانية-إسرائيلية واسعة، لن تكون خاطفة.
نيابياً، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع يعقد يوم الثلاثاء المقبل، تمهيداً لجلسة تشريعية تبحث المشاريع الإصلاحية المنتظرة.
يوم الثلاثاء 22 نيسان 2025، لم تهدأ وتيرة الأحداث الصاخبة التي أثّرت رياحها سلباً على الوضع اللبناني، الذي شهد في المقابل مؤشرات تحسّن، رغم تواصل الاعتداءات الإسرائيلية والاغتيالات المتنقّلة التي لم توفّر سائق سيارة مدنية أو "بيك أب" أو مزارعاً عاد من حقله إلى منزله، ما شكّل خرقاً فاضحاً للقرار 1701 وللاتفاق الذي استند إليه إعلان وقف إطلاق النار، الذي التزم به لبنان التزاماً دقيقاً بشهادة اليونيفيل والمجتمع الدولي.
وشكّلت عطلة الجمعة العظيمة والفصح المجيد لدى الطوائف المسيحية مناسبة التقى فيها اللبنانيون على خط الوحدة الوطنية، والعيش الكريم، والتمسّك باستقرار البلد، وسط ارتياح عام لعلوّ صوت الدولة والشرعية.
وقد عبّرت مواقف القيادات اللبنانية من حدث وفاة البابا فرانسيس عن عمق الرسوخ الروحي والأصالة المتجذّرة في المجتمع اللبناني.
وفي سياق التحضير للاستحقاق البلدي، ولا سيّما في بيروت، عُقد اجتماع لهيئة مكتب مجلس النواب في عين التينة بغية إقرار جدول أعمال الجلسة التشريعية المزمع عقدها الخميس، لضمان المناصفة في عضوية المجلس البلدي بين المسلمين والمسيحيين.
وبرزت معلومات عن أن هذا التوازن أصبح على المحك نتيجة التعديلات المطروحة حول صلاحيات محافظ بيروت، وسط محاولات جرت للاكتفاء بتطبيق اللائحة المقفلة على قاعدة المناصفة، متجاهلين تعديلات على مواد قانونية أساسية.
وبقيت قضايا مثل سلاح "حزب الله" والجهات المسلحة الأخرى، ومشاريع الإصلاح الحكومي، والتحضيرات للانتخابات البلدية في صدارة الاهتمام الرسمي والمتابعة المحلية والدولية.
وتوقّع المراقبون أن تعقد الحكومة جلسة الأسبوع المقبل بعد عودة رئيس الحكومة نواف سلام من لاهاي، حيث سلّم خليفته رئاسة محكمة العدل الدولية، كما انتظر عودة الوزيرين ياسين جابر وعامر البساط من واشنطن إثر مشاركتهما في اجتماعات صندوق النقد الدولي، فضلاً عن عودة وزراء آخرين شاركوا في مؤتمرات دولية.
ومن المرجّح أن يتضمّن جدول أعمال الجلسة الحكومية المقبلة تعيينات في مجلس الإنماء والإعمار، على أن تُستكمل الترشيحات لتعيين الهيئات الناظمة للكهرباء والاتصالات والسلكين الدبلوماسي والقضائي، بالتوازي مع دفع مشروع الإصلاح القضائي قدماً.
وذكرت مصادر وزارية أن مشروع قانون سدّ الفجوة المالية أدرج أيضاً على طاولة البحث، في سياق استكمال المنظومة المالية بعد إرسال قانون إصلاح المصارف إلى البرلمان.
لكن التطورات السياسية حملت مؤشرات على تصعيد في الخطاب، مما كشف أن معالجة ملف السلاح تتطلّب بداية تهدئة داخلية، ووقف السجالات الإعلامية، وترك المسألة للرؤساء المعنيين، إلى جانب دعم أميركي يسرّع انسحاب جيش الاحتلال من النقاط التي لا يزال يحتلها، ويوقف الاعتداءات اليومية، بما فيها الاغتيالات والتدمير الذي طال البنى التحتية، وهو ما حال دون استكمال انتشار الجيش اللبناني، ما صعّب من مهمة إقناع "حزب الله" بالتخلّي عن سلاحه من دون ضمانات سياسية وأمنية واضحة.
وبخلاف ما أُشيع، علمت "اللواء" أن أي وفد من "حزب الله" لم يزر الرئيس ميشال عون، كما لم يُحدَّد موعد للقاء مرتقب لبدء حوار ثنائي، ولم تُحدَّد آلية الحوار أو مستوى التمثيل فيه.
وأوضحت مصادر رسمية أن رئيس الجمهورية هو المولج بفتح ملف الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية الوطنية، متى هدأت الأجواء وتوقّف العدوان، بينما أوكل إلى رئيس الحكومة نواف سلام متابعة الوضع الميداني بالتنسيق مع الرئيس عون، ولا سيما في ما يتعلّق بإجراءات الجيش في الجنوب، ومصادرة مخازن السلاح، بالتوازي مع اتصالات دولية لوقف العدوان.
