نحو دبلوماسية ماسّية

كتب أنطوان فضّول.
يشهد لبنان في عهد الرئيس جوزاف عون حراكًا دبلوماسيًا متجدّدًا يضعه من جديد في دائرة التفاعل الدولي والإقليمي، بعد فترة طويلة من الجمود والفراغ الذي انعكس سلبًا على موقعه في الخارطة السياسية العالمية.
فإعادة اعتماد سفراء جدد لدى عدد من الدول الصديقة والشقيقة شكّلت إشارة واضحة إلى أن الدولة اللبنانية تعيد ترميم جسور التواصل مع المجتمع الدولي، وتسعى إلى تثبيت حضورها ومصالحها عبر القنوات الدبلوماسية الشرعية.
في هذا السياق، تسلّم رئيس الجمهورية أوراق اعتماد سفراء كل من أوزبكستان، المكسيك، فنزويلا، الصين، فلسطين، كندا، والسلفادور، في خطوة عكست حرص لبنان على تنويع شراكاته الدولية وتفعيل العلاقات الثنائية مع مختلف القارات.
كما استقبل الرئيس السفير أسامة خشاب، المعتمد لدى مملكة السويد، والسفير فرح فرح، المعتمد لدى جمهورية سيراليون، وتمنّى لهما التوفيق في مهامهما الجديدة.
من جهتهما، شكر السفير خشاب والسفير فرح رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء على الثقة الممنوحة، وأكدا التزامهما العمل لما فيه مصلحة لبنان، بما يعكس صورة إيجابية عن السلك الدبلوماسي اللبناني واستعداده لتعزيز حضور البلاد في الخارج.
هذا التوجّه، الذي يتّسم بجدّية وواقعية، يهدف إلى تعزيز شبكة العلاقات الثنائية التي طالما مثّلت ركيزة أساسية لحماية لبنان ودعمه في مواجهة أزماته السياسية والاقتصادية.
ومن خلال تجديد السلك الدبلوماسي، فإن العهد الحالي يعطي رسالة بأن لبنان لا يزال يتمسّك بمكانته كجسر تواصل وحوار، وأنه يحرص على مدّ اليد إلى الدول الشقيقة والصديقة بما يخدم الاستقرار الداخلي والانفتاح الخارجي.
إعادة تعيين واعتماد سفراء جدد، تعبّر عن عزم الدولة على تفعيل دور وزارة الخارجية وممثلياتها في الخارج.
فالسفير هو صوت لبنان وصورته في عواصم القرار، ومن خلاله يمكن تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الاقتصاد والثقافة والتعليم والاستثمار.
كما أنّ هذا الانفتاح يعكس رغبة لبنان في كسب المزيد من الدعم السياسي والدبلوماسي لقضاياه، ولا سيما في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تحيط به.
إنّ هذه الخطوات تؤكد أن الرئاسة الجديدة وضعت نصب أعينها إعادة الاعتبار إلى الدبلوماسية اللبنانية، باعتبارها واجهة أساسية للدولة ووسيلة ناجعة لتأمين مصالحها العليا.
فالمشهد الجديد في قصر بعبدا يوحي بأن لبنان يستعيد تدريجيًا دوره في المجتمع الدولي، عبر تفعيل التمثيل الدبلوماسي وتطويره بما يتلاءم مع المرحلة الراهنة.
وفي ضوء هذا الحراك، تترقّب الأوساط السياسية والاقتصادية انعكاساته على مستقبل المفاوضات الدولية الجارية مع المؤسسات المالية والدول المانحة، إذ يشكّل تجديد التواصل الدبلوماسي مدخلًا ضروريًا لإعادة الثقة بلبنان كدولة قادرة على إدارة علاقاتها الخارجية بفعالية.
ومن شأن هذا المناخ أن يفتح الباب أمام المزيد من الدعم الدولي والمبادرات الاقتصادية، بما يساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني وتثبيت الاستقرار الداخلي على أسس صلبة.