مسعود الأشقر

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة تقدير من أنطوان فضّول إلى روح المناضل مسعود الأشقر.
ولد في العام 1956.
والده جوزيف الأشقر.
والدته فريدة مسعود.
متأهل من غريتا أبو ناضر ولهما أربعة أولاد: ماريا، ريسه، ناي وكريستينا.
تلقى دروسه في معهد الحكمة في بيروت، أما تحصيله الجامعي فأنجزه في الجامعة اليسوعية بحصوله على دبلوم في إدارة الأعمال وفي التاريخ.
نصف قرن من الزمن، عاشه مسعود الأشقر مواكبًا لبنان في كل المراحل التي عبرها والتحولات التي تلمسها في المرحلة اللاحقة لاستقلاله وتحرر أبنائه من براثن الاستعمار وعبء الانتداب.
تأثر عميقًا بوالده الطبيب المترفع عن المادة وبوالدته المسؤولة في الصليب الأحمر، فورث منهما نعمة الإيمان بالله وتَبَنِّي رسالة الكنيسة، كما أخذ تلك النظرة الإنسانية والتفاني في سبيل خير المجتمع ونموه الطبيعي ورقيه.
نشأ على حب الوطن، مندفعًا نحو التضحية في سبيله، ملتزمًا قضاياه منذ أن كان تلميذًا على مقاعد المدرسة وتبلور هذا المنحى في حياته طوال المرحلة الجامعية وما بعدها.
شأنه شأن كل مواطن لبناني مؤمن بالديمقراطية والسيادة والحرية، تمسك مسعود الأشقر بـ: - سيادة لبنان واستقلاله .
- تعزيز الحوار البنّاء بين جميع اللبنانيين.
- إقرار قانون عادل للانتخابات النيابية وتخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة لضمان مشاركة الشباب.
- العمل على وقف الهجرة والسعي في سبيل خلق فرص عمل ومكافحة البطالة.
- صون الحريات العامة، وتعزيز الديموقراطية.
- إقرار قانون التعليم المجاني وتعزيز الجامعة اللبنانية.
- إقرار قانون الطبابة المجانية وتأمين البطاقة الصحية لجميع اللبنانيين، وإقرار قانون ضمان الشيخوخة.
- العمل على إصلاح النظام الاقتصادي.
- العمل على إقرار قانون مشدد للمحافظة على البيئة.
.
واكب مسعود الأشقر كل الأحداث التي عاشها لبنان على امتداد النصف الثاني من القرن العشرين، كما عاين التطورات التي شهدها العالم العربي والأسرة الدولية واستشرف تداعياتها على الساحة الداخلية اللبنانية.
هي فترة زمنية، كانت كافية كي تُكسِبَ الأشقر خبرة ومعرفة دقيقة وتسمح له بتكوين رؤيا مستقبلية شاملة.
رافق مجتمع بيروت في كل المراحل التي عبرها.
وأمام كل محطة كان لسكان الأشرفية بنوع خاص، الرفيق الأقرب.
دعم الرئيس الشهيد بشير الجميل، في خطته نحو توحيد المجتمع وحمايته ولاحقًا أيّده في مشروعه التأسيسي للدولة اللبنانية الواحدة ، السيدة ، المستقلة والعصرية.
أسّس معه القوات اللبنانية وشاركه في رسم استراتيجيتها وتنظيمها وتفعيل دورها ورسالتها داخل المجتمع المسيحي وفي قلب العاصمة بيروت.
وأسس وقاد وحدات دفاع بيروت – القوة الخاصة الضاربة التي خاضت أشرس المعارك على مختلف الجهات ضد الجيش السوري الموجود في لبنان والمنظمات الفلسطينية المسلّحة، من موقع مسؤولياته، أشرف على ضبط المنظومة الدفاعية ونبض المقاومة الشعبية والآلية الخدماتية وعمل رغم دقة الظروف وصعوبتها من اجل إبقاء دورة الحياة على طبيعتها.
في السبعينيات كان هاجسه الأول حماية الدولة وصيانة السيادة والاستقلال والدفاع حتى الشهادة عن الأرض والمقدسات والأعراض.
في الثمانينيات تحرك في سبيل وضع حد للتفسخ الذي يضرب الجسم المسيحي وكان خياره العمل من أجل إعادة الوحدة إلى صفوف أبناء القضية الواحدة.
اما في التسعينيات ومطلع القرن الحادي والعشرين فقد صبّ اهتمامه على تحرير مستقبل الأجيال اللبنانية لا سيما الشابة منها من عبودية الإفلاس والإنهيار الاقتصادي والهجرة.
تجربته الأولى في الانتخابات النيابية كانت في العام 2000 حيث خاضها منفردًا وخسرها رغم انه حاز على نسبة من أصوات المسيحيين قاربت 80% من مجموع الذين شاركوا في التصويت.
بعد مخاض عسير عاشه المجتمع اللبناني، ترسخت في داخل الأشقر قناعة باولوية الحوار في مسيرة الوطن وأهمية البحث عن وسائل ثابتة لإعادة اللحمة والإلفة إلى صفوف اللبنانيين.
انتفض على حجم الفساد الإداري كما على منهجية الهدر والسرقة والاحتكار، ودعا إلى تطبيق المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة.
عنوانان سار بوحيهما مسعود الأشقر: خدمة المجتمع والتصدي لعوامل تفككه وانهياره.
انعكست هذه الفلسفة على آلية حركته اليومية فإذا به يتفانى في الخدمة والتضحية والسهر على مصالح الناس والمصلحة العامة.
عندما حمل السلاح، في أواسط السبعينيات، حمله على مضض لكن بكرامة وشهامة وشجاعة ونبل، وذلك بعد أن بلغ الواقع المتردي أقصى درجات الخطر وبعدما تقطعت أوصال الوطن بشكل شبه نهائي ودخل المجتمع اللبناني في معادلة الموت أو الدفاع عن النفس.
بقدر ما آمن الأشقر بهوية لبنان ورسالته المميزة داخل الأسرة الدولية، بقدر ما تمسك بأولوية بناء دولة عصرية مكتملة السيادة والاستقلال قابلة للحياة والنمو والتطور، رغم ما تحمل فوق أكتافها من عبء الديون والمشاكل الداخلية المتأتية من تداعيات حرب طاحنة لم يسلم قطاع واحد من شظايا بركانها.
تبقى اليوم معضلة البطالة والهجرة وخطر إفراغ لبنان من مبدعيه وكوادره ونخبه الشابة، المحرك الذي دفع مسعود الأشقر ولا يزال إلى متابعة نضاله السياسي والاستمرار في محاولاته الهادفة إلى اختراق المنظومة التقليدية المتحكمة بمقدرات البلاد ومسارها.
مسيرة مسعود الاشقر ونضاله وتطلعاته لا تختصر بصفحات معدودة، إنها صدى لهمسات قوافل من الشهداء والمناضلين والرجالات الرجال، حملوا معه المشعل من أجل فجر مشع ومشرّف.
منهم من غاب، ومنهم من اعتكف ومنهم من ارتضى بملء إرادته وبقناعة راسخة، أن يسلّمه الأمانة، مؤمنًا بمقدرته على العبور فوق هذا المحيط المضطرب بنجاح وريادة.
(إعداد: أنطوان فضّول)