أما الملفات الأخرى، وفي طليعتها العلاقات مع سوريا، فبقيت رهينة تطوّرين: أولاً، استكمال السلطات السورية لترتيب أوضاعها الداخلية وعلاقاتها العربية، مع تكثيف زيارات الرئيس المؤقت أحمد الشرع إلى دول المنطقة؛ وثانياً، تشكيل اللجنة الوزارية اللبنانية لمتابعة التنسيق مع سوريا، كما اتُّفق خلال زيارة الرئيس سلام الأخيرة إلى دمشق، بانتظار خطوة مماثلة من الجانب السوري.
أما في ملف السلاح، فقد جدّد الرئيس عون موقفه بعد قداس الفصح في بكركي، مشدّداً على أن الموضوع لا يُعالج إعلامياً بل عبر التواصل الهادئ والمسؤول، مؤكداً قناعته بأن اللبنانيين لم يعودوا يحتملون الحرب أو لغتها، وأن حصرية السلاح بيد القوات المسلحة هي السبيل الوحيد لصون السيادة.
وفي موازاة ذلك، واصل مجلس النواب جلساته عبر لجانه المشتركة لدراسة مشاريع القوانين التي أحالتها الحكومة، ولا سيما مشروع إصلاح المصارف.
وعقدت هيئة المكتب اجتماعاً برئاسة الرئيس نبيه بري لتحديد جدول أعمال الجلسة التشريعية.
وأكد نائب رئيس المجلس إلياس بو صعب أن قانون السرية المصرفية شكّل البند الأول في الجلسة، مشدّداً على رفض أي تأجيل للانتخابات البلدية.
وناقشت الهيئة عدة مشاريع قوانين معجلة ومكررة، من بينها ما يتعلّق بإعادة إعمار الأبنية المتضررة من العدوان، والقطاع التربوي، وقانون الانتخابات في بيروت، وقوانين إصلاحية أخرى تتعلّق بالاقتصاد والعمل والإدارة المحلية.
يوم الأربعاء 23 نيسان 2025، وقّع وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار قرارات دعوة الهيئات الانتخابية في دوائر محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية، محددًا تاريخ الرابع والعشرين من أيار 2025 موعدًا لإجراء الانتخابات البلدية، بدلًا من يوم الأحد الذي صادف عيد المقاومة والتحرير، ما استدعى تغيير التاريخ احترامًا للعطلة الرسمية.
وفي السياق نفسه، ترأس الوزير الحجار اجتماعًا لمجلس الأمن الداخلي المركزي، حضره المحافظون، والمديرون العامون في الوزارة، وعدد من الضباط وفريق العمل.
وأكد خلال الاجتماع أن إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية لم يكن فقط استحقاقًا دستوريًا بل شكل رسالة إيجابية تعبّر عن تمسك الدولة بالديمقراطية وتجديد الثقة بالمؤسسات، مشددًا على أن العملية الانتخابية تُعدّ الانطلاقة الفعلية لعهد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وحكومة الرئيس نواف سلام، الملتزمين باحترام الاستحقاقات.
كما شدد الحجار على ضرورة التزام مبدأ الحياد التام ومنع تدخل الموظفين الرسميين في العملية الانتخابية، وعلى مكافحة الرشاوى والمال السياسي، مؤكدًا على الأجهزة الأمنية التزام الشفافية والنزاهة.
وأوعز للمحافظين عقد اجتماعات لمجالس الأمن الفرعية عشية الانتخابات، وطلب من الأجهزة الأمنية تشديد الإجراءات لمنع أي خلل أمني قد يعكر صفو العملية الانتخابية.
وفي واشنطن، أعلن وزير المال ياسين جابر عن موافقة مبدئية حصل عليها لبنان لرفع قيمة قرض إعادة الإعمار المقدم من البنك الدولي من 250 مليون دولار إلى 400 مليون دولار.
وجاء الإعلان إثر اجتماع عقده جابر والوفد اللبناني المرافق له مع نائب رئيس البنك الدولي أسامة ويدن، حيث كشف أن لبنان سيحصل على قروض ميسّرة بقيمة تقارب المليار دولار، موزعة على الكهرباء (250 مليون دولار)، المياه (256 مليون دولار)، الزراعة (200 مليون دولار)، والقطاع الاجتماعي (200 مليون دولار)، مع فترات سداد قد تصل إلى 50 عامًا.
أما على الصعيد الإداري، فقد أعلن المكتب الإعلامي لوزير الطاقة والمياه جو الصدي عن فتح باب تقديم طلبات الترشح لملء مراكز رئيس وأعضاء الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء، في خطوة طال انتظارها منذ 23 عامًا.
