مجموعة العمل الأميركية والخيارات المتاحة
كتب أنطوان فضّول:
زيارة مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان إلى بيروت تحمل رسائل تتجاوز الطابع الدبلوماسي.
اللقاءات التي عقدتها المجموعة مع كبار المسؤولين والمرجعيات السياسية والروحية تؤكّد أنّ واشنطن أعادت وضع الملف اللبناني على سكة الاهتمام المباشر، والتفاهمات التي يجري حبكها حول مستقبل الوضع في لبنان ودوره ضمن خريطة الشرق الأوسط.
أظهرت الزيارة أنّ الإدارة الأميركية تتبنى مقاربة شاملة للواقع اللبناني، تتوزّع على ملفات مترابطة.
فمن الملف الشرعي المرتكز على ضرورة حماية المؤسسات الشرعية، وفي مقدّمها الجيش والقضاء، باعتبارهما الضمانة الأخيرة لعدم تفكك الدولة، إلى ملف ضبط الحدود الجنوبية ومسار التهدئة المرتبط بالمفاوضات مع إسرائيل، وصولاً إلى الأزمة المالية والاقتصادية.
عكست اللقاءات اهتماماً أميركيًا بمحاولة إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتنازعة، ودفعها نحو تسويات قابلة للحياة.
في البعد الإقليمي، جاءت الزيارة للتزامن مع صياغة التوازنات بين طهران وواشنطن، انطلاقاً من قناعة أنّ الجنوب بات ساحة اختبار للتعاطي الأميركي – الإيراني غير المباشر.
وواشنطن أرادت التأكيد على محورية تعزيز حضور الدولة اللبنانية وقدرتها على الإمساك بالقرار الأمني والعسكري.
دوليًا، تؤشّر الزيارة إلى أنّ المجتمع الدولي لا يريد انهيار لبنان، لكنه في المقابل لن يقدّم مساعدات بلا شروط.
فالملفات المالية والإدارية والإصلاحية محورية، حيث نقلت المجموعة موقفاً أميركياً ثابتاً يدعو إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي وضبط المالية العامة وإصلاح الإدارة.
زيارة مجموعة العمل الأميركية خطوة مركّبة تحمل رسائل واضحة مفادها أنّ لبنان يقف أمام مفترق طرق: إمّا التوجّه نحو تسويات سياسية تفتح الباب أمام إعادة بناء الدولة واستعادة الثقة الدولية، وإمّا استمرار الدوران في حلقة المراوحة.
وفي كل الأحوال، أعادت الزيارة التأكيد أنّ الملف اللبناني عاد إلى طاولة الاهتمام الأميركي.