تحوّل مرتقب في سياسة نتنياهو

كتب أنطوان فضول:
في إسرائيل بداية تحوّل في مقاربة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للملفّين الأمني والإقليمي، إذ يميل ضمنًا الى تجنّب العودة إلى حالة الحرب، ويسعى إلى تهدئة مدروسة تنسجم مع اعتبارات انتخابية داخلية ومع حاجة ملحّة لالتقاط أنفاسه السياسية.
مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي الإسرائيلي، يدرك نتنياهو أنّ فرصه في تحسين رصيده الشعبي باتت مرتبطة بتوفير مناخ من الاستقرار يعيد إلى البلاد دورتها الطبيعية بعد سنوات من التصعيد في غزة ولبنان وسوريا وإيران.
هذا التوجّه الجديد يختلف عمّا اعتمده خلال العامين الماضيين حين شكّلت الحرب بالنسبة إليه ورقة ضغط داخلية ساعدته على تفادي الاستحقاق القضائي وملاحقته بتهم الفساد، وكانت درعًا سياسية تقيه خطر «الاعدام السياسي» الذي تُشكّله المحاكمة.
وتبرز أولى المؤشرات العملية لهذا المسار في تقدّمه بطلب عفو من الرئيس الإسرائيلي بهدف طيّ صفحة محاكمته، وهو تطوّر يُعدّ بالغ الدلالة في التوقيت والغاية.
فإذا ما تمّ قبول هذا الطلب، يصبح نتنياهو في حاجة ماسّة إلى مرحلة هدوء مستدامة يستعيد خلالها صورته أمام الرأي العام، ويعمل على تبييض صفحته السياسية، من دون أن يبقى مضطرًا إلى إطالة أمد المواجهات العسكرية أو استثمار التوترات الإقليمية.
فالحرب التي استخدمها مرارًا لتعديل موازين الداخل لم تعد تشكّل بالنسبة إليه وسيلة مضمونة، بل باتت عبئًا على مشهد انتخابي دقيق يحتاج فيه إلى أصوات الوسط والمعتدلين، وإلى طمأنة المجتمع الإسرائيلي الذي يطالب بالاستقرار وعودة العجلة الاقتصادية إلى طبيعتها.
في موازاة هذا التحوّل، يبدو أنّ الإقليم نفسه، من لبنان وسوريا إلى فلسطين، يتجه إلى مرحلة تحتاج إلى تهدئة دبلوماسية تعزّز فرص السلام الإقليمي وتخفّف منسوب التوتر.
وهذا ما يدركه نتنياهو جيدًا، إذ إنّ أيّ انزلاق جديد نحو حرب واسعة قد يقوّض مسعاه الداخلي ويعيد تسليط الضوء على ملفّه القضائي، بدل أن يُسهِم في طمأنة الإسرائيليين أو تعزيز موقعه الانتخابي.
لذلك، تبدو إسرائيل مقبلة على مرحلة سياسية أكثر حذرًا، وربما أكثر براغماتية، يحاول نتنياهو من خلالها إعادة رسم صورته والانتقال من منطق التصعيد إلى منطق التهدئة، ما لم تطرأ تطورات تفرض إيقاعًا مغايرًا على مسرح المنطقة.
الأربعاء ( 3/12/2025)