وأكد الوزير الصدي التزامه بتطبيق آلية التعيينات التي أقرها مجلس الوزراء، داعيًا اللبنانيين المقيمين والمغتربين ممن يستوفون الشروط إلى التقدم بطلباتهم للمشاركة في هذه الخطوة الإصلاحية الجوهرية.
دوليًا، أبدت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتيغوس، خلال استقبالها في السفارة اللبنانية بواشنطن، دعم الإدارة الأميركية للبنان، مؤكدة أن الرئيس دونالد ترامب يعتزم زيارة المملكة العربية السعودية، في إطار اهتمامه بالمنطقة.
وأشادت أورتيغوس بشجاعة القيادة اللبنانية الجديدة، لاسيما الرئيس جوزاف عون، الذي وصفته بالقائد المصمم على اتخاذ قرارات جريئة لإخراج لبنان من أزمته، مؤكدة أن الإصلاح وإعادة بناء الدولة واستعادة احتكارها للسلاح هي أولويات لا بد منها.
كما شددت على التزام الولايات المتحدة بدعم لبنان إذا قرر المضي في هذا المسار الإصلاحي.
في موازاة ذلك، كشف مصدر دبلوماسي لصحيفة "اللواء" أن حل الأزمة اللبنانية يمر بأربعة مسارات أساسية: أولها نزع السلاح الفلسطيني وتوطين اللاجئين، وثانيها تجريد حزب الله من سلاحه بالقوة إذا لزم الأمر، وثالثها توقيع اتفاق هدنة مع إسرائيل قد يُبنى على اتفاق عام 1949، ورابعها تدويل القرى الحدودية وتحويلها إلى منطقة منزوعة السلاح والسكان تشكل حزامًا أمنيًا لإسرائيل.
ميدانيًا، تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني، حيث أصابت طائرة مسيّرة إسرائيلية مواطنًا في كفركلا عبر قنابل مسمارية، فيما شن العدو الإسرائيلي غارة على خراج بلدة بيت ليف، وأطلق قذائف مدفعية على أطراف موقع بلاط.
وسُجل تحليق طائرات مسيّرة معادية في أجواء بيروت والضواحي وصولًا إلى مناطق عاليه وعدلون، ما زاد من التوتر الأمني ومخاوف التصعيد.
هكذا، تداخلت الملفات اللبنانية في مشهد معقد، من سعي لاستعادة انتظام المؤسسات والاستحقاقات الدستورية، إلى مواجهات مفتوحة مع الاعتداءات الخارجية، بينما يبقى مصير الإصلاح الحقيقي مرهونًا بإرادة سياسية شجاعة، ودعم دولي يترجم إلى أفعال لا أقوال.
يوم الخميس 24 نيسان 2025، خطا لبنان خطوة إصلاحية بارزة طال انتظارها، من خلال إقرار تعديلات جوهرية على قانون السرية المصرفية الصادر عام 1956 وعلى قانون النقد والتسليف الصادر عام 1963.
وقد أقر مجلس النواب التعديلات المقترحة من الحكومة، بموافقة 87 نائباً ومعارضة عدد من نواب التيار الوطني الحر وبعض المستقلين.
وبعد ساعات على إقرارها، سارع الرئيس جوزف عون إلى توقيع القانون الجديد وطلب نشره في الجريدة الرسمية، ما اعتُبر استجابة سريعة لمتطلبات الإصلاح المالي المطلوبة محلياً ودولياً.
وتضمنت التعديلات رفع السرية المصرفية بشكل كامل عن الحسابات أمام مصرف لبنان، ولجنة الرقابة على المصارف، والمدققين المعينين، مع مفعول رجعي لمدة عشر سنوات.
وقد اعتبر الرئيس نواف سلام أن إقرار هذا القانون شكّل خطوة محورية نحو تعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد، واستعادة حقوق المودعين، وركيزة أساسية لأي خطة تعافٍ شاملة.
وفي سياق متصل، أقر المجلس تعديلات على قانون العمل لإدخال مفهوم "العمل المرن"، بالإضافة إلى مشروع يسمح بإنشاء مناطق اقتصادية لا مركزية للصناعات التكنولوجية، رغم اعتراض بعض النواب خوفاً من التأثير على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
كما تم تعديل قانون النقد والتسليف بما يتيح إصدار عملات لبنانية بفئات تصل إلى مليون ليرة.
أما في ما يتعلق بالاستحقاق البلدي، فسيطر على الجلسة التشريعية موضوع الانتخابات البلدية في بيروت، وما رافقه من نقاشات حادة وسجالات طائفية، كشفت عن عمق الانقسام المذهبي في البلاد، وخصوصاً حول مسألة المناصفة في المجلس البلدي وصلاحيات المحافظ.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس المجلس نبيه بري أن الانتخابات البلدية ستجري في موعدها، وأن لا مجال لتأجيلها تحت أي ذريعة، مشدداً على أن الذهاب نحو الطائفية لا يجوز، وأن النائب هو نائب عن الأمة جمعاء.
