رسالة جعجع تنقض رسالة قاسم
كتب أنطوان فضّول:
رسالتان نقيضتان تلقتهما الترويكا الرئاسية اللبنانية، عون وبري وسلام.
الأولى من الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، والثانية من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، عكستا حجم الانقسام في البلاد.
في رسالة نعيم قاسم، بدا التركيز واضحًا على ضرورة التزام الرؤساء الثلاثة بمنهج يراعي «ثوابت المقاومة» في مواجهة التحديات، وهي دعوة تحمل في طياتها رغبة صريحة في التأكيد على التمسك بالسلاح والتشديد على أن أي قرار وطني يجب أن يُبنى على قاعدة التنسيق مع المقاومة وليس تجاوزها.
مضمون الرسالة بدا محمّلًا بإشارات تحاول رسم حدود ما يمكن وما لا يمكن المسّ به في موقع الحزب ودوره داخل الدولة.
في المقابل، توجّه سمير جعجع في كلمته إلى الرئيسين جوزاف عون ونواف سلام بدعوة واضحة إلى عدم التساهل أو التباطؤ في نزع السلاح غير الشرعي، معتبرًا أن الدولة لا يمكن أن تستعيد عافيتها ما لم تُحصر القوة المسلحة داخل المؤسسات الشرعية وحدها.
أما الرئيس نبيه بري فطالبه بالانصياع لإرادة الأكثرية النيابية في ما يتعلق بالقانون الانتخابي.
تتجلى المفارقة بين الرسالتين في أنهما تنطلقان من رؤيتين متناقضتين تمامًا.
رسالة قاسم تحاول تكريس واقع يقوم على دور حزب الله وسلاحه كجزء من بنية القرار الوطني، بينما رسالة جعجع تهدف إلى قلب هذا الواقع والدفع نحو إعادة بناء السلطة على أساس احتكار الدولة وحدها للسلاح وعودة المؤسسات إلى موقعها الطبيعي كمرجعية وحيدة.
وبين المقاربتين، تتبدّى الهوة العميقة بين مشروعين سياسيين لا يلتقيان:
مشروع يعتبر المقاومة عنصر حماية لا غنى عنه، وآخر يرى فيها عبئًا يقيّد الدولة ويمنع قيامها.
هكذا تصبح الرسالتان تعبيرًا واضحًا عن الانقسام البنيوي الذي يشقّ الساحة اللبنانية ما يجعل المشهد السياسي أكثر تعقيدًا ويؤشر إلى أن طريق التفاهم لا يزال طويلًا وشاقًا.
الأحد (7/12/2025)