وبعد أخذ وردّ، تم الاتفاق على إحالة الاقتراحات المتعلقة ببلدية بيروت إلى لجنة خاصة يرأسها نائب رئيس المجلس الياس بو صعب، على أن تنهي عملها قبل موعد الانتخابات المحدد في 8 أيار.
كما ألمح بري إلى استعداده لعقد جلسة ثانية في حال التوصل إلى توافق سياسي يؤمن المناصفة دون المساس بالصلاحيات الإدارية.
ومن جهته، أوضح الرئيس سلام أن الحكومة حريصة على إجراء الانتخابات في مواعيدها، وعلى الحفاظ على وحدة العاصمة بيروت، مؤكداً أن المدينة تحتاج إلى مشاريع إنمائية متكاملة تعيد لها ألقها ودورها الجامع لكل اللبنانيين.
وقد حصلت في هذا السياق تزكية في عدد من بلدات محافظة جبل لبنان، حيث أعلن المحافظ محمد مكاوي أن 36 بلدة فازت بالتزكية.
وفي الجلسة البرلمانية، أقر المجلس اقتراحات قوانين عدة أبرزها تنظيم الهيئة التعليمية في المدارس، وتسوية أوضاع ضباط متعاقدين في الأمن العام.
كما أرجأ مناقشة اقتراحات حساسة، منها المتعلق بحظر تحويل أموال النازحين السوريين، بعد منح الحكومة مهلة شهرين لتقديم خطة شاملة حول ملف النزوح.
وعلى الصعيد المالي، تم تأجيل مناقشة مشروع قانون زيادة مساهمة لبنان في صندوق النقد الدولي بقيمة 423 مليون دولار، بطلب من رئيس الحكومة، لدراسة الجدوى المالية للخطوة في ظل حاجة لبنان إلى مساعدات خارجية.
وفي ما يتعلق بالشأن الخارجي، غادر الرئيس جوزف عون إلى الفاتيكان للمشاركة في جنازة البابا الراحل فرنسيس، على أن يتوجه لاحقاً إلى الإمارات تلبية لدعوة رسمية، في إطار مواصلة الانفتاح اللبناني على المجتمع الدولي.
وفي ختام الجلسة التشريعية، رفع الرئيس بري الجلسة بعد تلاوة محضرها، على أن تُستأنف مساءً، حيث سقطت صفة العجلة عن اقتراح قانون حظر تحويل أموال النازحين، في ظل غياب خطة حكومية واضحة حتى اللحظة.
وهكذا، بدا المشهد اللبناني منقسماً بين خطوات إصلاحية حيوية تحققت في مجلس النواب، وسجالات سياسية حول ملفات محورية، وسط رهان على التوافق الداخلي والمساعدة الدولية لدفع عجلة الدولة إلى الأمام.
يوم الجمعة 25 نيسان 2025، سدَّد لبنان الرسمي إسهامات إيجابية، أعادت له شيئاً من الاعتبار على الساحة الدولية، أبرزها إقرار قانون السرية المصرفية، في خطوة إصلاحية حملت إشارات واضحة إلى التزامه بخريطة الطريق نحو إعادة بناء مستقبله السياسي والاقتصادي والإنمائي.
وفي هذا الإطار، عبّر مسؤولون في صندوق النقد الدولي عن ارتياحهم لإلغاء السرية المصرفية وتعديل قانون النقد والتسليف، وهما من المطالب الرئيسية للصندوق.
كما نالت الخطوة إشادة أميركية وفرنسية وبريطانية، حيث اعتبرت نائبة الموفد الرئاسي الأميركي مورغان أورتاغوس أن إقرار القانون يندرج ضمن الإصلاحات الاقتصادية الملحّة، فيما اعتبر السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو أن الخطوة واعدة على طريق ترميم الثقة.
وأعرب السفير البريطاني هاميش كاول عن سعادته بهذا التقدم، مؤكداً أهمية الشفافية للثقة والاستثمار والمحاسبة.
في موازاة ذلك، أعلنت وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد عن اتفاق مع البنك الدولي لتخصيص 200 مليون دولار لدعم برنامج "أمان" للعائلات الأكثر فقراً، ولتوسيع نطاق المستفيدين منه، خصوصاً المتضررين من الحرب، مع التزام الوزارة ببدء الإجراءات اللازمة خلال الأشهر المقبلة.
أما على الصعيد السياسي، فقد افتُتح الأسبوع بسفر رئيس الجمهورية جوزف عون وعقيلته السيدة نعمت عون إلى روما لتقديم واجب العزاء بالبابا فرنسيس.
وتوجّه الرئيس فور وصوله إلى كنيسة القديس بطرس لإلقاء النظرة الأخيرة على الجثمان، مصلياً من أجل روحه.
كما تسلّم دعوة رسمية من رئيس العراق عبد اللطيف جمال رشيد لحضور القمة العربية في بغداد منتصف أيار المقبل.
وكان قد زار قبل مغادرته المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مؤكداً على دور المجلس في رسم السياسات الوطنية، داعياً إلى التمسك بحق الاستشارة وعدم التهاون فيه، ومعلناً التزامه بالوقوف إلى جانب المجلس وأعضائه في كل ما يخدم المصلحة العامة.
من جهته، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري موقفه من ملف سلاح "حزب الله"، مؤكداً أن لبنان لن يتخلى عن أوراق قوته قبل تنفيذ إسرائيل التزاماتها، لا سيما وقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي المحتلة، داعياً إلى مواصلة الحوار بين رئيس الجمهورية والحزب عبر القنوات القائمة، ومعبّراً عن ارتياحه لتمسك الرئيس عون بشروطه الواضحة.
وفي السياق ذاته، ناقش مجلس الوزراء عدداً من القضايا من أبرزها تشكيل الهيئة الناظمة لزراعة القنب الهندي لأغراض طبية، إلى جانب مشاريع قوانين إصلاحية بينها قانون استقلالية القضاء.
وصرّح النائب جورج عقيص بأن هذا المشروع يشكّل فرصة إنمائية لمزارعي البقاع.
نيابياً، واجهت لجنة الدفاع والداخلية والبلديات تحديات زمنية في درس اقتراحات قوانين تتعلق بالانتخابات البلدية، رغم تعيين مهلة شهر من قبل مجلس النواب.
وأعرب رئيس اللجنة النائب جهاد الصمد عن قلقه من ضيق الوقت، مرجّحاً إجراء الانتخابات وفق القانون الحالي، معتبراً أن أي تعديل لبيروت قد يخلق إشكاليات، داعياً إلى اعتماد التوافق والمناصفة حيث أمكن، دون التمسك بالمفاهيم الطائفية التي تضر بالمواطنة.
قضائياً، مثُل رئيس الحكومة الأسبق حسان دياب أمام القاضي طارق البيطار في ملف انفجار مرفأ بيروت، برفقة وكلائه القانونيين، من دون الإدلاء بأي تصريح.
وأكد وكيله رشيد درباس أن دياب أجاب على جميع الأسئلة احتراماً للتحقيق، رغم تقديمه سابقاً دعوى ضد الدولة، مشيداً بأجواء الجلسة.
من جهة أخرى، زار وفد قضائي فرنسي بيروت للاطلاع على آخر ما توصلت إليه التحقيقات اللبنانية وتسليم نتائج تحقيقات فرنسا حول التربة وصور الأقمار الصناعية، تمهيداً لاستكمال التحقيق.
أما في ملف النزوح السوري، فقد استأنف الأمن العام اللبناني عمليات ترحيل اللاجئين من بلدة عرسال، حيث اصطفت الحافلات والشاحنات منذ الصباح عند معبر الزمران في الجرود لنقل الدفعات الجديدة، في إطار خطة إعادة النازحين إلى بلادهم.
هكذا بدت صورة المشهد اللبناني في تقاطع الملفات كافة، بين انطلاقة إصلاحية محتشمة، واستحقاقات داهمة، وتوازنات دقيقة في السياسة الداخلية والخارجية، فيما يبقى الرهان على قدرة الدولة على الاستمرار في تقديم المبادرات الجدية والمضي في مسار استعادة الثقة.
يوم الأحد 27 نيسان 2025، في تطور خطير، شهد لبنان ثالث عدوان إسرائيلي من نوعه بعد وقف إطلاق النار، إذ استهدفت طائرات إف-35 مبنى مخصصاً لتقديم المساعدات والخدمات الاجتماعية في الضاحية الجنوبية، بذريعة احتوائه على مخزن أسلحة تابع لحزب الله، وهو ما دحضته طبيعة الحرائق والانفجارات في المكان الذي أصيب بثلاثة صواريخ إسرائيلية.
وقد جاءت هذه الاستباحة للضاحية بعد أن أخطرت إسرائيل الولايات المتحدة مسبقاً، في حين لم تتجاوب واشنطن مع الطلبات اللبنانية لردع الاستهداف، مما أثار غضب الجانب اللبناني.
واتضح أن تل أبيب لعبت على توقيت الجدل الدائر حول مسألة تسليم حزب الله سلاحه للدولة اللبنانية، معتبرة أن الضاحية معرضة للاستهداف في أي لحظة.
وذكرت مصادر سياسية مطلعة أن الاعتداء طغى على المشهد السياسي وفرض تساؤلات عن المرحلة المقبلة، وما إذا كانت هذه الغارة بمثابة رسالة ضغط إسرائيلية في ملف السلاح.
وأكدت المصادر أن هذا التصعيد سيدخل ضمن دائرة ردود الفعل الرسمية، فيما جرت اتصالات للتحضير لعقد جلسة لمجلس الوزراء خلال الأسبوع، إذا سمحت الظروف بذلك.
في سياق متصل، كان يُنتظر أن يستأنف رئيس الجمهورية محطاته الخارجية، بهدف إعادة بناء علاقات لبنان مع محيطه العربي، غير أن الاعتداءات الإسرائيلية المتلاحقة أرجأت هذه الخطط.
وقد سبق الاعتداء الأخير ثلاث غارات نفذها الطيران المسيّر، تزامنت مع تسريب خبر عن طلب جيش الاحتلال من الأهالي إخلاء منطقة الحدث، وهو ما حدث بالفعل.
وعليه أجرى الرئيس ميشال عون اتصالات مع أطراف دولية، بينها ممثلو الدول الأعضاء في لجنة مراقبة وقف إطلاق النار.
وأدان الرئيس عون الاعتداء الإسرائيلي، مشدداً على رفض الاعتداءات على سيادة لبنان وسلامة أراضيه تحت أي ذريعة، ومطالباً الولايات المتحدة وفرنسا، كضامنين لتفاهم وقف الأعمال العدائية، بتحمّل مسؤولياتهما وإجبار إسرائيل على التوقف الفوري.
كما نبّه إلى أن استمرار إسرائيل في تقويض الاستقرار قد يفاقم التوترات ويعرض أمن المنطقة للخطر.
وأفادت المعلومات أن الرئيس عون أجرى اتصالات بالعضوين الأميركي والفرنسي في لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، داعياً إلى تحرك فوري لوقف الاعتداءات.
بدوره، أدان رئيس الحكومة نواف سلام استمرار إسرائيل في اعتداءاتها، وطالب الدول الراعية لاتفاق وقف الأعمال العدائية بالتحرك العاجل لإيقافها وتسريع الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية.
وأكد سلام أن لبنان التزم بكامل مندرجات القرار 1701، وأن الجيش اللبناني واصل عمله في بسط سلطة الدولة وحصر السلاح بيدها وحدها.
من جهتها، دعت وزارة الخارجية الدول الراعية لترتيبات وقف الأعمال العدائية للضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها المتكررة، مؤكدة استمرار اتصالاتها مع الدول الشقيقة والصديقة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لما تبقى من أراض لبنانية محتلة.
على صعيد الأمم المتحدة، أعربت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، عن قلقها عبر منصة "إكس"، محذّرة من تجدد العنف وداعية جميع الأطراف إلى احترام تفاهم وقف الأعمال العدائية والقرار 1701.
وفي المقابل، صعّد الاحتلال تهديداته، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، في بيان مشترك، أن الجيش الإسرائيلي استهدف بنية تحتية لتخزين صواريخ حزب الله في الضاحية، مشددين على أن الضاحية لن تكون ملاذاً آمناً لحزب الله، وأن الحكومة اللبنانية تتحمل المسؤولية عن منع التهديدات ضد إسرائيل.
وكشفت الإذاعة الإسرائيلية أن تل أبيب أبلغت واشنطن مسبقاً بالهجوم، بينما ادعى كاتس أن إسرائيل انتظرت 72 ساعة لكي تقوم الحكومة اللبنانية بالكشف عن المبنى، وعندما لم تفعل، بادرت إسرائيل إلى التحرك.
وفي تطور آخر، كشف نتنياهو أن حزب الله أرسل ثلاثة أجهزة "بيجر" إلى إيران للفحص، ما عجل بتنفيذ الغارة، مضيفاً أن قرار استهداف السيد حسن نصر الله اتخذ بسرية تامة ولم يُبلغ الأميركيين به إلا حين كانت الطائرات المقاتلة في الجو.
وأكد نتنياهو أن "نصر الله قُتل"، معتبراً إياه شخصية لا يمكن استبدالها.
ميدانياً، تعرض شارع الجاموس في منطقة الحدث لغارة إسرائيلية أدت إلى تدمير مبنى واشتعال النيران.
في جانب آخر من التطورات، عاد الرئيس عون وعقيلته نعمت عون إلى بيروت من الفاتيكان بعد مشاركتهما في تشييع البابا الراحل فرنسيس، بحضور نحو 170 رئيس دولة وزعيم عالمي، حيث أجريا لقاءات مع عدد من القادة على هامش مراسم التشييع.
داخلياً، شهدت الساحة السياسية إقرار قانون السرية المصرفية، وهو ما رحب به نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي ميغيل كلارك، مؤكداً استمرار انخراط الصندوق في إعداد حزمة الإصلاحات للبنان.
بلدياً، تواصلت التحضيرات لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في جبل لبنان، في ظل مشهد تحالفي متحرك في العاصمة بيروت، حيث أدى عزوف تيار المستقبل عن المشاركة إلى نشوء عدة لوائح انتخابية.
وأكد مرجع بيروتي أن التحالفات تدور بين ثنائي أمل وحزب الله، والنائب فؤاد مخزومي، وجمعية المشاريع الإسلامية، والتيار الوطني الحر، وحزب القوات اللبنانية، بالتنسيق مع الوزير والنائب السابق ميشال فرعون.
وفي ظل هذه التحركات، سعى النائبان وضاح الصادق ونبيل بدر إلى تشكيل لائحتين إضافيتين، ما رفع عدد اللوائح الأساسية المتوقعة إلى ثلاث على الأقل، إلى جانب محاولات أخرى لتشكيل لوائح بديلة.
وفي هذا السياق، عبّر نائب بارز عن قلقه من إعادة فتح النقاش حول المناصفة في مجلس بلدية بيروت، محذراً من إثارة سجالات طائفية قبل فترة قصيرة من الانتخابات، داعياً إلى تحقيق المناصفة عبر التوافق السياسي والعائلي بدلاً من التعديلات القانونية المتسرعة.
قضائياً، وصل وفد قضائي فرنسي إلى بيروت حاملاً خلاصة تحقيقات انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 آب، مما أعاد ملف المحاسبة القضائية إلى الواجهة.
يوم الإثنين 28 نيسان 2025، استفاقت الضاحية الجنوبية إلى حياتها الطبيعية بعد استهداف الحدث مساء أمس الأول، واكتشف المعنيون انعدام أي مبرر للعدوان.
واتجهت الأنظار نحو إجراء الاستحقاق البلدي والاختياري يوم الأحد المقبل في الرابع من أيار، كخطوة على طريق اللامركزية الإنمائية والإدارية، التي شدد عليها رئيس الحكومة نواف سلام مع إطلاق غرفة العمليات لإدارة الانتخابات من وزارة الداخلية.
بقيت المواضيع المالية والمصرفية في الواجهة، حيث ناقشت لجنة المال والموازنة مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 193 المتعلق بإصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها، وذلك في جلسة دعت إليها اللجنة برئاسة النائب إبراهيم كنعان.
وقد أحالت حكومة نواف سلام المشروع قبل أيام.
وكشف وزير المال ياسين جابر أن الحكومة أبلغت صندوق النقد والبنك الدولي نيتها إقرار قانون هيكلية المصارف سريعًا لإعادة إطلاق القطاع المصرفي، وليس للقضاء عليه، محذرًا من أن لبنان بات على اللائحة الرمادية وقد يُوضع على اللائحة السوداء إذا لم تُقر قوانين الإصلاح المالي.
في موازاة ذلك، بقي لبنان منشغلاً بمتابعة تداعيات العدوان الإسرائيلي الأخير على الضاحية الجنوبية، وبالاتصالات الرامية إلى وقف الاعتداءات، رغم الانشغال بتحضيرات الانتخابات البلدية والاختيارية التي تبدأ الأحد المقبل في محافظة جبل لبنان.
وقد بدأ تقديم طلبات الترشيح لانتخابات محافظتي الجنوب والنبطية في سرايا صيدا والنبطية، وسط إقبال ملحوظ، لا سيما في النبطية وقراها، رغم الأضرار الناتجة عن العدوان ومنع إعادة الإعمار.
ومن المقرر أن يزور رئيس لجنة الإشراف الخماسية على وقف إطلاق النار، الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، لبنان غدًا، حيث يلتقي كلًّا من رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، وذلك بعد سلسلة اتصالات أجراها المسؤولون اللبنانيون مع اللجنة ومرجعية الأمم المتحدة لتحميل مسؤولية الاعتداءات إلى الدولتين الراعيتين لاتفاق وقف إطلاق النار، الولايات المتحدة وفرنسا.
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة أن مسار اتفاق وقف إطلاق النار شكل محور مباحثات لجنة مراقبة وقف إطلاق النار مع المسؤولين اللبنانيين، إضافة إلى مسألة انتشار الجيش في الجنوب والتعاون معه في تنفيذ مهماته.
وفي سياق متصل، أشارت المصادر إلى أن زيارة رئيس الجمهورية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة تناولت بحث عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، في إطار تعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، مع الإشارة إلى أن الزيارة قد تفضي إلى اتخاذ قرارات تؤكد الثقة بعهد الحكومة الحالية، خصوصًا لجهة التنسيق لرفع الحظر عن سفر الخليجيين إلى لبنان.
ودار جدل بين مصادر أميركية ولبنانية بشأن ما حدث في المستودع المستهدف في منطقة الحدث، حيث ذكرت المصادر الأميركية أن إسرائيل أبلغت واشنطن بنيتها استهداف المستودع ما لم يدخل إليه الجيش اللبناني، في حين أكدت مصادر عسكرية لبنانية أنها لم تتبلغ مسبقاً بالضربة الإسرائيلية، وأنه لم تكن هناك صواريخ دقيقة داخله، وإلا لانفجرت المنطقة برمتها.
وشدد رئيس الجمهورية جوزاف عون أمام وفد مجلس الشيوخ الأميركي على أن انسحاب إسرائيل من التلال الخمس يشكل ضرورة للإسراع في استكمال انتشار الجيش حتى الحدود، مؤكداً أن حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية قرار اتُخذ، ومن غير المسموح العودة إلى لغة الحرب.
كما أكد الرئيس جوزاف عون للوفد الفرنسي أن الجيش يقوم بواجباته في منطقة شمال الليطاني وينتشر على الحدود الشمالية والشرقية، حيث يتولى حماية الحدود، ومكافحة الإرهاب، ومنع تهريب البشر والمخدرات عبر البر والبحر، إضافة إلى الحفاظ على الأمن الداخلي، رغم قلة عديده وتجهيزاته وضعف رواتب أفراده مقارنة بالأوضاع المعيشية الصعبة.
وزار وفد مجلس الشيوخ الفرنسي الذي ضم إتيان بلان ولوي هيرفي وجيزيل جوردا، رئيس مجلس النواب نبيه بري بحضور مستشاره د.
محمود بري، حيث تناول اللقاء الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا.
بلديًا، أطلقت غرفة العمليات للانتخابات البلدية في وزارة الداخلية، بحضور الرئيس نواف سلام ووزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار وكبار الموظفين.
وأكد سلام جهوزية الدولة لإجراء الانتخابات، مشددًا على أهمية هذا الاستحقاق في تعزيز اللامركزية الإدارية، ومشيدًا بالتدابير الأمنية واللوجستية المتخذة لضمان حسن سير الانتخابات.
ودعا سلام الشباب اللبناني إلى الترشح والمشاركة، معتبراً أن هذه الانتخابات تمثل فرصة لتجديد الحياة السياسية، وأن تحقيق اللامركزية الموسعة يبدأ من هذه الخطوة.
وأوضح أن الحكومة ستعمل بعد الانتخابات على مشاريع تعزز دور البلديات وتحقق اللامركزية.
من جانبه، أكد الوزير الحجار أن وزارة الداخلية جاهزة للاستحقاق الانتخابي في موعده، مشيراً إلى أن قوى الأمن والجيش جاهزون ميدانياً، وأن الدولة لن تخضع لأي أجندة خارجية أو تأثيرات إسرائيلية.
وعلى صعيد انتخابات بلدية بيروت، استمرت الاتصالات لتشكيل لائحة توافقية تؤمن المناصفة داخل المجلس البلدي، مع بقاء المشهد ضبابياً رغم التحركات الجارية بين النائب فؤاد مخزومي، جمعية المشاريع الإسلامية، النائب نبيل بدر وبعض مسؤولي تيار المستقبل.
وفي سياق متصل، استقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان النائب وضاح الصادق الذي أطلعه على مساعيه لإجراء جولات مع شخصيات سياسية لبحث تعديل القانون البلدي الخاص ببيروت.
ودعا الصادق إلى تشكيل لائحة مستقلة تضم كفاءات بيروتية بعيداً عن التجاذبات الحزبية والسياسية.
تزامناً، استمر الإعلان عن تشكيل اللوائح في العديد من قرى وأقضية جبل لبنان، في وقت بقيت الاتصالات قائمة في الضاحية الجنوبية لحسم اللوائح، لا سيما في بلدية الغبيري، حيث وجدت لائحتان: واحدة مكتملة لحزب الله وحركة أمل، وأخرى برئاسة ليلى علامة.
وجرت محاولات لضم علامة إلى لائحة الثنائي لتفادي المعركة الانتخابية، دون التوصل إلى نتيجة حتى عصر الأمس.
أما في حارة حريك، فقد تشكلت لائحة مكتملة برئاسة زياد واكد بدعم من العائلات، حزب الله، حركة أمل، والتيار الوطني الحر، بينما واجهتها لائحة تضم سبعة مرشحين من العائلات المسيحية.
ميدانياً، واصل العدو الإسرائيلي اعتداءاته، حيث أطلقت مسيرة إسرائيلية فجراً صاروخاً جو-أرض على سهل المجيدية دون تسجيل إصابات.
كما شنت مسيرة إسرائيلية أخرى غارة استهدفت أرضاً مفتوحة قرب بلدة عيترون، وألقت قنبلة صوتية قرب أحد رعاة الماشية بمحيط بركة النقار جنوب بلدة شبعا.
وظلت الطائرات المسيّرة الإسرائيلية تجوب أجواء بيروت، الضاحية الجنوبية، قرى الجبل والبقاع.
وصرح جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه نفذ خمسين عملية قصف ضد أهداف في عموم لبنان خلال الشهر الأخير.